هل يخضع حفتر لمطالب روسيا بإنشاء قواعد عسكرية في ليبيا؟
على الرغم من أنه لم يستجب طوال سنوات للطلبات الروسية بإنشاء قواعد عسكرية في شرق ليبيا، فإن التغيرات الإقليمية بالمنطقة قد تدفع المشير خليفة حفتر إلى منح موسكو مرادها مقابل حماية نظامه، وفق ما حذّر الباحث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، الخبير في الشأن الليبي، ولفرام لاتشر، مشيراً إلى أن روسيا تسعى إلى تعزيز نفوذها بليبيا، مع تصاعد احتمالية فقدانها قاعدتيها العسكريتين في سورية.
وذكر لاتشر، في مقابلة مع إذاعة فرنسا الدولية (آر إف أي) أن «موسكو طلبت منذ سنوات إنشاء قاعدة بحرية في طبرق شرق ليبيا، ومع ذلك، وعلى الرغم من علاقاته القوية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لم يستجب حفتر لهذه المطالب، إذ إن منح روسيا وصولاً حصرياً قد يهدد علاقاته مع القوى الغربية، وهو خطر لا يبدو أن حفتر مستعد لتحمّله».
وأضاف أن روسيا، التي تؤدي دوراً محورياً في حماية حفتر ضد خصومه المتمركزين في غرب ليبيا، تواجه تحديات لوجستية، ففي حال فقدت قاعدتها الجوية في سورية، قد تواجه طائراتها صعوبة في الوصول إلى ليبيا من دون توقف للتزود بالوقود. وبالمثل، فإن خسارة قاعدة طرطوس البحرية ستحدّ من قدرة موسكو على نشر السفن الحربية في شرق المتوسط.
في المقابل، يعتمد حفتر استراتيجية براغماتية وانتهازية، إذ بينما ترى فيه روسيا شريكاً استراتيجياً للحفاظ على نفوذها في «المتوسط»، يستغل من جانبه هذه العلاقة بذكاء، من دون أن يقطع علاقاته مع القوى الأخرى. ومع ذلك، قد تفرض التغيرات الإقليمية والدولية إعادة رسم خريطة التحالفات، مما سيجبر حفتر على إعادة تقييم خياراته.
وأشار لاتشر إلى أن حفتر، (81 عاماً)، يُعد ابنه صدام لخلافته، حيث يضعه في الواجهة لقيادة المرحلة القادمة، إذ عزز الأخير مكانته الإقليمية من خلال التعاون مع تشاد، وساهم في عام 2021 بالقضاء على متمردي جبهة التغيير والوفاق التشادية المعارضة.
وحذّر من أن انسحاب القوات الفرنسية من تشاد قد يخلق فراغًا أمنيًا يمكن أن يسمح بإعادة تنظيم الجماعات المتمردة في المنطقة، وقد يدفع هذا السياق حفتر، أو ابنه، إلى إعادة تشكيل تحالفاته وإعادة تقييم توازناته الحالية.
في السياق ذاته، قالت مجلة أفريكا كونفيدنشال البريطانية إن سقوط النظام السوري يؤثر على عمليات موسكو في ليبيا وشمال إفريقيا، مما قد يدفعها لإنشاء قواعد جديدة في القارة الإفريقية، في إطار سعيها إلى بناء تحالفات جيوسياسية جديدة، مؤكدة أن ليبيا هي الخيار الأكثر ترجيحا.
وذكرت «أفريكا كونفيدنشال» أن موسكو تحركت في الأشهر الأخيرة لتطوير منشآتها العسكرية ومخازن أسلحتها في قاعدتَي براك الشاطئ والجفرة الجويتين، لافتة إلى أن الأخيرة شهدت تدريب مجموعة من جماعة المرتزقة الروسية «فاغنر» للقوات الموالية للجنرال خليفة حفتر، التي لا تزال تسيطر على شرق ليبيا.
كما أشارت المجلة إلى أن الوجود الروسي في ليبيا قد يؤدي إلى تعطيل إمدادات الطاقة الأوروبية وتوسيع نفوذها الجيوسياسي في شمال إفريقيا، كما يقوّض فرص التوصل إلى اتفاق سلام وتقاسم السلطة بين حكومتَي بنغازي وطرابلس.