«جس نبض» بين وفود أوروبية وقادة دمشق الجدد

الجولاني يلمّح لتجنيس المقاتلين الأجانب ويرفض نظام الحصص للطوائف
• حشود عسكرية تركية على حدود منبج وكوباني بعد فشل جهود أميركية لوقف النار

نشر في 18-12-2024
آخر تحديث 17-12-2024 | 19:29
عقدت عدة وفود دبلوماسية غربية لقاءات جس نبض مع السلطات الجديدة في دمشق، التي تهيمن عليها هيئة تحرير الشام الإسلامية المتشددة، التي تسعى إلى طمأنة المجتمع الدولي بشأن مستقبل الحريات والأقليات في البلد المدمر بعد سقوط نظام البعث.

وسط آمال دولية وإقليمية وداخلية حذرة بإمكانية تهدئة الأوضاع في سورية بعد سقوط نظام بشار الأسد عقب نزاع مرير دمر البلد وخلق أزمة إنسانية هائلة على مدار أكثر من 13 عاماً، حطت عدة وفود دبلوماسية رحالها في دمشق للقاء السلطات الجديدة بها وجس نبضها بشأن خطواتها المستقبلية في ظل التوجس الغربي من هيمنة هيئة تحرير الشام الإسلامية المتشددة على المشهد بعد انهيار نظام «البعث» الذي حكم البلاد بالنار والحديد لأكثر من نصف قرن.

وأكد مبعوث فرنسي لدى وصوله إلى دمشق، أمس، أن باريس مستعدة للوقوف إلى جانب السوريين خلال فترة الانتقال، فيما رفع العلم الفرنسي على مبنى السفارة الفرنسية في دمشق، التي أغلقت منذ عام 2012.

وإضافة لفرنسا، وصل وفد بريطاني إلى دمشق، حيث التقى بقائد الإدارة العسكرية للمرحلة المؤقتة زعيم «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، لبحث التطورات الأخيرة.

وأكد الجولاني خلال اللقاء أن «ما حصل في سورية هو انتصار للشعب المظلوم على الظالم المجرم، وأن هذا الانتصار حصل دون تدمير في البنى التحتية ودون أي نزوح، وأن النظام المجرم السابق دمر كل شيء حتى مؤسسات الدولة، واستهدف كل الطوائف».

وشدد خلال لقائه وفد الخارجية البريطانية على «ضرورة بناء دولة القانون والمؤسسات وإرساء الأمن، كما تحدث عن دور بريطانيا المهم دولياً وضرورة عودة العلاقات، وأهمية إنهاء كل العقوبات المفروضة على سورية» حتى يعود اللاجئون السوريون في دول العالم إلى بلادهم.

وعلى خطى فرنسا وبريطانيا، أوفدت ألمانيا وفداً دبلوماسياً إلى دمشق، أجرى محادثات مع ممثلين للحكومة السورية المؤقتة برئاسة محمد البشير، تناولت فرص عودة التمثيل الدبلوماسي الألماني إلى العاصمة السورية، مع التركيز على عملية انتقالية في سورية وحماية الأقليات أمس.

تقارير عن «مئة ألف جثة في مقبرة جماعية شمال دمشق»... وإنزال إسرائيلي قرب العاصمة السورية

وبعدما أعلن الاتحاد الأوروبي إرسال ممثل عنه، قالت مسؤولة السياسة الخارجية كايا كالاس إنّ الاتحاد «مستعدّ» لإعادة فتح سفارته في دمشق، بينما أعربت رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني عن استعدادها للتحاور مع السلطة الجديدة ودعت إلى توخّي «أقصى درجات الحذر» في التعامل مع «تحرير الشام» المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية.

وفي موازاة ذلك، التقى منسق المساعدات الإنسانية بالأمم المتحدة توم فليتشر مع الجولاني والبشير لمناقشة زيادة المساعدات الإنسانية في البلاد.

وأعرب فليتشر عن شعور «مشجع» بعد اجتماعات عقدها في دمشق مع السلطات الجديدة، مشيراً إلى وجود «أساس لزيادة طموحة للدعم الإنساني الحيوي وهناك لحظة أمل حذر بسورية».

تطمين ودعم

وفي وقت تسعى سلطات دمشق الجديدة إلى طمأنة المجتمع الدولي وتهدئة المخاوف الإقليمية بعد رحيل «البعث» الذي قدم نفسه على أنه حامي الأقليات في البلاد ذات الأغلبية السنية، شدد الجولاني على وجوب أن يكون هناك «عقد اجتماعي» بين الدولة وكلّ الطوائف. وفي بيان أصدره ليل الاثنين - الثلاثاء، تحالف الفصائل المسلّحة التي تقودها «تحرير الشام»، قال الجولاني، إن «سورية يجب أن تبقى موحّدة وما يهمّنا هو ألا تكون هناك محاصصة ولا خصوصيات تؤدي إلى الانفصال، وأن يكون بين الدولة وجميع الطوائف عقد اجتماعي لضمان العدالة الاجتماعية».

