الحوار الذي تشهده دواوين الكويت بشأن فقد الجناسي وسحبها، حوار حيوي ومنطلقاته وطنية من كل الأطراف المؤيدة والمتشككة، وإثراءً لذلك أقول:
العدل في ألا يحقق المزور الجنسية أو المتواطئ معه أو من سهّل ذلك، أو العالم به، أو من شراها، أو حازها بطريق غير مشروع، ألا يتحقق له ذلك، وألا يفلت من العقاب من سهل ذلك ورتب له. وأمر حسن أن يُسمَع صاحب التظلم.
والعقل أن تتم المعالجة للموضوع بلا تجنٍّ أو ظلم، وأن تعالج آثار ذلك بطريقة تحفظ كرامة الناس وحقوقهم بلا مجاملة.
والوطنية أن نتحقق من دقة ما يتداول، ونسدي النصح والمساندة والدعم لقيادتنا السياسية والمسؤولين، حماية لهوية البلد وتنقيتها من العبث.
ومن هنا، يجب التأني قبل إصدار الأحكام على إجراءات السحب والفقد، وينبغي أن نجعل حوارنا وطنياً عادلاً وعقلانياً.
لا يوجد شخص يتفق مع سحب أو فقد أو إسقاط الجنسية هكذا بلا مبرر من أي شخص إلا إذا كان حصوله أو كسبه للجنسية - لأي سبب أو إجراء غير مشروع أو غير قانوني - بتزوير أو غش أو تدليس أو تغيير للبيانات أو بدفع ثمن - أياً كان - أو يعلم أو متواطئ بذلك! أو لعدم صدور الأداة القانونية الصحيحة، وهي المرسوم!
وواضح من مراجعة المراسيم الصادرة بمنح الجنسية بالتجنّس أنها لا تتضمن كل المتجنسين! الذين أغلبهم رجال، وفيها عدد ليس بالقليل من النساء (الزوجات)!
والسؤال: ما الأداة التي حصلوا استناداً إليها على الجنسية؟
الجواب: قرار من وزير الداخلية! ووزير الداخلية - مثل مجلس الوزراء ومثل رئيس الوزراء - لا يملك منح الجنسية بقرار منه، وإن قام بذلك كما هو في العديد من الحالات، فإن المركز القانوني للشخص، رجلاً كان أو امرأة، بحصوله على الجنسية يكون لم يولد أساساً، ذلك أن عيب الاختصاص هنا جسيم، ومن ثم يترتب عليه عدم نشوء مركز للحصول على الجنسية بالتجنيس، ومن ثم يصبح ذلك القرار عملاً مادياً، لا يكسب حقاً ولا يولّد مركزاً قانونياً لمن أخذ الجنسية دون أساس.
والأمر اللافت هو أن يكون هناك من حصل على الجنسية بلا مرسوم وبلا قرار، وربما أعدادهم تفوق أي تصور! ما يعني أن صور العبث كانت تعليمات مباشرة أو شبكة مشبوهة في الإدارات المعنية! وإلا فكيف تم ذلك؟!
وهنا، لا بد من الإشادة بالتوجيهات السامية لسمو الأمير بتطهير ملف الجنسية، والعمل الدؤوب والمتواصل لوزير الداخلية واللجنة العليا للجنسية الذين يعملون ليل نهار على تطهير هذا الملف مع التأني بما يضمن العدالة وعدم الظلم.
ولأهمية الحوار نطرح السؤال المهم الآتي: هل معالجة عدم سلامة إجراءات وأداة منح الجنسية للزوجة تتم بمعزل عن اعتبارات مهمة إنسانياً واجتماعياً وأسرياً؟ أم أنها تتم بمعيتها؟
فلئن انتهى الرأي لسحب الجنسية لعدم وجود أداة منح الجنسية، فإن ذلك لا يعني إطلاقاً - بالنسبة للمادة الثامنة فقط - عدم إشاعة الطمأنينة والأمن القانوني والثقة، من خلال حزمة من الإجراءات المصاحبة، ومنها حفظ وحدة الأسرة واستقرارها وتماسكها، بوضع حل بديل يحقق ذلك، فما أكثر الحلول وتنوعها، وكذلك حفظ المركز المالي والاقتصادي لمن سحبت جنسيتها من الزوجات - في الحالات الجادة والمستقرة - ومنها وضع آلية محددة لاستقرار الحقوق والمعاملات، دون إفراط في متطلبات وإجراءات تضع المسحوبة جنسيتها في موضع التهمة والريبة! وأخيراً فتح باب للتظلم العملي لتحقيق العدالة والإنصاف، لعدم التماثل بين جميع من شملهن هذا القرار.
وهذه الحزمة من الإجراءات ستكون عاملاً داعماً ومهماً، للمضي في تنقية ملف الجنسية مما لحقه من عبث في العديد من الجوانب، بسبب إسهام مشترك من أطراف مؤثرة في حكومات ومجالس أمة سابقة، أدى إلى الإضرار بمصالح البلد.