رثاء العم الفاضل عدنان يوسف المير
رغم تسابق العَبَرات في منحدر الغياب الكبير، ورغم تدافع الدموع في ضباب الكلمات الهائمة أسىً ولوعة، نقول: الحمد لله على كل حال.
كان الظن أن الرجال أصحاب الهمم العالية لا يرحلون هكذا بسهولة حتى جاءنا النبأ الفاجعة، بغياب الرجل الصالح البار أبيض اليدين الذي لم يردّ سائلاً ولم يُعرض عن تقديم يد العون لكل محتاج ومسكين ولم يتوانَ عن دروب الخير يوماً من الأيام.
لقد تركت برحيلك أيها العم الفاضل ذكرى غالية لكل من عرفك أو سمع عن مناقبك، واستحققت الثناء من الجميع دون استثناء، فقد كنت من الرجال المؤمنين الفاضلين الساعين إلى أعمال الخير، تساعد الفقير المحتاج ولا تعرف يمينك ما تنفق شمالك وكنت تسعى دون كلل لمساعدة من يستحق المساعدة ومن يطلبها منك دون تردد، إنك، رحمك الله، من الرجال القلائل الذين يتركون حزناً كبيراً أبدياً في قلوب محبيهم، وقد تركت حزنا كبيرا في قلوب محبيك لفقدانك، فأنت رجل تقي قلّ أن يجود الزمان بأمثالك.
رغم معرفتي ومعاصرتي لك، رحمك الله، لكنني تعلمت منها الكثير، وإنني لم أعرفك إلا رجلاً متواضعاً سامي الأخلاق عابداً باراً متصدقاً تقياً صالحاً... ورأيت تلك الهالة البيضاء تحيط بك... ونواياك الطيبة تجاه الجميع، فإلى جنات الخلد أيها الحنون العطوف، فإنك وإن رحلت من دار الفناء الى دار البقاء، فإن ذكراك العطرة ستبقى راسخة في قلوبنا، وإنك ستجد أعمالك الخيرة في ميزان حسناتك بإذن الله تعالى.
سنفتقد صوتك، كلماتك، شهامتك، إنسانيتك، كرمك، صورتك البهية الراسخة في ذاكرتنا... نم قرير العين أيها الأب الحنون، أيها العم البار لكل من عمل معك وتشرف بصحبتك أو عاصرك يوماً من الأيام... نم قرير العين وباسط اليدين فأعمالك خير دليل على كرمك وشهامتك وعطفك وتقواك... نم قرير العين يا صاحب المواقف النبيلة فخصالك الكريمة لا يمكن أن تعدّ أو تحصى ولا يمكن أن يكتبها قلم، فقد كنت قيمةً عظيمةً أضاءت حياتنا بالوفاء أيام العتمة الشديدة، وستظل تعكس ضياءها طول العمر.
نم قرير العين أيها العم «أبو عبدالله » فلقد تركت بيننا من نهل من سمو تربيتك، واستمد من كرم أخلاقك الكثير، وكما يقولون لا تموت ذكرى رجل خلف وراءه أنجالاً كراما نهلوا حسن التربية، وتزينوا بعظيم الأخلاق من مدرسته، وهم لن يتوانوا عن إكمال مسيرتك والتحلي بخصالك.
وداعاً أيها الرجل الباقي في قلوبنا وفي ذاكرتنا.
يا راحلاً عن هذه الدنيا وتاركاً
ذكراك باقية وأنت مخلدُ
قد لا نراك ولا ترانا إنما
في القلب رسمك لم يزل يتجدّدُ