تركيا تعرض تدريب القوات السورية الجديدة

«الخليجي» يؤكد الوقوف إلى جانب دمشق... وبيدرسون يطالب بـ «رفع منظم» للعقوبات
• بيدرسون يستعجل رفع العقوبات عن «تحرير الشام»

نشر في 16-12-2024
آخر تحديث 15-12-2024 | 20:53

بالتزامن مع عودة انتظام الدراسة وإقامة أول صلاة أحد في كنائس العاصمة السورية، عقب مرور أسبوع على سقوط نظام الرئيس بشار الأسد وسيطرة الفصائل المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام على السلطة، بعد هجوم خاطف بدعم من أنقرة، تلقت السلطات الجديدة في دمشق أمس عرضاً لافتاً من وزير الدفاع التركي يشار غولر لتوفير التدريب العسكري.

وقال غولر إنه ينبغي منح الإدارة الجديدة في دمشق «فرصة للحكم»، مؤكداً استعداد أنقرة لإعادة النظر في وجودها العسكري في شمال سورية، والذي تبرره بمحاربة التنظيمات الكردية المسلحة «إذا استدعى الأمر».

وفي حين أكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي دعم دول المجلس جميع الجهود الرامية إلى وحدة وسيادة وأمن واستقرار سورية، والوقوف مع الشعب السوري، وتقديم صور الدعم كل له، دعا المبعوث الأممي غير بيدرسون الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى رفع العقوبات المفروضة على سورية «ضمن مسار منظم»، لدى وصوله إلى دمشق في أول زيارة له منذ هروب الأسد الأحد الماضي.

وشدد بيدرسون على ضرورة إطلاق عملية سياسية تشمل كل السوريين، والتي كان يُفترَض إطلاقها منذ بداية الأزمة، لافتاً إلى أن سورية تمر بأزمة إنسانية ضخمة، وأنه يجب عدم اتباع «عقلية الانتقام» خلال المرحلة الانتقالية.

من جهة أخرى، أقر قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي بخسارة بلده الاستراتيجية في سورية، مؤكداً ضرورة استخلاص العبر من الدرس المرير.

ودافع سلامي عن وجود «الحرس الثوري» في سورية، حيث بدأت الأحداث المؤلمة بعد سقوط الأسد، معتبراً أن القوات الأجنبية الموجودة بشمال سورية والصهيونية في جنوبها تهدف إلى احتلال أراضيها وتقسيمها.

وجاء ذلك في وقت أقر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خططاً لتوسيع الاستيطان في هضبة الجولان، وشنت الطائرات الحربية الإسرائيلية نحو 60 غارة على مواقع عسكرية وعلمية بعموم سورية، ودخلت قوات الاحتلال 3 قرى جديدة في محافظتي درعا وريف دمشق، والتقت مع ممثلين عن قرية في درعا بهدف «إنهاء المظاهر المسلحة بالمنطقة الحدودية».

وفي تفاصيل الخبر:

غداة تأكيد اجتماع عربي دولي بحضور تركي، استضافته مدينة العقبة الأردنية، على دعم مسار تحول جامع بمساعدة أممية لإعادة بناء سورية جديدة تحفظ وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها، ولا تشكل تهديداً لجيرانها والمنطقة، عقب الإطاحة بنظام البعث وفرار الرئيس المخلوع بشار الأسد، تلقت أمس سلطات دمشق الجديدة التي تهيمن عليها هيئة تحرير الشام المتشددة عرضاً تركياً لتوفير التدريب العسكري.

وقال وزير الدفاع التركي يشار غولر، الذي تعد بلده أكبر الرابحين من التحولات التي تشهدها سورية، إنه ينبغي منح الإدارة الجديدة في دمشق «فرصة للحكم»، مضيفاً أن أنقرة مستعدة لتوفير التدريب العسكري «إذا طلبت الإدارة السورية الجديدة ذلك».

وأضاف غولر في أنقرة: «في بيانها الأول، أعلنت الإدارة الجديدة التي أطاحت الأسد أنها ستحترم كل المؤسسات الحكومية والأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى». وتابع: «نعتقد أننا بحاجة إلى رؤية ما ستفعله الإدارة الجديدة ومنحها فرصة».

