في لبنان يطلقون عليهم اسم «مكتومي القيد» أو «عرب وادي خالد» وفي الكويت يعرفون باسم «البدون» وبالطبع هناك مسميات أخرى، لكنني وجدت ضالتي لمعرفة القصة التاريخية التي حدثت بعد الحربين العالميتين، في كتاب صدر حديثاً عن سلسلة عالم المعرفة التابعة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، بعنوان «انعدام الجنسية - تاريخ حديث» للمؤلفة الأميركية «ميرا. إل. سيغلبيرغ» وترجمة ابتهال الخطيب.
تستعرض المؤلفة تاريخ «انعدام الجنسية» بوصفه ظاهرة سياسية، أممية، ذات تبعات اقتصادية واجتماعية هائلة مع نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.
وبالرغم من تحديد 2024 لتكون السنة المفصلية لإنهاء هذه الظاهرة المشينة في تاريخ البشرية الحديث، كما تكتب المترجمة في المقدمة، فإنها ما زالت مستمرة، والتساؤل عما سيفعله عالم اليوم تجاه كارثة انعدام الجنسية المتسارعة، بقي قائماً ولا سيما في ظل جائحة كورونا التي غيّرت العالم وأظهرت الأهمية البدهية لحكومات أممية تتحمل المسؤولية تجاه الكوارث الجماعية.
تشير د. ابتهال الخطيب، إلى حقيقة أخرى وهي أن فكرة «المواطن العالمي» التي جرى ترسيخها بوصفها حلاً نهائياً للمشكلة، لم يكتب لها النجاح، بل واجهت معضلات كبيرة سياسية وعرقية وسيادية حالت دون تحقق هذا الحلم.
الكتاب يقرأ فعلياً، لمن يهتم ويبحث عن الوقوف على الجذور والأسباب والتحولات وإلى أين وصلت الظاهرة، فالاتفاقات والمواثيق الدولية بعد الحربين العالميتين، أقرت للدول امتلاك حق أساسي في تحديد من يعد عضواً فيها وفي تنظيم عملية عبور حدودها، أما الاتفاقية المتعلقة بأوضاع الأشخاص عديمي الجنسية المتبناة من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1954، فتعتبر أن «عديم الجنسية» هو أي شخص «لا يعتبر مواطناً في أي دولة تحت قانونها المفعل» وهو ما يعني اليوم أن هذا الشخص لا يمتلك الانتماء القانوني الأساسي الذي يعرّف العضوية الرسمية في أي من دول العالم الـ 195 المعترف بها باللاجئين، بالمقارنة طبقاً لاتفاقية اللاجئين لسنة 1951، وهذا الشخص الذي يحتفظ بإرتباطه القانوني الرسمي لدولة ما، لكنه غير قادر على العودة لبلده الأصلي، أو غير راغب في ذلك، لأسباب مختلفة.
سعى الكتاب إلى تحدي فكرة، أن حدود السيادة التقليدية قد تم تخطيها فقط بعد عام 1954، وإن انعدام الجنسية يجسد التناقض بين السيادة وحقوق الإنسان.
وطرحت المؤلفة مسألة مهمة على ضوء التحولات الاقتصادية وظهور «العولمة الاقتصادية» تخص الأثرياء، فقد أصبح العالم متجاوزاً للحدود السيادية المحلية، ومعروضاً للبيع إلى حد كبير، حيث يستطيع هذا الثري أن يتسلم جواز السفر ويحصل على الجنسية في الدول التي تسكن فيه ثروته بلا ضريبة، ومن هنا كان استنتاج المؤلفة الأميركية، بأن تراجع المواطنة الاجتماعية كنموذج مثالي وتشريع عام في أواخر القرن العشرين قد تزامن مع إمكانية امتلاك هويات وطنية متعددة، فالجنسية عن طريق برامج الاستثمار بالإضافة إلى سجلات الضريبة الخارجية، أصبحت رائجة بين هؤلاء الذين يتحملون تكلفتها، لكن بالنسبة إلى الفقراء والمحرومين من الحقوق، فإن العضوية في بلد ما هي أمر بالغ الأهمية والصعوبة.
فالقدرة على التحرك عبر الحدود، تظهر أنماطاً عالمية لعدم المساواة، صحيح أن البعض يستطيع الحصول على عشرات من جوازات السفر في حين يعاني البعض الآخر من الفقراء من حصولهم حتى لو على جواز سفر واحد.
