أسبوع مرّ على سقوط نظام بشار الأسد، وتشهد سورية متغيرات كثيرة، وتتحضر لورشة سياسية كبيرة، يتم من خلالها إعادة وضع دستور جديد للبلاد، يتم بموجبه تحديد شكل الحكم أو النظام السياسي فيها، ويتم تحديد موعد للانتخابات الرئاسية وانتخابات مجلس الشعب.

من يلتقِ القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع يخرج بانطباعات حول مراحل التطور التي مرّت بها شخصية الرجل وتجربته، فيبدو واقعياً، يقرأ التطورات الدولية والإقليمية، ويؤكد التمسك بالحفاظ على وحدة سورية، والتواصل والتنسيق مع الجهات المختلفة وكل مكونات المجتمع السوري.

Ad

ويعرف الرجل حجم المخاطر، وأن هناك جهات تسعى إلى تقسيم سورية أو إضعافها، وهو يشير إلى امتلاك رؤية لبقائها موحدة مع الاستعداد للتواصل والتنسيق مع مختلف الجهات السورية. ويركز على العمل مع «الدولة» العميقة، في المؤسسات المختلفة، وأطلق العمل على إنجاز تسويات وترتيبات لأوضاع رجال الأمن والعسكريين الذين كانوا يقاتلون في صفوف نظام الأسد، مؤكداً أنه سيتم العمل على إعادة تأسيس الجيش وتشكيل شرطة الأمن الداخلي.

وما يلومه عليه البعض هو إصراره على أن يحكم بنفسه وحيداً ومع مجموعته، المرحلة الانتقالية في سورية والتي حددها بثلاثة أشهر، وسط مخاوف من آخرين باحتمال تمديد هذه الفترة، ويشرح أسبابه وراء ذلك، والتي تعود إلى عدم التخلي عن إدلب وأهل الشمال عندما وصل إلى دمشق، وثانياً تحسباً لأي خلافات أو صراعات ستبرز بين المجموعات المختلفة في المرحلة الأولى لسقوط النظام وخلال الفترة الانتقالية.

ويؤكد أنه سيسعى إلى استعادة كل الجغرافيا السورية، وعدم ترك أي فصيل يتمسك بسلاحه، وهذا جزء من التسوية التي يعمل عليها مع «فصائل الجنوب» إذ توصل إلى تسوية مرحلية هي في بقاء هذه الفصائل بانتظار تشكيل الجيش وانضوائها فيه، في مقابل تشكيل عناصر شرطة يتم إرسالهم من دمشق إلى الشمال ويكونون تحت إشراف هيئة تحرير الشام، كذلك بالنسبة إلى المحافظ الذي سيتم تعيينه، فالشرع يبدو حريصاً على الإمساك بالمفاصل الأساسية في مختلف المناطق وعلى كل المعابر الحدودية، وهو ما يظهر في إرساله مجموعات موالية له إلى معبر نصيب مع الأردن.

ويعلم الشرح بمدى التحديات التي تنتظره مع الأكراد، ويؤكد أن اهتماماته ستنصب على المناطق الكردية، والسعي إلى استعادة شرق سورية، ولكن من دون تهجير أي مواطن سوري، في موازاة ذلك يفترض أن ينتقل العمل إلى آليات وضع دستور جديد، حتى الآن من غير المعروف كيف سيتم تعيين اللجنة الدستورية وإذا ما كان سيتم انتخابها أم اختيار أعضائها.

وهناك انفتاح على المعارضة السياسية وعلى كل المكونات والتعاون في وضع إطار سياسي جامع للمرحلة المقبلة، وهنا يمكن للمرء أن يستنتج أن الشرع يتعاطى من موقع الأقوى والمنتصر، ويريد للجميع أن يتعاونوا معه أو يأتوا إليه، لكنه يشدد على أن الدستور سيكون على أساس المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات.

ويتعاطى الرجل مع المرحلة المقبلة، بكثير من التحدي، ويضع برنامجاً زمنياً، فخلال سنة سيشهد الناس الفرق بين الوضع الجديد والوضع السابق، وخلال خمس سنوات ستبدأ الإنجازات بالظهور، كما يشدد على حماية الحريات الفردية والشخصية، واجتذاب كل الأطياف وإن كانوا معارضين له، مع تأكيده أنه لا داعي لأحد أن يخاف من تجربة «طالبان» في سورية، لأن سورية بلد متعدد ومتنوع، وهناك حرص على هذا التنوع، ولا أحد يريد تكرار أي تجربة أخرى.

ويركز الشرع على الانفتاح على مختلف الدول والجهات، فتتكرر على لسانه عبارة «العمق العربي والإسلامي»، فيبدو كأنه نموذج معدّل من النموذج التركي أو من نموذج حزب العدالة والتنمية. في هذا السياق، فإلى جانب افتتاح تركيا لسفارتها وزيارة مسؤولين أتراك إلى دمشق، ومع زيارة وفد قطري، فإن مصادر متابعة تشير إلى بدء فتح خطوط التواصل بين جهات عربية أخرى مع هيئة تحرير الشام إلى جانب التواصل الأميركي المباشر الذي بدأ.