شمس الحرية تشرق على سورية

نظام الأسد سقط في 11 يوماً بعد أكثر من نصف قرن من القمع والرعب
• المعارضة تتفق مع رئيس الحكومة على تسليم السلطة وتضع خطوطاً عريضة للمرحلة الانتقالية
• القوات الأميركية باقية... ومصير الروسية غامض ومحور إيران يتلقى ضربة قاضية
• نتنياهو يعلن انهيار اتفاق فصل القوات وجيشه يحتل قاعدة سورية في الجولان
• احتفالات وتكبيرات وهتافات وزغاريد بساحة الأمويين وعدة مدن
• عودة كثيفة للاجئين سوريين من الأردن ولبنان وتركيا
• ائتلاف المعارضة: سنعمل من أجل «إتمام انتقال السلطة إلى هيئة حكم انتقالية ذات سلطات تنفيذية كاملة»
• موسكو تعلن استقالة حليفها وتؤكد سلامة قواعدها بسورية وتكهنات حول تحطم طائرة بشار بعد إقلاعها لجهة غير معلومة

نشر في 09-12-2024
آخر تحديث 10-12-2024 | 19:14

بعد 11 يوماً فقط، سقط نظام بشار الأسد في سورية، في أعقاب نجاح هجوم المعارضة المسلحة المباغت على حلب وزحفها الدراماتيكي باتجاه الجنوب في تحقيق هدف الاحتجاجات الشعبية التي خرجت قبل 14 عاماً، مطالبة بالحرية والعدالة وحكم القانون.

وبعد 61 عاماً من حكم حزب البعث، و55 عاماً من حكم الأسد، لا يمكن وصف ما جرى بأقل من زلزال داخل سورية أولاً، وفي الإقليم ثانياً، وكذلك على المستوى الدولي، فسورية ليست دولة هامشية، بموقعها الجغرافي والاستراتيجي، وتركيبتها العرقية والاجتماعية وتاريخها وإمكاناتها ومؤهلات ومواهب شعبها.

ويمكن قول الكثير عن سرعة ومباغتة هجوم المعارضة، واستنكاف الجيش السوري عن القتال موقعاً بعد موقع ومحافظة وراء محافظة، ويمكن كذلك قول الكثير عن ترتيبات دولية وراء ما حصل، لكن ما كان مؤثراً بشكل كبير هو سقوط نظام قبض على مصير السوريين بالحديد والدم والنار لنصف قرن وأكثر، بأقل خسائر بشرية ومن دون أعمال ثأر وانتقام وبسلاسة لافتة. وكأن سورية التي شهدت أسوأ الفظائع والارتكابات خلال ذروة الصراع المسلح باتت سورية أخرى اليوم، سورية تتطلع إلى مستقبل من الأمن والاستقرار والازدهار، سورية يقودها نظام سياسي قادر على التعامل بعدالة ومساواة مع جميع مكوناتها وأقلياتها، للحفاظ على وحدة وسلامة أراضيها والبدء في إعادة الإعمار لتعود سورية وتحتل موقعها المحوري في العالم العربي، وهو ما تتمناه الدول العربية الشقيقة، وستعمل على الأرجح من أجله.

في التفاصيل الميدانية، انهارت دفاعات القوات الحكومية بطريقة مفاجئة في دمشق حيث لم يقاتل الجيش السوري وتمكنت المعارضة من الاستيلاء على التلفزيون الحكومي وبث بيان عن سقوط النظام. وخرج السوريون إلى الشوارع للاحتفال، في وقت أفادت معلومات بأن بشار الأسد غادر سورية على متن طائرة باتجاه غير معلوم. واتفقت المعارضة مع رئيس الحكومة محمد غازي الجلالي على تسليم السلطة، في وقت شدد الأخير على ضرورة إجراء انتخابات حرة، داعياً إلى الحفاظ على المؤسسات العامة.

وفي حين لم يتضح مسار العلاقات بين المعارضة والقوات الكردية التي تسيطر على مساحات واسعة من البلاد، أكدت «البنتاغون» أن قواتها باقية في سورية، في وقت يسود الغموض بشأن القواعد الروسية وما إذا كانت السلطات السورية الجديدة ستدعو قوات روسيا التي دعمت الأسد بقوة خلال الحرب الأهلية إلى مغادرة البلاد.