وتعتقد المؤلفة أن تشكيل الحدود السياسية وتكوين الدول السيادية، ساهم في خلق أقليات في غاية الإشكال، أقليات تتداعى كل حقوقها الإنسانية،
ظاهرة «انعدام الجنسية» تلف العالم وتدور بين ثناياه لتبقى معلقة أمام مفاهيم حقوق المواطنة العالمية والوطنية وحقوق الإنسان.
تستعرض المؤلفة تاريخ «انعدام الجنسية» بوصفه ظاهرة سياسية، أممية، ذات تبعات اقتصادية واجتماعية هائلة مع نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.
وبالرغم من تحديد 2024 لتكون السنة المفصلية لإنهاء هذه الظاهرة المشينة في تاريخ البشرية الحديث، كما تكتب المترجمة في المقدمة، فإنها ما زالت مستمرة، والتساؤل عما سيفعله عالم اليوم تجاه كارثة انعدام الجنسية المتسارعة، بقي قائماً ولا سيما في ظل جائحة كورونا التي غيّرت العالم وأظهرت الأهمية البدهية لحكومات أممية تتحمل المسؤولية تجاه الكوارث الجماعية.
تشير د. ابتهال الخطيب، إلى حقيقة أخرى وهي أن فكرة «المواطن العالمي» التي جرى ترسيخها بوصفها حلاً نهائياً للمشكلة، لم يكتب لها النجاح، بل واجهت معضلات كبيرة سياسية وعرقية وسيادية حالت دون تحقق هذا الحلم.
الكتاب يقرأ فعلياً، لمن يهتم ويبحث عن الوقوف على الجذور والأسباب والتحولات وإلى أين وصلت الظاهرة، فالاتفاقات والمواثيق الدولية بعد الحربين العالميتين، أقرت للدول امتلاك حق أساسي في تحديد من يعد عضواً فيها وفي تنظيم عملية عبور حدودها، أما الاتفاقية المتعلقة بأوضاع الأشخاص عديمي الجنسية المتبناة من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1954، فتعتبر أن «عديم الجنسية» هو أي شخص «لا يعتبر مواطناً في أي دولة تحت قانونها المفعل» وهو ما يعني اليوم أن هذا الشخص لا يمتلك الانتماء القانوني الأساسي الذي يعرّف العضوية الرسمية في أي من دول العالم الـ 195 المعترف بها باللاجئين، بالمقارنة طبقاً لاتفاقية اللاجئين لسنة 1951، وهذا الشخص الذي يحتفظ بإرتباطه القانوني الرسمي لدولة ما، لكنه غير قادر على العودة لبلده الأصلي، أو غير راغب في ذلك، لأسباب مختلفة.
سعى الكتاب إلى تحدي فكرة، أن حدود السيادة التقليدية قد تم تخطيها فقط بعد عام 1954، وإن انعدام الجنسية يجسد التناقض بين السيادة وحقوق الإنسان.
وطرحت المؤلفة مسألة مهمة على ضوء التحولات الاقتصادية وظهور «العولمة الاقتصادية» تخص الأثرياء، فقد أصبح العالم متجاوزاً للحدود السيادية المحلية، ومعروضاً للبيع إلى حد كبير، حيث يستطيع هذا الثري أن يتسلم جواز السفر ويحصل على الجنسية في الدول التي تسكن فيه ثروته بلا ضريبة، ومن هنا كان استنتاج المؤلفة الأميركية، بأن تراجع المواطنة الاجتماعية كنموذج مثالي وتشريع عام في أواخر القرن العشرين قد تزامن مع إمكانية امتلاك هويات وطنية متعددة، فالجنسية عن طريق برامج الاستثمار بالإضافة إلى سجلات الضريبة الخارجية، أصبحت رائجة بين هؤلاء الذين يتحملون تكلفتها، لكن بالنسبة إلى الفقراء والمحرومين من الحقوق، فإن العضوية في بلد ما هي أمر بالغ الأهمية والصعوبة.
فالقدرة على التحرك عبر الحدود، تظهر أنماطاً عالمية لعدم المساواة، صحيح أن البعض يستطيع الحصول على عشرات من جوازات السفر في حين يعاني البعض الآخر من الفقراء من حصولهم حتى لو على جواز سفر واحد.
وتعتقد المؤلفة أن تشكيل الحدود السياسية وتكوين الدول السيادية، ساهم في خلق أقليات في غاية الإشكال، أقليات تتداعى كل حقوقها الإنسانية،
ظاهرة «انعدام الجنسية» تلف العالم وتدور بين ثناياه لتبقى معلقة أمام مفاهيم حقوق المواطنة العالمية والوطنية وحقوق الإنسان.