القضاء على الأفيال البيضاء أولوية الأولويات!
عدد موظفي القطاع النفطي في سنة 1972 كان 5 آلاف موظف، وكان الإنتاج 3.2 ملايين برميل حالياً عدد موظفي القطاع النفطي 25 ألفا والإنتاج 2.7 مليون برميل هذا غير الاستعانة بالمصادر الخارجية، إذ يبلغ عدد الموطفين والعاملين فيها 30 ألفا.
ندخل في رحلة عالم الأفيال البيضاء، ففي هذه الفترة الاستثنائية الحكومة تتحرك في فضاء حر من أي ضغوط كان مصدرها البرلمان والضغوط الشعبية بوجهها الشعبوي الاستنزافي الذي يدفع القرار الحكومي نحو الاسترضاءات الشعبية وقبلها الخضوع للابتزاز البرلماني، نعم الحكومة الآن تملك كل القرار وعليه فإن توجهاتها ورُؤاها ينبغي أن تتركز على الاستهدافات المتصلة بالتغيير الجذري العميق المحكوم بالمعايير العلمية بعد استمزاج رأي مراكز الخبرة المحلية والعالمية المنبثقة من تجارب ناجحة، وهنا لا بد من التأشير الى أن مشاريع التطوير كالكائن الحي لا يمكن أن تعيش وتؤتي أُكُلها إلا إذا انغرست في بيئة تحتوي على الشروط الموضوعية الحيوية التي تلائم هذه المشاريع التطويرية، أي لا بد أن تكون هناك عملية إصلاحية واعية وعلمية تزكيها تجارب شاخصة على أرض الواقع لا وجود معها لشعارات وزخارف لفظية تجعجع وليس تحتها طِحْن.
وهنا أنصح أن تكون المشاريع التطويرية مصممة وموضوعة في إطار برنامج عمل حكومي معلن بتفاصيله كأهداف واضحة محكومة بإطار كمي وزمني مصحوب بشرح الأسباب الموجبة له، مما يعني أن هذه المشاريع ستكون تحت رقابة شعبية صارمة، وتستنهض همم كل من توكل لهم مهمة تنفيذها واستشعارهم بالمسؤولية أمام الشعب والجهات الرقابية، وفي ذلك جانب من التربية السياسية الشعبية التي توفر الحصانة ضد رطانة الخطابات الشعبوية الجوفاء التي غص بها الفضاء السياسي في العقود المنصرمة.
لابد من الهجوم الإصلاحي الذي يستهدف اقتلاع غابة الأشجار الشائخة عديمة النفع وتستنفد مياه الري وجهود العناية بلا طائل، وأضحت بالمفهوم الاقتصادي كأفيال بيضاء مقدسة تهدى لمن يريد الملك إهلاك ثروته، إذ يشترط إطعامه أغلى أنواع الطعام والعناية الفائقة به وإلا تعرض هذا لأقسى العقوبات لأنها أفيال بيضاء نادرة ومقدسة.
أخطر هذه الأشجار الراسخة والأفيال البيضاء القطاع العام الذي يحتضن بطالة مقنعة تصل الى 80% لا بد من خصخصته وفق أرشد الطرق والشروط، والاقتصار على النشاط الأمني ونشاط العدالة والاقتصاد وتحول وزارة التعليم والصحة والكهرباء والمواصلات والاتصالات وغيرها الى وزارات تراقب وتقيم وتحاسب على المخالفات، وعلى كل انحراف عن الأهداف وترسم الخطط، وقد ذكرنا أن وزارة التربية سيكون عدد العاملين فيها 4 آلاف بدل العدد الحالي 130 ألفا، وقس على ذلك وزارة الصحة والكهرباء.
ويتزامن مع ذلك فرض التكويت المدعوم (بدعم العمالة) المتساوي بين المواطنين والمشروط بالالتحاق بوظيفة فعلية وإيقاع أقسى العقوبات على الشركات المتلاعبة بهذا الموضوع، وهنا سيكون إحلال منظم ومخدوم بمراكز تأهيلية وتدريبية ومناهج تعليمية تربط التخصصات بسوق العمل وعمليات التأهيل هذه منها ما يكون قصير المدى كشهرين مثلا ومنها ما يمتد الى 6 شهور كي تتوافر المهارات والمعلومات والاستعدادات لمن يشغل الوظيفة، فمثلا محاسبو الزبائن يتم تأهليهم خلال شهرين، وكذلك وظائف أمن المجمعات، وهناك وظائف تحتاج الى استيعاب النظم المحاسبية والإدارية والوظائف الحرفية هذه تحتاج 6 شهور. وهذا الإحلال لا بد أن يرتبط بتخفيض عدد الوافدين بشكل منهجي ومنظم بحيث يكون الهدف أن يتساوى بعد خمس سنوات عدد المواطنين والوافدين.