على مستوى استراتيجي آخر، تلقى محور المقاومة الذي تقوده إيران ضربة كبيرة بسقوط الأسد وذلك بعد وقف إطلاق النار في لبنان وصف إلى حد بعيد أنه ليس لمصلحة «حزب الله».

وفي تطور آخر، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو انهيار اتفاق «فض الاشتباك» لعام 1974 مع سورية حول الجولان، وأمر بالاستيلاء على المنطقة العازلة.

وكانت القوات الإسرائيلية عبرت إلى المنطقة العازلة بالفعل لتقوية دفاعاتها، خوفاً من تدفق مسلحين، كما احتلت قاعدة عسكرية سورية واحدة على الأقل وقصفت مخازن أسلحة بمحيط 3 مطارات من بينها مطار دمشق.

ورحبت الكثير من الدول بسقوط نظام الأسد، داعية في الوقت نفسه إلى ضرورة الوصول إلى صيغة انتقالية تقود إلى نظام سياسي جديد يستوعب جميع السوريين. ومن المتوقع أن تكون هناك تداعيات كبيرة للحدث السوري على المنطقة قد تظهر تباعاً في الأيام المقبلة.

في المقابل، برزت تركيا التي دعمت تحرك المعارضة السورية المفاجئ واستقبلت في وقت سابق ملايين اللاجئين كلاعب أساسي في تشكيل المشهد المقبل بدمشق.

وفي تفاصيل الخبر:

بعد 11 يوماً من هجوم خاطف شنته فصائل المعارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام»، تمكنت الفصائل السورية المعارضة من الاستيلاء على العاصمة دمشق وإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد الذي حكم البلاد قرابة 24 عاماً بقبضة من حديد لتنهي بذلك حقبة آل الأسد وحزب البعث التي امتدت نحو 61 عاماً.

ونقلت وكالة «رويترز» عن ضابطين كبيرين في الجيش السوري أن الأسد غادر دمشق على متن طائرة إلى وجهة غير معلومة، أمس، في وقت أعلن رئيس الوزراء محمد غازي الجلالي أنه مستعد لدعم استمرار تصريف شؤون الدولة وللتعاون مع أي قيادة يختارها الشعب من خلال انتخابات حرة.

وعقب دخول قوات من المعارضة لوسط العاصمة دون تسجيل مواجهات مع قوات نظامية أو إراقة دماء، بثّ التلفزيون الرسمي بياناً لعناصر وصفت نفسها بأنها «غرفة عمليات تحرير دمشق» قالت فيه، إن المعارضة تمكنت من إسقاط النظام البائد بعد ساعات من سيطرة فصائل مسلحة على سجن صيدنايا الواقع على مشارف العاصمة لإنهاء «حقبة الظلم» حيث كانت الحكومة السورية تحتجز الآلاف.

وظهر منشور على التلفزيون الرسمي كتب فيه «الثورة العظيمة انتصرت ونظام الأسد سقط». ودعا التلفزيون السوري إلى تجنب إطلاق النار في الساحات والمحافظة على الممتلكات العامة.

وذكر ائتلاف المعارضة أنه سيواصل العمل من أجل «إتمام انتقال السلطة إلى هيئة حكم انتقالية ذات سلطات تنفيذية كاملة».

وقال في بيان: «انتقلت الثورة السورية العظيمة من مرحلة النضال لإسقاط نظام الأسد إلى مرحلة النضال من أجل بناء سورية بناء سوياً يليق بتضحيات شعبها».

ودعا الائتلاف المدعوم من أنقرة القوات السورية الكردية إلى فك الارتباط مع أي تنظيمات أجنبية. وأعلن الائتلاف يوم 8 ديسمبر عيداً وطنياً، بمناسبة إسقاط الأسد.

