برنامج عمل حكومي «أخضر تقني» يرقى للطموح والتطلعات
حين تتشكل الحكومات حول العالم نجد أنها تأتي وهي تسابق الزمن لتثبت للشارع المحلي والعالم أمرين رئيسين: الأول يتصل فيما يتعلق بتطبيقات ذات مدة محددة من خلال مشاريع حيوية تنموية ترقى لتطلعات المواطن والمقيم، والثاني يتعلق بقيام تلك الحكومات بالعمل على إصلاحات مختلفة سواء كانت اقتصادية أو فنية وخلافه، كل هذا يتم من خلال برنامج عمل تلك الحكومة الذي يطرح أمام العامة وكل السلطات والبرلمان للقيام بمراقبته ومحاسبة المسؤولين عنه، وبسبب الوضع الاستثنائي الذي نمر به بتعليق البرلمان حاليا، نجد أن الحكومة الحالية تقوم بأعمال السلطتين التنفيذية وما يتصل بالتشريعية كذلك، ولكن دون رسم واضح للملامح الخاصة بالمرحلة المقبلة.
توقعنا جميعا بعد تشكيل الحكومة الحالية أن تتسابق لإسكات أصوات المعترضين من خلال طرح برنامج عمل تكاملي وفني ذي طابع سياسي واقتصادي واجتماعي لم يسبق له مثيل، يكون هذا البرنامج لافتا لأنظار العالم ومبهراً إلى حد الثمالة السياسية، يركز على جوانب مختلفة لم نر مثلها أبدا، طبعا كل هذا لم يتحقق بتاتا ولم نر شيئا بالمقابل، بل على العكس مرت أسابيع وشهور طويلة وأخبار بأن البرنامج الخاص بعمل الحكومة (بيض الصعو) سيطرح قريباً، وأن الوزارة والوزير الفلاني أو العلاني يضع اللمسات الأخيرة والنهائية عليه، هذا كله الآن في مهب الريح ولا فائدة نرجوها منه بتاتا، إذ طال الأمد والوعد وأصبحنا الآن ننتظر أي التزام وملامح للخطة الحكومية القادمة من خلال طرح برنامج عملها لنفهم أين نحن متجهون وإلى ماذا تحديداً.
الحل الوحيد الآن الذي يجب أن يكون على مستوى الحدث هو فعلا طرح برنامج لعمل الحكومة والتحضير لمؤتمر صحافي يخرج به الوزراء، وتحديدا مجموعة متكاملة منهم لتغطية كل جوانبه، وشرح برنامج العمل بشكل مستفيض جداً، ويكون هذا البرنامج مواكبا للأحداث وتطلعات الشارع بشكل جدي ودقيق وواضح، وبعد هذا المخاض العسير لهذا البرنامج المتضمن خطة عمل الحكومة، يجب على المسؤولين عنه أن يضعوا نصب أعينهم أموراً ونقاطاً مهمة لتسبغ عليه الطابع الواقعي الملموس والفني لمواكبة عدد من الأمور التي يجب عدم إغفالها من ناحية العمل على إلزام الحكومة بمشاريع تنموية جديدة للحياد الكربوني مثلا، والتركيز على الطاقة المتجددة والبديلة، والعمل على تنوع مصادر الدخل الوطني من خلال وضع آليات جديدة للسندات الكربونية، والعمل على تدشين سبل للطاقة النظيفة وغيرها من أمور فنية تتصل بخلق فرص عمل من جهة وعوائد تنموية من جهة أخرى ترقى بالمجتمع.
كل هذا وأكثر بكثير يجب أن يتضمنه برنامج عمل الحكومة القادم بعد طول انتظار، وألا يكون الأمر محصوراً بأمور هامشية لا تسمن ولا تغني من جوع، بل الشعب الآن أصبح واعيا ومراقبا دقيقا لكل تفاصيل السلطة التنفيذية بقطاعاتها كافة، كونها اللاعب الوحيد في الساحة السياسية.
على الهامش:
في غياب البرلمان المنوط به محاسبة الحكومة على برنامج عملها، يجب أن تخرج مجموعة من الوزراء كل فترة، وحبذا لو كانت (ربعية) كل ثلاثة أشهر مثلا، تشرح أهم الإنجازات والأهداف المحققة من برنامج عمل الحكومة مع تحديد مخرجات كل مرحلة ومصاريفها.
هامش أخير:
كُتب هذا المقال منذ قرابة شهر ونصف الشهر وتعمدت ألا أنشره لعل وعسى أن يكون هناك برنامج عمل للحكومة يخرج للعيان، ولكن أعتقد أنه قد حان أونه ويجب أن ينشر ليثبت للقارئ أن الهدف هو الإصلاح والتوعية والتنبيه لا المعارضة والاعتراض لمجرد مخالفة الرأي السائد.