من صيد الخاطر: طرائف عربية

نشر في 13-12-2024
آخر تحديث 12-12-2024 | 20:45
 طلال عبدالكريم العرب

هناك الكثير من الطرائف والقفشات العربية المتداولة والموثقة، التي لا تخلو من الحكم في بعضها ومن البلاغة في معظمها، ومن الفكاهة في غيرها، وهذه مجموعة من الطرائف المتداولة قديماً بعد أن وصلت إلينا، أخطها مع قليل من التصرف:

فقد جاء رجل إلى عامر بن شراحيل بن عبد بن ذي كبار الشعبي، وهو من التابعين المعروفين بجلال قدرهم وسعة علمهم، وعُرفت عنه أيضاً روح الدعابة، فسأله الرجل: لقد تزوجت امرأة فوجدتها عرجاء، فهل لي أن أردّها؟ فرد الشعبي قائلاً: إن كنت تريد أن تسابق بها فردها. وسأله آخر: إذا أردت أن أستحمّ في نهر فهل أجعل وجهي تجاه القبلة أم عكسها؟ فرد قائلاً: بل باتجاه ثيابك حتى لا تُسرق. وسأله حاج: هل لي أن أحك جلدي وأنا محرم؟ فرد الشعبي: لا حرَج، فسأله: وإلى متى أستطيع حك جلدي؟ فرد الشعبي ممازحاً: حتى يبدو العظم.

وسمع أحد المغفلين شيخاً يقرأ قوله تعالى: «يتجرعه ولا يكاد يسيغه»، فقال: اللهم اجعلنا ممن يتجرعه ويسيغه. ونظر مغفلٌ آخر إلى مرآة فأعجبه شكله فقال: اللهم بيّض وجوهنا يوم تبيض وجوه، وسودها يوم تسود وجوه.

ووقف أعرابي معوج الفم أمام أحد الولاة، فألقى عليه قصيدة في الثناء عليه التماساً لمكافأة، ولكن الوالي بدلاً من أن يُعطيه شيئاً سأله: ما بال لفظك معوجاً، فرد الشاعر: لعله عقوبة من الله لكثرة الثناء بالباطل على بعض الناس.

وحصل أن كان الحجاج بن يوسف الثقفي يستحم في البحر، فأشرف على الغرق فأنقذه أحدهم، وعندما حمله إلى البر، قال له الحجاج: اطلب ما تشاء، فطلبك مجاب، فقال الرجل: ومن أنت حتى تجيب لي أي طلب؟ فرد قائلاً: أنا الحجاج بن يوسف، فقال الرجل من فوره: طلبي الوحيد أنني سألتك بالله ألا تخبر أحداً أنني أنقذتك.

وكان رجل يسكن في دارٍ بأجرة، وكان خشب السقف بالياً لقدمه فيقرقع، فلما جاء صاحب الدار يطالبه الأجرة، قال له: أصلح هذا السقف فإنه يقرقع وأخشى أن يقع عَلَيّ، فرد قائلاً: لا تخف ولا بأس عليك فإنه يسبح الله، فرد الرجل: ولكني أخشى أن تدركه الخشية فيسجد.

وسئل حكيم: أي الأشياء خيرٌ للمرء؟ قال: عقلٌ يعيش به، فسُئل: فإن لم يكن؟ قال: فإخوان يسترون عليه، فقيل: فإن لم يكن؟ قال: فمالٌ يتحبب به إلى الناس، قيل: فإن لم يكن؟ قال: فأدب يتحلى به، قيل: فإن لم يكن؟ قال: فصمتُ يسلَمْ به، قيل: فإن لم يكن؟ عندها رد الحكيم قائلاً: فموت يريح منه العباد والبلاد.

وسأل مسكينٌ أعرابياً أن يعطيه حاجة، فقال له: ليس عندي ما أعطيه للغير، فالذي عندي أنا أحق الناس به، فقال السائل: فأين الذين يؤثرون على أنفسهم؟ فرد الأعرابي: ذهبوا مع الذين لا يسألون الناس إلحافاً.

back to top