وقبل ذلك بساعات، أعلنت الفصائل السورية سيطرتها الكاملة على مدينة حمص المهمة بوسط البلاد بعد يوم واحد من القتال، وعقب سيطرتها على مدينتي حلب وحماة الرئيسيتين في شمال غربي سورية قرب الحدود التركية.

أنقرة: سندعم السلطة الجديدة بدمشق أمام التحديات وبالتنسيق مع دول الجوار ويمكن لملايين السوريين أن يعودوا لديارهم

تحذير وسلمية

وفي أول تصريح له بعد دخول دمشق، وجه أبومحمد الجولاني، (أحمد الشرع)، قائد «تحرير الشام» التي أعلنت انشقاقها عن تنظيم «القاعدة» في وقت سابق، تحذيراً لعناصر المعارضة المسلحة من أي محاولة للاقتراب من المؤسسات العامة، مؤكداً أن المؤسسات ستظل تحت إشراف رئيس الوزراء السابق إلى حين تسليمها بشكل رسمي.

وفي خطوة موازية، ظهر الجلالي في بيان مصور موجه إلى الشعب، حيث أكد أنه «لن يترك البلد إلا بصورة سلمية تضمن استقرار المؤسسات العامة»، مشيراً إلى أنه بحث الانتقال السلمي للسلطة مع الجولاني.

ودعا الجلالي المواطنين إلى التفكير بعقلانية، معلناً استعداد الفصائل المسلحة للانفتاح على المعارضين الذين يسعون للتعاون، وضمان عدم التعرض لأي شخص ينتمي إلى سورية.

في موازاة ذلك، أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين أن بعثاتها الدبلوماسية ستواصل دورها في خدمة المواطنين السوريين في الداخل والخارج.

وقالت الوزارة في بيان: «تكتب اليوم صفحة جديدة في تاريخ سورية، لتدشن عهداً وميثاقاً وطنياً يجمع كلمة السوريين، يوحدهم ولا يفرقهم، من أجل بناء وطن واحد يسوده العدل والمساواة ويتمتع فيه الجميع بكافة الحقوق والواجبات، بعيداً عن الرأي الواحد.

وتكون المواطنة هي الأساس»، بينما أصدرت السفارة السورية في قطر بياناً أكدت فيه «تحرير سورية» وشكرت الدوحة على مساندتها للثورة.

الخارجية المصرية: القاهرة تهيب بجميع الأطراف المحافظة على مقدرات الدولة السورية

ابتهاج وعودة

وأطلق مقاتلو الفصائل أعيرة نارية في الهواء للاحتفال بدمشق وعدة مدن، ومزق شبان صوراً للأسد الذي انهارت سيطرته على البلاد مع الانسحاب الصادم للجيش على مدى أسبوع، فيما تداولت منصات لقطات تظهر رئيس الحكومة برفقة مسلحين من المعارضة لتفقد العمل ببعض الوزارات.

وانطلقت التكبيرات من المساجد والهتافات والزغاريد من كل مكان. وأطلقت من المساجد نداءات للناس لالتزام منازلهم وعدم الخروج إلى الشارع. ورغم ذلك، اندفع العشرات باتجاه ساحة الأمويين في العاصمة السورية للاحتفال.

وفي الأحياء القديمة من العاصمة، كان شباب بدا واضحاً أنهم معارضون يهتفون «الشعب السوري واحد»، في رسالة تطمين للأقليات التي تقطن هناك. وزغردت نساء من شرفات المنازل في حي الشاغور فيما رشّ بعضهن الأرز على مسلحين كانوا يتجوّلون ويطلقون النار في الهواء.

وفيما أعلنت إدارة العمليات العسكرية حظراً للتجوال بدمشق من الرابعة عصراً حتى الخامسة فجراً، سجلت حركة عودة كثيفة للاجئين سوريين من الأردن ولبنان وتركيا إلى سورية عبر المعبر الحدودية البرية.

مصير مجهول

وبالتزامن مع الاحتفالات وحالة الترقب التي تسود مناطق الأقليات العرقية والدينية في البلاد تجاه المستقبل، أشارت بيانات من موقع «فلايت رادار» إلى أن طائرة تابعة للخطوط الجوية السورية أقلعت من مطار دمشق في نفس الوقت الذي وردت فيه أنباء سيطرة مقاتلي المعارضة على العاصمة.

