لبنان: خصوم المحور يحتفلون بسقوط الأسد

حزب الله يتخوف من انقطاع دائم في الإمداد وقسم من قادته في حالة إنكار

نشر في 09-12-2024
آخر تحديث 08-12-2024 | 20:07
سوريون مقيمون في تركيا يحتفلون في إسطنبول أمس (رويترز)
سوريون مقيمون في تركيا يحتفلون في إسطنبول أمس (رويترز)

إن ربيع العرب حين يزهر في بيروت، إنما يعلن أوان الورد في دمشق، العبارة التي أطلقها المفكر اللبناني سمير قصير مع بدايات ربيع دمشق هي أكثر العبارات التي تمت استعادتها في لبنان على وقع سقوط النظام السوري، والذي أحدث فرحة عارمة في لبنان بين خصوم نظام الرئيس السوري بشار الاسد وايران وحزب الله، أي ما يطلق عليه محور المقاومة أو الممانعة، فخرجت الشوارع في بعض المناطق إلى الاحتفال. حرية واحدة في بلدين، هي إحدى العبارات التي استخدمت لبنانياً رداً على مقولة تاريخية لحافظ الأسد حول شعب واحد في بلدين. مما لا شك فيه أن سقوط النظام السوري سيكون له الكثير من التداعيات الاستراتيجية والسياسية في لبنان، لا سيما أن التأثر كان عضوياً في كل ما يجري بسورية.

يدخل لبنان إلى مرحلة سياسية جديدة في تاريخه على وقع التحول السوري، ولابد لهذه المرحلة أن تكون جديدة على دول المنطق كلها، خصوصاً أن ما جرى هو متغير استراتيجي، يأتي بعد حرب إسرائيلية طويلة شملت فلسطين ولبنان وجزءاً من سورية عبر الضربات المتقطعة التي واصل الإسرائيليون تنفيذها، في إطار مساعيهم لبناء شرق أوسط جديد. الغاية المباشرة هي قطع طرق الإمداد الإيرانية التي تنطلق من إيران إلى لبنان مروراً بالعراق وسورية. العراق أيضاً سيكون أمام تحولات كبيرة. مواقف سياسية كثيرة رحبت بسقوط الأسد، تظاهرات خرجت للاحتفاء، وتحديات كثيرة تفرض نفسها على اللبنانيين والسوريين حول اليوم التالي.

يأتي ذلك في ظل مساعي لبنان للوصول إلى تسوية سياسية شاملة يستعيد فيها اللبنانيون التوازن السياسي، إضافة إلى تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب.

ينتظر لبنان استحقاقات كثيرة، أبرزها إنجاز عملية انسحاب حزب الله من جنوب نهر الليطاني، وسط تساؤلات كثيرة عن مصير سلاحه في شمال نهر الليطاني، وانه ما بعد قطع طريق الإمداد من سورية فإن المعادلة كلها ستتغير، كما ينتظر لبنان انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة متوازنة، ما سيفرض على حزب الله وحلفائه تحديات كثيرة أولها عدم مواصلة التعاطي مع الآخرين بفوقية أو بمنطق التعطيل والفرض، من خلال التحضير لحوار جامع أو لمشاورات جانبية بين مختلف القوى السياسية.

في حزب الله هناك آراء متعددة، بين من يؤيد الانخراط بتسوية والتعاطي بواقعية وتقديم تنازلات أساسية وفعلية، استناداً إلى أخذ العبر من كل ما جرى، خصوصاً أن هناك من يحمل إيران مسؤولية كل ما تعرض له المحور، وأن طهران عملت على حماية نفسها ونظامها على حساب حلفائها. بينما آخرون في حزب الله ما زالوا عند وجهة النظر القديمة نفسها ويرفضون الاعتراف بكل ما جرى وبكل التحولات.

لا بد لهذا التحول أن تكون له انعكاسات كبيرة على لبنان، بدءاً من استباحة الحدود، وقطع طريق الإمداد من العراق إلى سورية، وصولاً للأراضي اللبنانية، وهذا ما سيترافق مع إعادة تغيير في الموازين السياسية التي لا بد لها أن تكون مبنية على التوازن. كان العراق قد التقط كل هذه التحولات، وسط معلومات تفيد بنقاش جدي في الداخل العراقي حول الحفاظ على التوازن الداخلي وفي العلاقات الخارجية.

ما جرى لا بد أن تتسع انعكاساته لتطال جهات مختلفة، لا سيما إيران، التي ستكون أمام مراجعة كبيرة لكل السياسات والاستراتيجيات، والتفضيل بين خيار الثورة أو الدولة، خصوصا ما بعد عملية طوفان الأقصى إلى ما بعد سقوط الأسد وما بينهما الضربات التي تلقاها حزب الله، الذي بدوره أيضا سيكون أمام تحديات كبيرة تتصل بدوره وعودته إلى لبنان.

back to top