سورية: حكومة البشير تتولى السلطة 3 أشهر

إسرائيل تهدد قادة المعارضة بمصير الأسد وأردوغان يتعهد بالدفاع عنهم
• المؤسسات تستأنف عملها اليوم والسلطات المؤقتة ستحلّ الأجهزة الأمنية وتعيد النظر في الجيش
• إسرائيل تدمّر معظم مقدرات الجيش السوري الجوية والبحرية والبحثية وتنفي التوغل خارج «العازلة»

نشر في 11-12-2024
آخر تحديث 10-12-2024 | 22:28

تولّت حكومة سورية بقيادة محمد البشير، رئيس حكومة الإنقاذ التي كانت تحكم مناطق سيطرة الفصائل المسلحة المعارضة في إدلب، السلطة مؤقتاً في سورية مدة ثلاثة أشهر، في خطوة إضافية باتجاه مرحلة انتقالية بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

وفي حين تقرر أن يعود الموظفون الحكوميون في أجهزة الدولة إلى أعمالهم اليوم، في اختبارٍ لقدرة فصائل المعارضة على إدارة دولاب عمل الأجهزة الإدارية والخدمية للدولة، أفادت المعلومات بأن الحكومة المؤقتة ستعمل على حلّ الأجهزة الأمنية وإلغاء قوانين الإرهاب، على أن تتم إعادة النظر في حالة الجيش الحالي وترتيب أوضاعه، مشيرة إلى أن ضبط الأمن وتقديم الخدمات والانتقال السلس هي على رأس أولويات الحكومة المؤقتة.

وقال مصدران مقربان من إدارة العمليات العسكرية للمعارضة لـ«رويترز»، إن التوجيهات صدرت لسحب المقاتلين من المدن، ونشر عناصر أمن خاصة تابعة لها ولـ «هيئة تحرير الشام» بقيادة أحمد الشرع المعروف بـ «أبومحمد الجولاني»، بزي شرطي لفرض النظام للمساعدة على إعادة الحياة لطبيعتها.

وفيما بدا أن ملف المعتقلين قد أُقفل أمس بخروجهم جميعاً من السجون ما يضع حداً لشائعات عن معتقلات سرية تحت الأرض، تواصلت عودة آلاف اللاجئين من لبنان والأردن إلى سورية، وتعليق عدة دول أوروبية البت في طلبات اللجوء المقدمة من السوريين، مع إعلان تركيا رفع القدرة الاستيعابية اليومية للمعابر الحدودية مع سورية من 3 آلاف شخص إلى ما بين 15 و20 ألفاً، تزامناً مع تزايد حركة عودة السوريين إلى بلدهم بمقدار الضعفين.

إلى ذلك، شنت المقاتلات الإسرائيلية غارات طول ليل الاثنين ـ الثلاثاء في مختلف أنحاء سورية، خصوصاً غرب البلاد، دمّرت خلالها «أهمّ المواقع العسكرية» حسبما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان، بما في ذلك مطارات ومستودعات وأسراب طائرات ورادارات ومحطات إشارة عسكرية ومستودعات أسلحة وذخيرة ومراكز أبحاث علمية قد تُستخدم لتطوير الأسلحة الكيميائية، وأنظمة دفاعات جوية، فضلاً عن منشأة دفاع جوي وسفن حربية في ميناء اللاذقية.

ونفى الجيش الإسرائيلي أمس صحة تقارير لـ «رويترز» والمرصد السوري عن وصوله إلى 20 كيلومتراً على مشارف دمشق، مؤكداً أنه لا يزال يعمل ضمن المنطقة العازلة بين البلدين، التي تبعد نحو 40 كيلومتراً عن العاصمة السورية.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، إنه ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أوعزا للجيش بإقامة منطقة منزوعة السلاح في جنوب سورية «من دون وجود إسرائيلي دائم».

وحذر كاتس قادة المعارضة السورية من أن «مَن سيسير على خطى الأسد فسينتهي به المطاف كما انتهى به».

من جهته، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي خرجت بلاده من التطورات الأخيرة في سورية كرابح أول، إن سورية يجب ألا تقسم مجدداً، وأن يحكمها شعبها، متعهداً بالتحرك ضد أي شخص يسعى للمساس بأراضيها وباستقرار السلطة الجديدة.

ونقلت «رويترز» عن أردوغان قوله: «من الآن فصاعداً لا يمكن أن نسمح بتقسيم سورية مجدداً. سنقف في وجه أي اعتداء على حرية الشعب السوري وسلامة أراضيه واستقرار السلطة الجديدة».