وحلقت الطائرة في البداية باتجاه المنطقة الساحلية السورية وهي معقل للطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد لكنها بعد ذلك غيرت مسارها فجأة وحلقت في الاتجاه المعاكس لبضع دقائق قبل أن تختفي عن الخريطة.

ونقلت «رويترز» عن مصدرين أن هناك احتمالية بأن يكون الأسد قد لقي حتفه في تحطم الطائرة لأن الغموض يكتنف سبب تحويلها لمسارها بهذا الشكل المفاجئ وفقاً لبيانات «فلايت رادار».

وقال المصدر السوري: «إذا اختفت من على الرادار فربما تم إغلاق جهاز إرسال الموقع لكنني أعتقد أن الاحتمالية الأكبر هو إسقاط الطائرة» دون أن يدلي بمزيد من التفاصيل.

ترامب: الأسد هرب بعد أن تخلى بوتين عنه وروسيا وإيران في حالة ضعف ويجب وقف الحرب العبثية بأوكرانيا

تباين دولي

وفي وقت تشكل الأحداث نقطة تحول لسورية التي مزقتها الحرب الدائرة منذ 13 عاماً وحولت مدناً لركام وقتلت مئات الآلاف وأجبرت الملايين على النزوح واللجوء، صدرت ردود فعل دولية وإقليمية متباينة بشأن التطورات التي حظيت بترحيب أوسع على عدة مستويات.

وأكدت موسكو التي كانت أبرز داعمي النظام السابق أن الأسد قرر ترك منصب الرئاسة وغادر البلاد دون أن توضح وجهته.

وقالت الخارجية الروسية في بيان: «نتابع الأحداث المأساوية التي تشهدها سورية بقلق بالغ. ونتيجة للمفاوضات بين الأسد، وعدد من المشاركين في النزاع المسلح على أراضي الجمهورية العربية السورية، قرر ترك منصبه مع إعطاء التعليمات بإجراء عملية نقل السلطة سلمياً».

وأشار البيان إلى أن روسيا لم تشارك في هذه المفاوضات، لافتاً إلى أن «القواعد العسكرية الروسية على الأراضي السورية هي في حال تأهب عالٍ. وحالياً لا تواجه سلامتها أي خطر جدي».

ومع حدوث الانهيار المفاجئ بعد تغير جذري في موازين القوى بالشرق الأوسط إثر مقتل العديد من قادة «حزب الله» اللبناني المدعوم من إيران والذي كان يشكل ركيزة أساسية بدعم الأسد في الحرب الأهلية، خلال الشهرين المنصرمين في ضربات إسرائيلية على لبنان، وانشغال روسيا الداعم الرئيسي لدمشق بحربها في أوكرانيا، اعتبر الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، أن الأسد هرب بعد أن لم تعد روسيا بقيادة فلاديمير بوتين مهتمة بحمايته.

وأضاف ترامب الذي تحتفظ بلده بقاعدة عسكرية في منطقة التنف السورية لمحاربة «داعش» بواسطة فصائل مسلحة يغلب عليها المكون الكردي: «لم يكن هناك سبب لوجود روسيا هناك في المقام الأول.. لقد فقدوا كل الاهتمام بسورية بسبب أوكرانيا. روسيا وإيران في حالة ضعف في الوقت الحالي، أحدهما بسبب أوكرانيا والاقتصاد السيئ، والآخر بسبب إسرائيل ونجاحها القتالي».

واستغل ترامب تصريحاته بشأن تطورات سورية ليطالب الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي بوقف الصراع العبثي مع روسيا فوراً.

وفي وقت أكدت «الخارجية الإيرانية»، أن طهران ستتبنى المواقف المناسبة من خلال سلوك الجهات الفاعلة في المشهد السوري، اعتبرت أوكرانيا أن سقوط نظام الأسد نتيجة طبيعية لكل من يعتمد على بوتين.

