إرث دبلوماسي
لم يكن من المستغرب أن تعلن دولة الكويت رغبتها في الانضمام إلى جامعة الدول العربية فور استقلالها، إذ جاءت هذه الخطوة بتوجيه من الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم، تعبيراً عن حرصه على تعزيز انتماء الكويت إلى البيت العربي، وقد جاء هذا القرار إيماناً راسخاً بأن الكويت جزء لا يتجزأ من المحيطين العربي والدولي، عبر انضمامها إلى المنظمات بأنماطها المختلفة الدولية منها كالأمم المتحدة والإقليمية كجامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربي.
ومن منا لا تأخذه الذكريات الى الستينيات، وتحديدًا منتصف العام عندما تقدمت الكويت بطلب الانضمام إلى عضوية جامعة الدول العربية لتنطلق بعدها فيرسم ملامح سياستها الخارجية التي ارتكزت على الأيديولوجية العربية والإسلامية كأعمدة رئيسة، إلى جانب تحقيق الجانب الأمني والسياسي، وهنا تميزت الكويت بمبادرتها المتميزة عبر حرصها على دعم الدول العربية الأقل ثراءً ودول العالم الثالث من خلال توجيه الاستثمارات إليها، مما أدى لاحقًا إلى إنشاء الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية، وقد عرف الصندوق كأول مؤسسة إنمائية عربية استطاعت بنجاح تحديث الأساليب المصاحبة لدعم الجهود التنموية للدول العربية والدول النامية الأخرى؟
ومن منا لا تأخذه الذكريات الى الأيام التي تجرعنا من خلالها الألم، وارتوينا بحب الوطن بعد تحرير الكويت من الغزو العراقي الغاشم، حيث أصدرت الجامعة العربية فورا قرارًا يدين الغزو، داعية إلى قمة عربية طارئة، مؤكدة ومصرة على سيادة الكويت واستقلالها؟
وانطلقت بعدها مبادرات الكويت بمنحى جديد ألا وهو رعاية المؤتمرات الهادفة لدعم العمل الإنساني، وهي بذلك تستمر في الشعور بمعاناة الدول العربية التي أصابها النزيف الحاد بسبب ويلات الحروب واضطراب الأوضاع الداخلية، وانتشار الفقر والجوع اللذين أصابا دولا عرفت قديما بوفرة الموارد الغذائية الي جانب الثروات الطبيعية كالتربة الصالحة للزراعة والـنهار، فما كان من الكويت إلا أن تبادر باستضافة المؤتمرات لتجميع الدول المانحة وتوجيه المساعدات الى الدول المنكوبة، بالإضافة الى مساهمتها الشخصية لإنقاذ ما أمكن إنقاذه من أماكن الكوارث في مناطق متعددة في عالمنا هذا، واليوم تستمر الكويت في توطيد علاقاتها الخارجية مستندة إلى إرثها الدبلوماسي المتميز تجاه تعزيز قوامها التنموي والدبلوماسي.