كشف مصدر رفيع المستوى في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، لـ «الجريدة»، أن المجلس عقد أمس الأول اجتماعاً خاصاً لدراسة الظروف الإقليمية والدولية بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في سورية، واحتمال وجود خطة تحاك ضد إيران.
جاء ذلك وسط تزايد المعلومات عن احتمال توجيه الولايات المتحدة وإسرائيل ضربة مشتركة لبرنامج إيران النووي بعد تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب السلطة في 20 يناير المقبل، وذلك بعد أن تلقى المشروع الإقليمي الإيراني، خصوصاً في سورية ولبنان، ضربات قاصمة، في وقت تزيد واشنطن الضغوط على بغداد للابتعاد عن طهران.
وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، أمس الأول، إن فريق ترامب يدرس خياراته لوقف البرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك توجيه ضربات جوية، حيث يبحث مستشارو ترامب العمل العسكري، لاعتقادهم أن الضغوط الاقتصادية ليست كافية لاحتواء طهران، في حين ذكرت صحيفة «الشرق الأوسط»، في تقرير، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حقق خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران.
وذكر المصدر أن أعضاء لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى (البرلمان) وشخصيات سياسية وأمنية رفيعة شاركت في الاجتماع الذي استعرض عدة تقارير وتقديرات أمنية وعسكرية وسياسية.
وحذر تقرير أمني تم عرضه على المجتمعين من أن قاذفات «بي 52» الأميركية التي أرسلتها إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن قبل آخر هجوم إسرائيلي على إيران في 26 أكتوبر الماضي لا تزال في أماكنها ولم يتم سحبها من المنطقة، وهناك احتمال بأن الإسرائيليين ينتظرون الفرصة المناسبة لاستهداف المنشآت النووية الإيرانية بعد أن باتت حالياً الأجواء السورية والعراقية مفتوحة أمامهم بشكل كامل، وأن الأميركيين قد يشاركون أو بالحد الأدنى يوافقون على الهجوم، في حال لم تتوصل طهران إلى صيغة تفاهم مع ترامب.
وأشار التقرير إلى أن واشنطن وتل أبيب شبه متأكدتين من أنه في حال اندلاع احتجاجات إيرانية واسعة، مثل احتجاجات عام 2022 التي أطلق عليها احتجاجات مهسا أميني، فإن الأجهزة الأمنية الإيرانية لن تكون قادرة على السيطرة عليها، ولهذا يجب على الحكومة تفادي أي تحركات من شأنها أن تشكل فتيلاً لأي تحرك في الشارع، مثل الإصرار على تنفيذ قانون الحجاب الإلزامي المثير للجدل أو زيادة أسعار الوقود.
وقال المصدر لـ «الجريدة»، إن التقرير الأمني، يُظهر تخوفاً إيرانياً كبيراً من تركيا، خصوصاً من اتفاق تركي ـ روسي تم على حساب المصالح الإيرانية.
وبحسب التقرير، فإن تركيا بعد ما جرى في سورية، تخطط لتحرك منسق مع أذربيجان للسيطرة على أراض في أرمينيا لربط جمهورية نخجوان بأراضي أذربيجان، مما يفتح طريقاً لأنقرة إلى بحر قزوين، وبهذا الشكل تتحول إلى محور المواصلات العالمية، حيث إنها باتت تسيطر على طريق يوصل دول الخليج بالشمال عبر سورية، ويمكنها وصل دول آسيا الوسطى والصين بأوروبا عبر بحر قزوين.
وتتخوف طهران من تحركات للمجموعات العرقية الأذربيجانية الانفصالية في إيران، وأن تنال هذه التحركات دعماً من باكو وأنقرة.
ويظهر التقرير تعويلاً إيرانياً على تحسين العلاقات مع الدول العربية التي قد تصطدم بالتوسع التركي، ويكشف في هذا المجال أن الرئيس مسعود بزشكيان سيزور القاهرة الأسبوع المقبل للمشاركة في قمة الدول الثماني النامية، حيث يلتقي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ويحاول إقناعه برفع مستوى العلاقات وتوطيدها.
وبحسب المصدر، استمع المجتمعون لتقرير منفصل من وزير الخارجية عباس عراقجي شدد فيه على أنه آن الأوان لفتح قنوات الاتصال مجدداً مع الولايات المتحدة، والعمل على الوصول إلى تفاهمات أو حتى اتفاق جديد معها، وأنه من الأفضل لإيران أن تستميل ترامب بخطوات سريعة وملحوظة، قبل أن تسبقها روسيا التي «يمكن أن تبيع إيران كما باعت سورية» على حد قوله.
وقال المصدر إنه تقرر بعث رسائل إيجابية باتجاه واشنطن، وإعادة قانون الحجاب إلى البرلمان لتأجيله.
وبعد سقوط نظام الأسد تهاوت أسعار العملة الإيرانية مقابل العملات الصعبة إلى أرقام قياسية غير مسبوقة، إذ إن الدولار الأميركي وصل لأكثر من 71 ألف تومان (710 آلاف ريال) للدولار الواحد.