في قصر نايف
الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية يعلن، حسب طريقة البلاغ رقم واحد الصادر من مجلس قيادة الثورة، أنه سيستقبل الأفراد المسحوبة جنسياتهم في موقعين، الأول في مبناه الرئيسي بقصر نايف، والثاني في منطقة الصوابر، والله يصبر المراجعين المسحوبة جناسيهم على مشاوير المراجعات وإحضار الإثباتات والناقص وغير الناقص من أوراق النفي والإثبات.
مشاوير طويلة وعذاب روحي يسكب الملح على جراح تلك الفئة التي لم تخطئ ولم تجرم بحصولها على الجنسية، كزوجات ومطلقات وأرامل الكويتيين، أو الذين منحوا بناء على بند «الخدمات الجليلة»، وترى الإدارة أنهم لم يقدموا أي خدمات جليلة، ولكنهم تم منحهم بواسطة متنفذين سياسيين كبار، لا نعرفهم، الإدارة السياسية تعرفهم، وهم أبخص كالعادة، وفي كل الأحوال ما أكثر الذين قدموا خدمات جليلة لهذا الوطن، طواهم التراب ولم يعلم أحد عنهم، ولم يمنحوا الجنسية، فكل الأمور في بلدنا تسير حسب الأصول، هكذا علمونا من أيام طفولتنا من عصور «مع أحمد قلم وأغسل يدي قبل الأكل وبعده».
قصر نايف هو المكان الذي كانت تنفذ فيه أحكام الإعدام (أيام أول) يعني سابقاً، كان يتم تعليق أجساد المحكوم عليهم بعد إدانتهم في محاكمات قانونية تراعى فيها المبادئ الأصولية، وتصبح الأحكام الصادرة بحقهم من هيئة قضائية مختصة ومستقلة نهائية، أي لها صفة حجية الأمر المقضي، فيستقر العدل وتطمئن النفوس. الآن قصر نايف هو المكان لاستقبال «البدون» الجدد، وتزويدهم بما يثبت أنهم «مستجدون» في خدمة الواقع السياسي، الذي يتغير يوماً بعد يوم، وحسب اجتهادات الأعيان في مجلس الهوية الوطنية.
إعدام المدانين بالأمس في قصر نايف من سلطة مستقلة، واليوم، إعدام بطاقة «كرت» الانتماء للوطن، أما هوية الانتماء فهي لا تحسب بالنقد والأموال، وإنما هي وعي عميق وذكريات غرست نفسها في أرواح أصحابها، لا يمكن إعدامها ولا نفيها، سحب «كرتها» لا يعني غير تعميق العذاب الروحي للأبرياء.