دعت أطياف متنوعة من المعارضة التونسية إلى انتخابات رئاسية مبكرة، بعد امتناع أكثر من 90 في المئة من الناخبين عن المشاركة في الانتخابات التشريعية، التي جرت اليوم ، وتعد الأولى بعد تعديلات دستورية قام بها الرئيس قيس سعيد.

وجاءت نسبة الإقبال الأولية التي وصلت إلى 8.8% أقل من معدل التضخم الذي يبلغ 9.8%، مما يسلط الضوء على الضغوط الاقتصادية التي تسببت في خيبة أمل العديد من التونسيين من السياسة وغضبهم من القيادات.

Ad

وطالبت زعيمة حزب «الدستور الحر» عبير موسى بإعلان شغور منصب الرئيس والدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة، مبينة أن «أكثر من 90% قالوا نرفض الاعتراف بمشروع» سعيد.

واعتبر حزب «الراية الوطنيّة» أنّ النتائج تؤكّد «بصفة قاطعة فشل رئيس الجمهورية في تشكيل مجلس شعب صوري»، مشدداً على ضرورة «احترام إرادة الشعب التونسي بعدم إجراء أيّ دور ثان أو إعلان لنتائج لها واعتبارها في حكم المعدوم».

وقال رئيس «جبهة الإنقاذ الوطني» أحمد نجيب الشابي، إن الانتخابات «تظهر أن قلة قليلة من التونسيين تؤيد نهج قيس سعيد»، داعياً الأحزاب السياسية الأخرى إلى «الاتفاق على تعيين قاضٍ كبير قادر على الإشراف على انتخابات رئاسية جديدة».

وأضاف زعيم التحالف، الذي يضم حركة النهضة الإسلامية: «هذا تخلّ شعبي كبير عن عملية سعيد المرفوضة داخلياً وخارجياً»، التي بدأها بتجميد مجلس النواب وإقالة رئيس الحكومة في 25 يوليو 2021، قبل احتكار جميع السلطات.

وفي وقت سابق، اعتبر زعيم الجبهة، أن «ما حصل زلزال بقوة 8.8 على مقياس ريختر»، في إشارة لنسبة المشاركة، 8.8% وهي الأدنى التي تشهدها تونس منذ بدء الانتقال الديمقراطي في 2011، مؤكداً أن سعيد فقد الشرعية وعليه أن يترك منصبه، ودعا إلى احتجاجات واعتصامات حاشدة.

والمعارضة السياسية، لديها معضلات تبدو مزمنة. فالعديد من قادتها لا يتمتعون بشعبية بسبب الشلل السياسي والركود الاقتصادي واتهامات شعبية لهم بخدمة مصالح ذاتية فقط عندما كانوا في الحكومة. وهي منقسمة بين أحزاب تزدري بعضها بعضاً بقدر رفضها لسعيد، ولم تُظهر قدرة عالية على تعبئة الاحتجاجات الجماهيرية في الشوارع التي تقول إنها تؤيدها. في المقابل، الرئيس سعيد أمام خيارات محدودة: إما تجاهل النتائج وغض النظر عن ذلك أو السعي لاتفاق مع معارضين يصفهم بالخونة وأعداء الدولة من خلال مراجعة أجندته. لكن سعيد قد يتجه أيضاً لتعزيز حكم الرجل الواحد بالقول، إن التونسيين رفضوا فكرة البرلمان برمتها.

مع مواجهة تونس لأزمة اقتصادية وبينما توشك المالية العامة للدولة على الانهيار وتزيد الحاجة إلى خطة إنقاذ خارجية تتطلب تخفيضات ضخمة في الإنفاق العام، من المتوقع أن تزداد حدة التوتر السياسي على كل من سعيد وخصومه.

وقال أحمد إدريس، مدير معهد تونس للسياسة: «بعد امتناع أكثر من 90 بالمئة من التونسيين عن التصويت، لم يعد بإمكان الرئيس أن يغني باستمرار عن الشرعية بالطريقة التي اعتاد عليها».

وأضاف «إما استخلاص الدرس والدعوة لانتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة قد تفتح صفحة جديدة في تاريخ البلاد، أو المضي قدماً في برنامجه وكأن شيئاً لم يكن وهو ما قد يعمق الأزمة بشكل كبير جداً». ورجح إدريس أن يمضي الرئيس قدماً في خططه، لكنه قال إن ذلك «ينطوي على مخاطرة أكبر بكثير هذه المرة وقد يجعل أي اتفاق لتونس بما فيها مع صندوق النقد لاغياً... لأن غياب الشرعية ستكون له تداعيات محلية ودولية». وبصفته سياسياً مستقلاً، يفتقر سعيد إلى الدعم الوطني من جهاز حزبي يمكنه التعبئة لمصلحته ويقول أنصاره، إنه الوحيد الذي يحارب ماكينات الإعلام ورجال الأعمال. كما أنه أبعد الحلفاء المحتملين، مثل اتحاد الشغل صاحب التأثير القوي، من خلال رفضه إدراجهم في خططه وتمسكه بخطط فردية شعارها «الشعب يريد».

ويبقى سؤال مفتوح إلى أي مدى يمكن أن يعتمد على الجهات الأمنية أو العسكرية في مساندته إذا استفحلت الأزمة السياسية؟ وتاريخياً نأى الجيش بنفسه عن أي دور سياسي في البلد، بينما لم يستعمل حتى الآن سعيد القوات الأمنية في حملة كبيرة على معارضيه.