استغلت سلطات الاحتلال الإسرائيلية الأحداث الأخيرة في سورية وسقوط النظام الأسدي، وبدء صحفة جديدة في تاريخ سورية المعاصر، لتوسع احتلالها للأراضي السورية وتتمدد فيها، ولتثبت مجددا أنها غير عابئة لا بالقانون الدولي ولا بقواعده وأعرافه، ولا يهمها إلا تثبيت احتلالها لأراض وطنية سورية، متبعة نهج احتلالها وتوسعه في الأراضي الفلسطينية.

لقد دخلت الدبابات الإسرائيلية في 8 ديسمبر الحالي ولأول مرة منذ عام 1973، إلى داخل الأراضي السورية، وسيطرت كذلك على الجانب السوري من جبل الشيخ، وتكون بذلك قد دخلت في «المنطقة العازلة» بمرتفعات الجولان السورية المحتلة والتي اغتصبتها وضمتها إسرائيل لأراضيها تبعا لقرار الكنيست الإسرائيلي في ديسمبر من عام 1981، وهو قرار لم تعترف به الأمم المتحدة ولا العديد من دول المجتمع الدولي، وبررت قوات الاحتلال ما قامت به تبعا للأحداث التي جرت في سورية منذ 27 نوفمبر الماضي وصولا إلى سقوط النظام الأسدي في 8 ديسمبر، فهي تريد أن تستبق الأمور وتتحصن بعد أن سقطت مدينة القنيطرة السورية في أيدي الجماعات المسلحة المسيطرة على الأراضي السورية حاليا، وتحسبا، حسب أقوالها، من مغبة اقتراب هذه الجماعات من الحدود الإسرائيلية.

Ad

ويجب ألا ننسى ونحن نتحدث عن هضبة الجولان المحتلة، بأن الأمم المتحدة قد أنشأت بموجب قرار مجلس الأمن رقم 350 (1974) قوات مراقبة فض الاشتباك التابعة للأمم المتحدة، أي قوات حفظ السلام في الجولان، وهو ما يُعرف باسم (يوندوف) بقصد متابعة اتفاقية فض الاشتباك بين القوات السورية والاسرائيلية في الجولان، وتم تمديد عمل هذه القوات بقرار صدر عن مجلس الأمن عام 2017 ولا يزال ساري المفعول حاليا.

ولم تتوقف الأعمال العدائية الإسرائيلية على احتلال الأراضي السورية بل تجاوزتها، خلال الأيام الماضية، إلى ضرب المنشآت والمرافق العسكرية، وكذلك مراكز البحوث العلمية، والسفن العسكرية البحرية في المرفأ السوري إمعانا منها بممارسة اعتداءاتها وانتهاكاتها للأراضي السورية.

لا تتوانى سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن استغلال كل الفرص المتاحة لها لتوسيع احتلالها واستيطانها، وتستغل كل الأحداث لفرض هيمنها وتسلطها على شعوب الدول في المشرق العربي، وتعزز في الأذهان صورة المحتل المغتصب الذي لا يعير أي اهتمام أو قيمة لقرارات الأمم المتحدة وضرورة احترام سيادة الدول، والاعتداءات الأخيرة والفاضحة على الأراضي السورية دليل صارخ لاستهتارها بهذه القرارات وانتهاكاتها لتلك السيادة.

وتبقى أخيراً وليس آخراً، عمليات القصف المستمرة في قطاع غزة وقتل الأبرياء وتدمير الأحياء شاهدا على استهتار مستمر وبشع لقوات الاحتلال بقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

* أكاديمي وكاتب سوري مقيم بفرنسا