ولفت وزير الدفاع التركي إلى أن بلاده، التي دعمت الهجوم الخاطف الذي شنته الفصائل السورية المسلحة للسيطرة على دمشق، قد تناقش وتعيد تقييم مسألة وجودها العسكري في سورية مع الإدارة الجديدة «إذا اقتضت الظروف»، في إشارة إلى المناطق التي تحتلها قوات تركية بشمال سورية لمحاربة التنظيمات الكردية المسلحة التي تتهمها بدعم التمرد الكردي داخل أراضيها.

من جانبه، قال وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا، إن 7600 سوري عادوا إلى بلدهم عبر الحدود التركية خلال أول خمسة أيام بعد سقوط الأسد.

المبعوث الأممي

في موازاة ذلك، شدد مبعوث الأمم المتحدة غير بيدرسون لدى وصوله إلى دمشق بأول زيارة منذ رحيل الأسد، إن «العملية السياسية يجب أن تكون شاملة وأن يقودها السوريون بأنفسهم».

وقال المبعوث: «نحن على تواصل مع جميع أطياف الشعب السوري، ولا نريد أي عمليات انتقامية».

وشدد على ضرورة أن تبدأ مؤسسات الدولة العمل بشكل كامل مع ضمان الأمن لها، متمنياً رؤية نهاية سريعة للعقوبات الدولية والغربية على سورية، وأن تنطلق فيها عملية التعافي قريباً.

وكان بيدرسون حضّ أمس الأول خلال اجتماع العقبة، الذي غابت عنه روسيا وإيران وممثلي دمشق، القوى الخارجية على بذل الجهود لتجنب انهيار المؤسسات الحيوية السورية.

دعم خليجي

في غضون ذلك، رحب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي بالبيان الصادر عن لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سورية التي عقدت اجتماعها، أمس الأول، في الأردن، مؤكداً دعم دول المجلس جميع الجهود الرامية إلى وحدة وسيادة وأمن واستقرار سورية والوقوف مع الشعب السوري وتقديم كل صور الدعم له.

وأشاد البديوي بما تضمنه البيان مشيراً إلى أنه سيسهم في بناء وازدهار سورية «وإنهاء مأساة ومعاناة الشعب السوري الشقيق».

وأكد وزراء خارجية الدول الأعضاء في لجنة الاتصال العربية دعم عملية انتقالية سلمية سياسية (سورية - سورية) جامعة تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية.

مرارة إيرانية

في هذه الأثناء، أقر قائد «الحرس الثوري» الإيراني، اللواء حسين سلامي، بخسارة بلده المريرة جراء المستجدات التي تشهدها دمشق أمس.

ودافع سلامي عن الوجود الإيراني في سورية الذي تمدد خلال الحرب الأهلية، مؤكداً أنه «لم يكن له أطماع»، بل كان هدفه «حفظ كرامة الشعب السوري».

ولفت إلى أن «ما حدث في سورية هو درس صعب ومرير يجب أن نتعلم منه»، معتبراً أن الأحداث المؤلمة التي مرت بها سورية بدأت بعد سقوط الأسد.

ورأى أن الوجود الأجنبي في سورية يهدف إلى تقسيم البلاد واحتلال أجزاء من أراضيها.

وتابع: «اليوم، يدرك الشعب في دمشق أن غياب رجال المقاومة يعني تقسيم الأرض، بين الصهاينة من جهة، وقوى أخرى من الشمال، مما يترك الشعب في حالة من المعاناة» في إشارة إلى إسرائيل وتركيا.

وأتم قائلاً: «بعد انسحابنا، أصبح بإمكان الصهاينة، بوضوح، التسلل حتى إلى حياة الناس في دمشق، لكن كما قال المرشد الأعلى علي خامنئي، فإن الشباب السوري سيحرر الأراضي المحتلة، وسيسقط الكيان الصهيوني» لكن هذا يحتاج لبعض الوقت.