وفي وقت تواجه الدول الأوروبية التي نبذت الأسد لسنوات معضلة باحتمال وصول فصيل مصنف إرهابياً إلى سدة الحكم في دمشق، رحّب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بسقوط «دولة الهمجية»، مؤكداً التزام باريس «أمن الجميع» في المنطقة.

من جهته، وقبل أن يلتقي أمير قطر تميم بن حمد على هامش مشاركته في «منتدى الدوحة»، صرح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الذي تعتبر بلده أكبر الرابحين بالتحولات الجارية بأن «الشعب السوري سيرسم مستقبل بلده بيده».

ودعا الوزير التركي كل الأطراف الفاعلة في المنطقة وخارجها إلى التصرف بحذر وهدوء قائلاً: «ينبغي عدم جر المنطقة لمزيد من عدم الاستقرار».

وقال فيدان: «يجب الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية وعلى قوى المعارضة أن تتوحد فوراً».

وأكد أن أنقرة ستواصل مع دول الجوار العمل مع الإدارة الجديدة بسورية مستغلة كل القدرات المتوفرة من أجل إعادة بناء هذا البلد.

وذكر فيدان الذي تستضيف بلده نحو 3 ملايين لاجئ سوري، أنه يمكن الآن لملايين السوريين الذين اضطروا لمغادرة بلادهم العودة إليها.

مفاجأة وحذر

ووسط مفاجأة وتيرة الأحداث المتسارعة في سورية العواصم العربية وإثارتها مخاوف من موجة جديدة من الاضطرابات في المنطقة مع وصول جماعات متشددة للسلطة بدمشق، شددت وزارة الخارجية المصرية على أنها تتابع الوضع باهتمام كبير ودعت الأطراف المعنية إلى «صون مقدرات الدولة» وأكدت دعمها للشعب السوري وسيادته ووحدته.

وقالت القاهرة في أول بيان عربي رسمي بشأن التطورات: «تؤكد القاهرة وقوفها إلى جانب الدولة والشعب السوري ودعمها لسيادة سورية ووحدة وتكامل أراضيها».

وأضاف البيان أن مصر «تدعو جميع الأطراف السورية بكل توجهاتها إلى صون مقدرات الدولة ومؤسساتها الوطنية، وتغليب المصلحة العليا للبلاد، من خلال توحيد الأهداف والأولويات وبدء عملية سياسية متكاملة وشاملة تؤسس لمرحلة جديدة من التوافق والسلام الداخلي، واستعادة وضع سورية الإقليمي والدولي».

ولاحقاً، أكدت الخارجية القطرية أنها تتابع باهتمام التطورات في سورية وتدعو إلى الحفاظ على وحدة الدولة، فيما عبر الأردن عن استعداده لتقديم كل المساندة للشعب السوري.

وجاء ذلك بينما أعرب المبعوث الخاص للأمم المتحدة غير بيدرسون عن تفاؤل حذر بالتطورات التي تفتح بابا للتجديد والوحدة والحرية، مطالباً بضرورة البدء في وضع ترتيبات مرحلة انتقالية سلسة وناجحة تحفظ كرامة كل السوريين.

احتفاء وتوغل

ومع ترجيح أن تحتفي إسرائيل، التي أضعفت بشدة «حزب الله» و«حماس» المدعومتين من إيران، بسقوط الأسد أحد حلفاء طهران الرئيسيين في المنطقة، أفيد بأن رئيس الائتلاف الحاكم في الدولة العبرية بنيامين نتنياهو أمر أعضاء مجلس الوزراء بعدم إصدار أي تصريحات بشأن التطورات في ظل المخاوف من احتمالات أن تحكم سورية جماعة متطرفة.

وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي، إنه نشر قوات في المنطقة العازلة الخاضعة لمراقبة الأمم المتحدة مع سورية وفي عدد من النقاط المهمة بغرض الدفاع في ضوء الأحداث الجارية.

وتحدث موقع «والاه» العبري عن إبلاغ الإسرائيليين مقاتلي المعارضة بعدم الاقتراب من الحدود وحذروا من أن إسرائيل سترد بالقوة إذا انتهكوا اتفاق فصل القوات، فيما ترددت أنباء عن توغل دبابات في محافظة القنيطرة جنوب سورية بعد يوم من سيطرة الفصائل المسلحة عليها.