وكانت «الخارجية» التركية قد انضمت إلى دول عربية بينها الكويت، استنكرت دخول القوات الإسرائيلية المنطقة العازلة التي ينتشر فيها جنود الأمم المتحدة في مرتفعات الجولان في أعقاب إطاحة بشار الأسد. ودان مجلس التعاون الخليجي أمس الاعتداءات الإسرائيلية على سورية في إشارة إلى الغارات، واحتلال منطقة جبل حرمون (جبل الشيخ)، في حين تواصل مسؤولون قطريون مع «هيئة تحرير الشام الإسلامية»، ويستعدون للتواصل مع حكومة البشير.

وفي تفاصيل الخبر:

وسط ترقب إقليمي ودولي لشكل ومسار المرحلة الانتقالية التي تنوي المعارضة السورية إدارتها عقب إطاحتها نظام الرئيس بشار الأسد وسيطرتها على العاصمة دمشق الأحد الماضي، ومدى قدرة الأطراف الفاعلة على تحقيق استقرار دائم يعيد بناء الدولة ويضمن وحدة أراضي البلد الذي مزقته الحرب الأهلية على مدار 13 عاماً، أعلن محمد البشير الذي كان يترأس حكومة إنقاذ بمناطق الفصائل المسلحة في محافظة إدلب، تكليفه تولي رئاسة حكومة مؤقتة حتى أول مارس 2025.

وذكرت قناة الجزيرة القطرية، أن البشير تسلم رسمياً مقاليد السلطة عقب اجتماع ثلاثي ضمه إلى جانب رئيس وزراء النظام السابق محمد الجلالي والقائد بعمليات المعارضة المسلحة زعيم هيئة تحرير الشام أحمد الشرع، الملقب (أبومحمد الجولاني) في دمشق.

ونقلت عن مصادر بالإدارة السياسية للمعارضة أن حكومة البشير لتصريف أعمال المرحلة الانتقالية ستكون مدتها 3 أشهر، مؤكدة أنه سيتم حل الأجهزة الأمنية وإلغاء قوانين الإرهاب.

وأضافت أنه سيتم النظر في حالة الجيش الحالي وإعادة ترتيب أوضاعه، مشيرة إلى أن ضبط الأمن وتقديم الخدمات والانتقال السلس أولويات الحكومة المؤقتة.

وذكرت المعارضة أنها ستلاحق المتورطين في تعذيب الشعب، وقالت إنها رصدت مكافآت لمن يدلي بمعلومات عن كبار ضباط الجيش والأمن المتورطين في جرائم حرب.

وأكدت أن حكومة تصريف الأعمال ستهيئ الأجواء لحكومة دائمة، مضيفة أن المشاورات مستمرة لتشكيلها.

وأفادت بأن وزراء «حكومة الإنقاذ»، بمناطق إدلب التي كانت تخضع لهيمنة «تحرير الشام» سيواصلون أعمالهم في حكومة تصريف الأعمال.

اختبار وغضب

وأتى ذلك في وقت تستعد الدوائر الحكومية للعودة إلى العمل اليوم بعد إغلاقها على مدى اليومين الماضيين إثر سيطرة المعارضة المسلحة على دمشق وفرضها لحظر تجوال شامل يمتد من العصر وحتى ساعات الصباح لفرض الأمن.

ومع اختبار المعارضة، المدعومة من تركيا، لقدرتها على تسيير دولاب عمل الأجهزة الإدارية والخدمية للدولة اليوم، ثارت حالة من الغضب بين نشطاء بعد إعلان إبراهيم الحديد الأمين العام لـ«البعث»، الذي حكم البلاد أكثر من نصف قرن بالنار والحديد، أن «الحزب سيبقى داعماً لمرحلة انتقالية في سورية هادفةً للدفاع عن وحدة البلاد أرضاً وشعباً ومؤسّسات ومقدّرات». وطالب أنصار الثورة بإغلاق الحزب وحظره ومحاسبة قادته.

ونقل عن مصدرين مقربين من إدارة العمليات العسكرية لـ«رويترز» أن المعارضة أمرت بسحب المقاتلين من المدن ووجهت بنشر عناصر أمن خاصة تابعة لها ولـ «هيئة تحرير الشام» بزي شرطي لفرض النظام بهدف المساعدة على إعادة الحياة لطبيعتها بعد سقوط «البعث».