غارات وتقليص

على الجهة المقابلة، شن الطيران الحربي الإسرائيلي، سلسلة غارات جوية جديدة، استهدفت نحو 52 موقعاً عسكرياً وعلمياً بعدة محافظات سورية بما في ذلك العاصمة دمشق، ليلة السبت، وفجر الأحد، بهدف تدمير القدرات العسكرية ومنع وقوعها في أيدي الجماعات المتشددة، فيما أفيد بأن جيش الاحتلال سيطر على 3 قرى جديدة بمحافظتي درعا وريف دمشق أمس. وذكر «المرصد السوري» أن القوات الإسرائيلية اجتمعت مع ممثلين عن قرية كويا التابعة لناحية الشجرة غربي درعا بهدف جمع السلاح وانهاء المظاهر المسلحة بالمنطقة الحدودية.

ووافقت الحكومة الإسرائيلية أمس، على خطة لتوسيع المستوطنات الإسرائيلية في هضبة الجولان المحتلة، قائلة إنها تصرفت «في ضوء الحرب والجبهة الجديدة مع سورية» ورغبة في مضاعفة عدد السكان الإسرائيليين في الجولان.

وذكر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في البيان أن «تقوية الجولان هي تقوية لدولة إسرائيل، وهي مهمة على نحو خاص في هذا التوقيت. سنواصل التمسك بها وسنجعلها تزدهر ونستقر فيها».

من جهة ثانية، لفت المرصد المعارض إلى أن القوات الروسية سحبت مدرعاتها من دمشق وريفها ضمن خطواتها لتقليص وجودها باتجاه قواعدها الأساسية في طرطوس واللاذقية على الساحل السوري.

عودة الحياة

من جهة ثانية، ومع استمرار عودة مظاهر الحياة إلى دمشق وعدة مدن سيطرت عليها الفصائل، انتظمت العملية التعليمية بمدارس العاصمة، أمس، فيما تضاربت الأنباء بشأن صحة تقارير عن مقتل وجرح عدد من عناصر «فيلق الشام» بهجوم شنته مجموعة موالية للأسد بقرية المزيرعة بريف اللاذقية.

على صعيد آخر، دعا قائد قوات سورية الديموقراطية الكردية المعروفة بـ«قسد» مظلوم عبدي لوقف العمليات العسكرية في كامل سورية.

ورحب قائد «قسد» التي تعتمد عليها القوات الأميركية الموجودة في سورية بمحاربة «داعش» بالبيان الختامي لاجتماعات العقبة، مشيداً بالدور العربي الفعال في إخراج سورية لبر الأمان.

وأكد المسؤول الكردي السوري ضرورة وقف العمليات العسكرية، لافتاً إلى أن استقرار سورية يبدأ بإشراك جميع الأطراف وضمان وحدة أراضيها.

وأتى ذلك ذلك في وقت تشهد المناطق الحدودية التي تخضع لسيطرة «قسد» توتراً مع الفصائل العسكرية المدعومة من أنقرة وخاصة في منبج وعفرين مع قرب انتهاء هدنة مؤقتة توسطت بها واشنطن بين الطرفين.

في السياق، كشف مصدر كردي أن حوارات تجري بين مسؤولين في قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ومسؤولين في «قسد» حول نقل رفات سليمان شاه، أحد مؤسسي الدولة العثمانية إلى جنوب كوباني قرب الحدود التركية.

وتحدث المصدر الكردي عن نوايا تركية ببناء قاعدة عسكرية جنوبي كوباني، في حين تقترح «قسد أن يكون هناك عدد صغير من الجنود الأتراك لحماية رفات سليمان شاه».

ووسط خلافات بين التيارات الكردية الإقليمية بشأن التطورات، أكد الزعيم التاريخي لأكراد العراق مسعود بارزاني أن تصريحات قائد «الإدارة السياسية الجديدة» وهيئة «تحرير الشام»، أحمد الشرع المعروف بالجولاني، حول الشعب الكردي في سورية، التي وصف فيها الأكراد بأنهم «جزءٌ من الوطن وشريكٌ في سوريا المستقبل»، تمثل «منطلقاً يمهّد لبناء سورية قوية».

back to top