وشنت طائرات حربية إسرائيلية سلسلة غارات على نقاط قيل إنها مراكز أسلحة في محيط مطار دمشق الدولي ومطاري المزة وخلخلة العسكريين خشية من وصولها إلى أيدي الثوار.

ولاحقاً، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن قواته استولت على منطقة عازلة وقاعدة عسكرية سورية في مرتفعات الجولان.

وقال نتنياهو، إنه لن يسمح لأي قوة معادية ببناء نفسها قرب الحدود، معتبراً أن اتفاق فض الاشتباك الموقع عام 1974 قد انهار، ومؤكداً أن سقوط الأسد جاء نتيجة الضربات التي وجهتها إسرائيل لـ «حزب الله» وإيران.

«قسد»: فرصة لبناء سورية ديموقراطية

أشاد قائد «قوات سورية الديموقراطية» مظلوم عبدي، أمس، بـ«لحظات تاريخية» يعيشها السوريون مع سقوط النظام «الاستبدادي» الذي حكم البلاد لنحو ربع قرن.

وقال عبدي، الذي تلقى قواته دعما أميركيا، ويشكل الأكراد عمودها الفقري، في بيان، «نعيش في سورية لحظات تاريخية ونحن نشهد سقوط النظام الاستبدادي في دمشق».

واعتبر أن «هذا التغيير فرصة لبناء سورية جديدة قائمة على الديموقراطية والعدالة تضمن حقوق جميع السوريين». ومنذ بدء تقدم فصائل المعارضة، أبدى قائد «قسد» استعداداً للحوار مع «هيئة تحرير الشام»، معتبراً أن تقدمها فرض «واقعا سياسيا جديدا» في البلاد.

وقال عبدي، للصحافيين في مدينة الحسكة (شمال شرق)، الجمعة، «نريد أن ينخفض التصعيد مع هيئة تحرير الشام والأطراف الأخرى، وأن نحل مشاكلنا عن طريق الحوار» بما في ذلك مع تركيا.

واعتبر أن «أسس الحل السياسي تتشكل أكثر من السابق، ولأننا لم نكن موجودين بالمفاوضات السابقة من أجل الحل في سورية لم تتكلل بالنجاح»، مضيفا: «الآن هناك تواصل من قبل الأمم المتحدة لأجل أن نكون موجودين في الحل السياسي».

واستثني الأكراد من كلّ جولات المفاوضات السابقة التي خاضها النظام مع فصائل معارضة. وبعد عام 2012، أعلن الأكراد إقامة «إدارة ذاتية» في مناطق نفوذهم (في الشمال والشرق)، بعد انسحاب قوات النظام من جزء كبير منها من دون مواجهات، وتوسعت هذه المناطق تدريجيا بعدما خاض المقاتلون الأكراد بدعم أميركي معارك عنيفة لطرد تنظيم داعش.

وفي عام 2015، تأسست «قسد»، وعمودها الفقري وحدات حماية الشعب الكردية، وضمنها فصائل عربية وسريانية مسيحية، وباتت تعد اليوم بمنزلة الجناح العسكري للإدارة الذاتية.

وتصنف أنقرة الوحدات الكردية، منظمة «إرهابية» وتعتبرها امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمرداً ضدها على أراضيها منذ عقود.

ومنذ عام 2016، شنت تركيا ثلاث عمليات عسكرية في سورية استهدفت بشكل رئيسي المقاتلين الأكراد الذين لطالما أعلنت أنقرة سعيها إلى إبعادهم عن المنطقة الحدودية.

وقال مقاتلون من المعارضة السورية إنهم بدأوا هجوما على القوات التي يقودها الأكراد في مدينة منبج بشمال سورية، وفقا لبيان نشرته جهة وصفت نفسها بأنها «وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة».

