أكيد «المزورين وايد»... هذا كلام نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ فهد اليوسف في أحد الدواوين، قاله بمناسبة ما تقوم به وزارة الداخلية في حملة سحب وإسقاط الجناسي. لا أحد يختلف مع الشيخ فهد اليوسف في «المزورين الوايد»، لكن كيف أصبحوا «وايد» أي «كثيراً»؟ كيف زوروا الحقائق؟ ومن سهل لهم التزوير وفرش لهم بساطه؟ هذا ما لا نعرفه، ولكن الحكومة، وهي السلطة الوحيدة الماسكة لكل الأمور، تعرفه جيداً، هل كان ذلك المسؤول وهو الذي بالسجن الآن؟! بالمناسبة هو في السجن لا بقضايا جرائم التزوير بل بقضايا أخرى لا علاقة لها بلعبة الجناسي، وهي قضية فساد حكمها حكم قضايا التزوير، وقبل هذا البطل المسجون، هل كان هناك مسؤول أكبر منه سلطة ونفوذاً لم يُساءل، فقد كان أو كانوا فوق المساءلة؟!

يُشكر الشيخ فهد اليوسف على صراحته، فقد قال في الجلسة ذاتها بالديوان ما يكرره العديد من المعارضين وأصحاب الفكر من أن التجنيس كان يتم بقصد «شراء الولاءات» وهذا نعرفه، مثل ما يعرفه الشيخ فهد، ونعرف أن «مسؤولين كباراً» سابقاً وربما حالياً – والله أعلم- هم الذين كانوا يمارسون التسوق السياسي ويشترون الولاء سواء عبر منح الجناسي وغير منح الجناسي كالتعيينات الباراشوتية - ليس بخلاف القانون بل عبر القانون ذاته الذي خولهم سلطة المنح – فلماذا يصبح المشتري الذي كسب الجنسية بمقتضى «الصلاحية القانونية» للمسؤول الكبير هو الآن من يتعرض للمساءلة بسحب الجنسية، بينما الكبير هو «فوق النخل»؟! مجرد سؤال.

Ad

أيضاً، هل يعد الشيخ فهد اليوسف ضمن من حسبهم كمشترين للجناسي جماعات التجنيس السياسي، وهذا لم يتم في السنوات الأخيرة فقط، وإنما له تاريخ قديم غير التركيبة الاجتماعية ذلك الوقت، وفي الوقت ذاته تم تناسي المستحقين للجنسية الذين أضحوا فريقاً من إخواننا البدون، وما زالوا «بدوناً»؟

يبقى من يتم سحب جنسياتهن المكتسبة وفق المادة الثامنة، لم يتم تقديم حل لهن، هن وأسرهن في مأساة نفسية ومادية، ليست المسألة بتلك الصورة التي صورها الشيخ فهد اليوسف. أولاً: بعض الدول إذا تنازلت عن جنسيتك لا يمكن أن تعود للمطالبة بها... فماذا يفعل أصحاب تلك الفئة؟

ثانيا: هناك التزامات يجب الوفاء بها وحقوق لم يتم استيفاؤها، فالعقارات – على سبيل المثال- التي سجلت بأسمائهن ماذا يصنعن بها؟

ثالثا: هل تم الأخذ بالحسبان الألم النفسي لتلك الفئة وأسرهن؟ ليس المال كالراتب والمعاش هو المحك، بل الحالة النفسية لكامل الأسرة حين تجد ربة البيت في لحظة سريعة أنها أضحت في حكم البدون، وعليها «شخصياً» الهرولة في دهاليز جهاز مؤسسة المقيمين بصورة غير قانونية، وأحضري تلك الأوراق معك، وعليك مراجعة الإدارة بعد فترة لإحضار مستندات أخرى... وهكذا تتواصل مشاوير العذاب والألم النفسي لهذه الأم ولأبنائها وبناتها الكويتيين... فهل أُخذ هذا في الحسبان؟

أخيراً: لماذا قطع وحسم الشيخ فهد الأمر بأن المرجعية في عدم قانونية كسبهن الجنسية هو المرسوم، فهناك فئات من الجنسين كسبوا الجنسية بمرسوم ومع ذلك تم سحب جناسيهم وجناسيهن؟ أيضاً، لماذا كان مصدر الشرعية عند الوزارة رأي سبعة مستشارين لديها؟ هناك رأي آخر بشرعية قرارات وزارة الداخلية بالمنح ولهذا الرأي وجاهته... فهل نظرت الوزارة فيه؟ ومن هو الحكم والفيصل بين الرأيين؟ أين الجهة المستقلة لتفصل في الأمر؟ أم نقول: «... فيك الخصام وأنت الخصم والحكم»... عبارة المتنبي كانت تصلح لمدح سيف الدولة لكنها ليست صالحة لدولة حكم القانون.