ووسط حالة الفوضى التي بقيت مضبوطة إلى حد بعيد منذ سقوط الأسد، كشفت تقارير عن العثور على جثة عالم الكيمياء السوري البارز الدكتور حمدي إسماعيل ندى مقتولاً بظروف غامضة في دمشق أمس.

من جانب آخر، أفيد بانتهاء أعمال سجن صيدنايا سيئ السمعة، حيث أفيد بانتهاء أعمال البحث عن زنازين سرية دون الوصول إلى نتيجة أمس.

في غضون ذلك، عدّ المبعوث الأممي الخاص غير بيدرسن، أن «تحرير الشام» التي أعلنت في وقت سابق انفصالها عن تنظيم «القاعدة» والفصائل المسلحة الأخرى، «أرسلت حتى الآن رسائل إيجابية» إلى الشعب السوري وضرورة الوحدة.

المعارضة تتعهد بمحاسبة المتورطين بالتعذيب وملاحقة مرتكبي جرائم الحرب... و«البعث» يثير غضباً بإعلان تأييده المرحلة الانتقالية

عودة اللاجئين

ومع تواصل عودة آلاف اللاجئين من لبنان والأردن إلى سورية وتعليق عدة دول أوروبية البت في طلبات اللجوء المقدمة من السوريين، أعلن وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا، رفع بلاده القدرة الاستيعابية اليومية للمعابر الحدودية مع سورية من 3 آلاف إلى ما بين 15 و20 ألف شخص، تزامناً مع تزايد حركة عودة السوريين إلى بلدهم بمقدار الضعفين حتى ظهر أمس.

توغل وتدمير

إلى ذلك، أفادت تقارير بوصول دبابات إسرائيلية إلى مشارف العاصمة السورية دمشق من الجنوب، بعد توغلها وسيطرتها على عدد من القرى والبلدات في ريف دمشق الجنوبي المحازي للمنطقة العازلة، غداة تأكيد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن القسم الذي تحتله بلاده وضمته من هضبة الجولان السورية سيظل إسرائيلياً إلى الأبد.

ووفقًا لوكالة «رويترز»، وصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى منطقة قطنا، الواقعة على مسافة 10 كيلومترات داخل الأراضي السورية شرق المنطقة العازلة التي تفصل الجولان عن سورية والتي تبعد نحو 25 كيلومتراً عن جنوب غرب العاصمة دمشق من جهة لبنان.

وترافق التحرك البري الذي شمل السيطرة الكاملة على جبل الشيخ ومنطقة القنيطرة لتعزيز الهيمنة على مرتفعات الجولان الاستراتيجية، مع شن سلاح الجو حملة قصف ضد أسلحة ومنشآت الجيش السوري وصفت بأنها الأوسع نطاقاً في المنطقة بذريعة منع وقوعها في أيدي الفصائل المتشددة.

ووثق المرصد السوري المعارض نحو 322 غارة نفذتها الطائرات الحربية الإسرائيلية على الأراضي السورية، منذ إعلان سقوط بشار الأسد صباح الأحد الماضي.

وذكر المرصد في وقت سابق أن الغارات الإسرائيلية في مختلف أنحاء سورية «دمّرت أهمّ المواقع العسكرية»، بما في ذلك مطارات ومستودعات وأسراب طائرات ورادارات ومحطات إشارة عسكرية ومستودعات أسلحة وذخيرة ومراكز أبحاث علمية، قد تستخدم لتطوير الأسلحة الكيمائية، وأنظمة دفاعات جوية، فضلاً عن منشأة دفاع جوي وسفن حربية في ميناء اللاذقية حتى يوم أمس.

من جهته، نفى الجيش الإسرائيلي أمس، صحة تقارير لـ «رويترز» والمرصد السوري عن وصوله إلى 20 كيلومتراً على مشارف دمشق، مؤكداً أنه لا يزال يعمل ضمن المنطقة العازلة ببين البلدين، التي تبعد نحو 40 كيلومتراً عن العاصمة السورية.وفي أول تعليق أميركي على المستجدات، بررت الخارجية الأميركية تحرك الدولة العبرية بالمنطقة العازلة مع سورية بـ«تخلي الجيش السوري عن مواقعه بشكل مفاجئ» لكنها أكدت على أن واشنطن تريد أن ترى تطبيقاً لاتفاق فض الاشتباك في الجولان لعام 1974 بما يشمل شروط المنطقة العازلة وعودة إسرائيل لمواقعها السابقة.

back to top