وجاء في البيان المنشور على «إكس»: «إلى جميع العسكريين من قوات النظام وميليشيا قسد الإرهابية في مدينة منبج المحتلة، الراغبين في إلقاء السلاح وتحييد أنفسهم عن المصير الأسود الذي ينتظرهم في الميدان أمام أبطال الجيش الوطني السوري، التواصل» وقدم أرقاما للاتصال بها.

حكم «الأسدين» والبعث: نصف قرن من الانقلابات والتظاهرات والقمع

من صراع «الرفاق» مع صدام إلى صراع الأخوة مع رفعت وصولاً إلى احتجاجات 2011

بعد أكثر من نصف قرن من إمساكه بالسلطة، خسر حزب البعث أمس الحكم في سورية مع إعلان فصائل معارضة فجراً دخولها دمشق و»هروب» الرئيس بشار الأسد بعد 11 يوماً على بدئها هجوماً واسعاً. تأسس حزب البعث في 17 أبريل 1947 على يد سوريين تلقيا تعليمهما في باريس، هما ميشيل عفلق، المسيحي الأرثوذكسي، وصلاح البيطار، المسلم السني.


معارضون سوريون يجرون رأس تمثال لحافظ الأسد معارضون سوريون يجرون رأس تمثال لحافظ الأسد

في عام 1953، اندمج الحزب مع الحزب العربي الاشتراكي، ما أكسبه شعبية بين المثقفين والفلاحين والأقليات الدينية. اتسع حضور الحزب إلى دول عربية عدة أبرزها العراق.

في الثامن من مارس 1963، وصل البعث إلى الحكم في سورية إثر انقلاب عسكري وفرض حالة الطوارئ.

في 16 نوفمبر 1970، نفّذ حافظ الأسد الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع، انقلاباً عسكرياً عُرف بـ «الحركة التصحيحية» أطاح برئيس الجمهورية حينها نورالدين الأتاسي، ووضع حداً لسلسلة من التجاذبات الداخلية في الحزب وعلى السلطة.

في 12 مارس 1971، انتخب حافظ الأسد رئيساً للجمهورية السورية في اقتراع من دون أي منافس، ليصبح أول رئيس ينتمي إلى الأقلية العلوية التي تشكل 10 في المئة من تعداد السكان.

في السادس من أكتوبر 1973، شنّت مصر وسورية هجوماً مفاجئاً على إسرائيل، في محاولة لاستعادة ما خسره البلدان خلال حرب يونيو 1967. وتمكنت القوات المصرية من عبور قناة السويس، بينما استعادت القوات السورية بعض الأجزاء في هضبة الجولان، وفي مايو 1974، وقعت سورية وإسرائيل رسمياً اتفاقية فضّ الاشتباك في مرتفعات الجولان.

في عام 1979، تدهورت العلاقات بين سورية والعراق، اللذين حكمهما فرعان متنافسان من حزب البعث، بعد اتهام الدكتاتور العراقي آنذاك صدام حسين الوافد حديثاً إلى السلطة، دمشق بالتآمر.

قطعت بغداد علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق في أكتوبر 1980، بعدما دعم حافظ الأسد إيران في الحرب مع العراق، وفي فبراير 1982، تصدى النظام السوري لانتفاضة مسلحة قادها تنظيم الإخوان المسلمون في مدينة حماة (وسط)، وأدى القمع الدامي إلى مقتل الآلاف، تقدر أعدادهم بين 10 آلاف و40 ألف شخص.

وأتى ذلك بعد قرابة ثلاث سنوات من هجوم بالرصاص والقنابل اليدوية على الكلية الحربية في مدينة حلب، أدى إلى مقتل ثمانين جندياً من العلويين. واتهم الإخوان المسلمون في حينه بالوقوف خلف الهجوم.

في نوفمبر 1983، تعرّض حافظ الأسد لأزمة قلبية نقل على إثرها الى مستشفى بدمشق. وبينما كان يقبع في غيبوبة، حاول شقيقه الأصغر رفعت الاستيلاء على السلطة عبر انقلاب فاشل.

استعاد حافظ عافيته وسلطته. وبعد عام، أُجبر رفعت على مغادرة البلاد.

