رسالة إلى الشعب السوري
لقد دفعتم أثمانًا باهظة من أجل الحرية والكرامة، وكنتم مثالًا للصمود والصبر والتضحية حتى تمكنتم من إسقاط نظام الأسد، لكن وطنكم اليوم يقف على مفترق الطرق، إما أن سورية جديدة مبنية على أسس متينة قوامها الوحدة والعدالة والعطاء، أو الانجراف وراء الفوضى والتناحر لتذهب تضحياتكم أدراج الرياح.
قد لا أكون الأول في إبداء النصح، وحتماً لن أكون الأخير، ولعل التجارب التي مرت بها الشعوب العربية التي استطاعت إسقاط أنظمتها الاستبدادية كفيلة بأخذ العبر والدروس منها، فما أكتبه قد لا يخرج عن السياق ذاته، لكن المطلوب أخذ النقاط التالية على محمل الجد:
1- الحفاظ على وحدة الصف والابتعاد عن الطائفية والإثنية العرقية، فسورية للجميع واللحمة الوطنية طريقكم لوقف قطار الانقسام والصراع والاقتتال.
2- قدموا مصلحة الوطن على مصالحكم الشخصية والفئوية، وتجاوزوا الماضي، وتذكروا أن الانتقام لن يبني وطنًا، واسعوا إلى المصالحة الوطنية الحقيقية التي تضمن حقوق الجميع دون ظلم أو إقصاء، ومن لديه مظلمة فالقضاء وسيلته، واعملوا على إقامة دولة مؤسسات والقانون يكون فيها المواطنون متساوين بالحقوق والواجبات.
3- أعطوا الأولوية للكفاءات والخبرات الوطنية ومكنوهم من بناء المؤسسات، بعيدًا عن المحاصصة والولاءات، فأنتم في أمسّ الحاجة للعقول النيرة والأيادي النظيفة.
4- تجنبوا الوقوع تحت نفوذ القوى الخارجية التي قد تسعى إلى تحقيق أجنداتها على حساب مصلحة سورية، والحسابات المشبوهة، من خلال المحافظة على استقلالية قراركم الوطني لبناء دولة المؤسسات.
5- ركزوا على إعادة بناء البنى التحتية، والإصلاح الاقتصادي، وتحسين النظام التعليمي والصحي، وإيجاد فرص عمل للشباب ضمن مفاهيم التنمية والاستثمار المستدام.
6- الدعوة إلى إجراء حوار ومصالحة وطنية يضم جميع الأطياف السورية لوضع رؤية مشتركة لمستقبل سورية، وبما يضمن تمثيل الأقليات ويحول دون عودة الظلم والاستبداد.
7- الحذر من أهداف الكيان الصهيوني، فلسورية دائمًا دور محوري في مواجهة المشروع التوسعي الإسرائيلي، وعدم التنازل عن أي شبر، خاصةً فيما يتعلق بالجولان المحتل، لذلك لا بد أن يكون لديكم مشروع استراتيجي متعدد الأبعاد يشتمل على الأبعاد التالية:
- إعادة بناء جيش عقيدته الدفاع عن الأرض السورية وحماية مصالح الشعب.
- الإبقاء على ملف الجولان ضمن صدارة أولوياتكم الوطنية، مع التأكيد المستمر على حق سورية في استعادة أراضيها بالوسائل المشروعة، وفضح جرائم الكيان الصهيوني التي ما زال يرتكبها على الأراضي السورية أمام المجتمع الدولي بما في ذلك مصادرة الأراضي والاستيطان واستغلال الموارد الطبيعية وقصفه لمقدرات الشعب السوري العسكرية والبحثية.
- العمل على إصدار القرارات التي تدين الاحتلال الإسرائيلي للجولان وفقًا للقرار رقم 242، ورفع الدعاوى القانونية ضد إسرائيل ومطالبته بالتعويض عن الأضرار التي ارتكبها بحق سورية قبل سقوط النظام وبعده، مع ضرورة تعزيز العلاقات مع دول المناهضة لسياسات الكيان الصهيوني التوسعية.
أخيراً:
سورية اليوم عادت إليكم فاجعلوا من تضحياتكم نبراسًا لبناء وطن يعمه العدل والسلام، وطن يحتضن الجميع دون تفرقة، ولا تدعوا الماضي يشدكم إلى الوراء، بل اصنعوا مستقبلاً مشرقًا للأجيال القادمة، فبكم ستكون سورية قوية حرة مستقلة.
ودمتم سالمين.