غير مقبول مقولة إن القانون يجب أن يكون مصاباً بعمى الألوان، ولا يصح أن نتصور العدالة بحرفية قاصرة كامرأة مغطاة العينين تمسك الميزان بيد والسيف باليد الأخرى، هذا خيال ومجاز قُصد به أن تكون العدالة منصفة محايدة، لا تميل لحساب أحد على مصلحة آخر دون أن توازن الأمور بالميزان، ثم تقضي حسماً بالسيف.
مقدمة لا بد منها في موضوع سحب جناسي الأمهات والجدات من المتزوجات والمطلقات والأرامل اللواتي كسبن الجنسية حسب المادة الثامنة من قانون الجنسية. القانون يصبح أهوجَ منحرفاً إذا كانت المؤسسات التي تشرّعه وتطبّقه تعاني عمى الألوان، فلا تفرق بين بشر انتهازيين وجدوا في تلك المادة، وعبر عقود الزواج الصورية، وسيلة لكسب الجنسية والتمتع بالامتيازات التي توفرها، جنسية الزوجة المكتسبة هنا أضحت سلعة تُشترى بعقد الزواج لا أكثر.
في الجهة المقابلة، هناك زيجات من أجنبيات تمت قبل عشرات السنين، قامت على علاقات حب وتفاهم كبيرين، وأنتجت تلك العلاقة المشروعة أسرة مستقرة من أولاد وبنات وأحفاد وحفيدات يشرّفون ويشرّفْن وطنهم وأسرهم، هؤلاء الأزواج الكويتيون وزوجاتهم أو مطلقاتهم تم ظلمهم بسحب الجنسية بحجج قانونية واهية، قد تكون الزوجة ورثت أرضاً أو اشترت عقاراً هنا أو في الخارج، وقد تكون ارتبطت بعقود مالية، تفرض التزامات قانونية عليها... ماذا ستفعل؟ وماذا سيصنع زوجها أو أبناؤهما وبناتهما؟ وكيف تعمل وتمضي في تنفيذ التزاماتها وقد رُمي بها في خانة البدون، وعليها وعلى زوجها المحبط الهرولة من دائرة حكومية لأخرى، ومن مؤسسة إلى مؤسسة، يجمع أوراقاً مطلوبة حسب رغبات أصحاب القرار.
القانون مصاب بعمى ألوان الآن، فلم يعد يفرق بين الحالة الأولى في التكسب من الجنسية من خلال عقود الزواج، وبين الحالة الثانية التي قامت بإنشاء أسر مستقرة آمنة، فضاع منها الأمان والاستقرار، هل هذه عدالة؟ وهل هكذا تطبق القوانين...؟ نسألكم...