توفي حافظ الأسد في 10 يونيو 2000 عن عمر ناهز 69 عاماً بعد عقود حكم خلالها سورية بقبضة حديد، أرسى خلالها بالقوة استقراراً أكسب بلاده دوراً وازناً في إقليم دائم الاضطراب.

بعد شهر، تولّى نجله بشار السلطة، بعد تعديل دستوري سمح له بالترشّح من خلال خفض السن القانونية لتولّي الرئاسة. وحاز في استفتاء لم يضم أي مرشح آخر سواه، 97 في المئة من الأصوات، وأصبح بشار الأسد القائد الأعلى للقوات المسلحة، والأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في البلاد.

في 15 مارس 2011، انطلقت تظاهرات سلميّة مناوئة للنظام في إطار ما سُمّي حينها «الربيع العربي». قمعت السلطات التظاهرات بعنف، واصفاً إياها بأنها «تمرد مسلح تقوم به مجموعات سلفية».

في أبريل، اتّسعت رقعة القمع والاحتجاجات التي سرعان ما تحولت إلى نزاع مسلح ترافق مع صعود المعارضة المسلحة وظهور مجموعات متشددة.

سعى النظام إلى سحق التمرّد فخاض حرباً ضد مقاتلين معارضين اعتبر تحركهم «إرهاباً مدعوماً من الخارج»، وبدأ في 2012 استخدام الأسلحة الثقيلة ولاسيّما المروحيات والطائرات.

واتّهم الغرب مراراً النظام السوري باستخدام الأسلحة الكيميائية، وهو ما نفته دمشق على الدوام.

بموجب استفتاء شعبي في 2012، أقر دستور جديد قدمته السلطات في إطار إصلاحات هدفت لتهدئة الاحتجاجات. ألغى الدستور الدور القيادي لحزب البعث الحاكم، وحلّت مادة نصّت على «التعددية السياسية» محل المادة الثامنة التي تشدد على دور الحزب «القائد في الدولة والمجتمع».

في يوليو 2024، فاز الحزب مجددا بأغلبية مقاعد مجلس الشعب، في رابع انتخابات تُجرى بعد اندلاع النزاع.

أقدم معتقل سياسي حراً بعد 43 عاماً

قالت مواقع سورية معارضة، إن الطيار السوري، رغيد التتري، أصبح حراً أمس، بعد أن قضى ما يزيد على أربعة عقود متواصلة في سجون النظام السوري، بتهمة مخالفته الأوامر.

وظهر عميد المعتقلين، رغيد التتري حراً، وهو طيار في سلاح الجو السوري، رفض قصف مواقع في مدينة حماة خلال الاحتجاجات في العام 1980 في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد، بعد أن قضى 43 سنة في السجن دون محاكمة.

دخل التتري دخل إلى السجن قبل أن يتم عامه الـ27، وتنقل بين سجون إدارة المخابرات العامة والمزة وتدمر وصيدنايا وعدرا المركزي انتهاء بالسويداء في 2016 ليصبح صاحب أطول فترة اعتقال سياسي في سورية.

قرقاش: ليس مهماً مكان وجود الأسد

ذكر أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، أمس، في جلسة خلال حوار المنامة، شاركت فيها «الجريدة»، أنه لا يعلم إن كان بشار الأسد في الإمارات أم لا، مضيفاً أن مكان وجود الأسد «حاشية صغيرة في كتب التاريخ»، واعتبر أن «الأهم هو مصير وحدة وسلامة الأراضي السورية».

وعزا قرقاش سقوط الأسد إلى الفشل السياسي، وقال إنه لم يستغل «شريان حياة» قدمته له عدة دول عربية من قبل.

8 ديسمبر... عيداً وطنياً لسورية

أعلن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أمس، تاريخ 8 ديسمبر من كل عام عيداً وطنياً لسورية.

وقال الائتلاف، في بيان نشره على موقعه الإلكتروني، «نعلن تاريخ الثامن من ديسمبر من كل عام عيداً وطنياً لسورية، لأنه يوم انتصار الشهداء والضحايا، يوم انتصار المعتقلين والمهجرين والمظلومين، يوم انتصار الحق والعدالة على الإجرام والظلم».

back to top