وأكد على أنه «يجب أن تحضر لدينا عقلية الدولة لا عقلية المعارضة والثورة. وسيتمّ حلّ الفصائل وتهيئة المقاتلين للانضواء تحت وزارة الدفاع وسيخضع الجميع للقانون».

وفي حديث لدبلوماسيين دعا الجولاني إلى رفع العقوبات عن سورية باعتباره أمراً ضرورياً من أجل عودة اللاجئين.

وفي تصريحات منفصلة، كشف قائد إدارة العمليات العسكرية، عن ملامح رؤيته للأوضاع بعد سقوط الأسد، قائلاً، إن الحديث عن النظام السياسي سابق لأوانه، مبيناً أن هناك عدة لجان مختصة تعمل على صياغة الدستور والقانون، وتحديد الشكل النهائي للحكم، كاشفاً عن تسريح الجيش السوري مع الاعتماد على قوات «إدلب» (تحرير الشام)، و«متطوعين جدد».

وقال الجولاني، في تصريحات بمقر مجلس الوزراء، إن «جرائم نظام الأسد أدت إلى الاستناد للمقاتلين الأجانب، لكنهم يستحقون المكافأة على مساندة الشعب السوري»، ملمحاً إلى إمكانية منحهم الجنسية.

وأجاب عن سؤال بشأن القلق من السلطة الجديدة وشكل الحكم، قائلاً: «كان يجب القلق من النظام السابق، فنحن حررنا المعتقلين من صيدنايا والسجون الأخرى، وأعدنا جزءاً كبيراً من اللاجئين وكانت الحياة في المدن السورية غير قابلة للعيش واليوم استطعنا تحرير الأراضي، من حلب التي صمدت ولم نلغ فيها أحداً، كذلك الأمر في حماة وحمص ودمشق ودرعا والسويداء والقنيطرة، ولم يكن دخولنا مصدر قلق».

وجاء ذلك في وقت أعرب «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة» عن دعمه للحكومة المؤقتة برئاسة البشير، مبينا أن تطبيق القرار الأممي 2254 بات «محصوراً بقوى الثورة»، عقب زوال الأسد.

تعزيزات وإنزال

وفي وقت تشهد معظم المناطق السورية هدوءاً حذراً مع عودة مظاهر الحياة إلى طبيعتها وتواصل عودة مئات اللاجئين من تركيا والأردن ولبنان، اتهمت قوات سورية الديموقراطية «قسد» التي تعتمد عليها الولايات المتحدة بمحاربة «داعش»، الفصائل السورية المسلحة المدعومة من أنقرة بالتهرب من قبول نقاط رئيسية في اتفاق تهدئة تسعى واشنطن لتمديده بين الجانبين في المناطق الحدودية الشمالية.

وفي حين قال مصدر في المعارضة السورية لـ«رويترز»، إن الأتراك غير راضين عن اتفاق وقف إطلاق النار وتفضل أنقرة ممارسة أقصى قدر من الضغط على قوات «قسد» التي تتهمها بدعم التمرد الكردي داخل تركيا، حذر مسؤولون أميركيون بارزون من أن أنقرة وحلفاءها يعززون وجودهم على الحدود، ما يثير القلق من أن أنقرة تستعد لتوغل وشيك في الأراضي التي يسيطر عليها الأكراد خاصة بكوباني ذات الأغلبية الكردية ومنبج.

على جانب آخر من الحدود، أفادت تقارير بأن مروحية إسرائيلية هبطت بالقرب من أحد المواقع العسكرية بمحيط العاصمة دمشق ليل الاثنين وغادرت المكان بعد وقت قصير في مهمة استغرقت 20 دقيقة ويعتقد أنها كانت تهدف للبحث عن مكان دفن الجاسوس الشهير إيلي كوهين.

كما أفيد باقتحام دبابات إسرائيلية بلدة صيدا السورية التي تبعد حوالي كيلومترين عن المنطقة العازلة في الجولان المحتل.

مقابر جماعية

إلى ذلك، أفاد معاذ مصطفى رئيس المنظمة السورية للطوارئ، مقرها الولايات المتحدة، بأن هناك مقبرة جماعية خارج دمشق تحوي ما لا يقل عن 100 ألف جثة لأشخاص قتلتهم حكومة الرئيس المخلوع بشار الأسد.

وقال مصطفى، لـ«رويترز»، إن الموقع في القطيفة على بعد 40 كيلومتراً شمال العاصمة، وهو واحد من خمس مقابر جماعية حددها على مر السنين من شهادات جمعت من أشخاص كان يعملون في المقابر الجماعية بعد أن فروا من سورية.

وزعم أن فرع المخابرات في القوات الجوية السورية كان «مسؤولاً عن نقل جثث الضحايا الذين ماتوا جراء التعذيب إلى موقع المقبرة الجماعية».

كما أشارت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إلى مقبرة جماعية أخرى في حي التضامن جنوب دمشق، وقالت إنها «مسرح لجريمة جماعية أو ربما كانت موقع تنفيذ إعدامات ميدانية» عام 2013.

ودعت المنظمة السلطة الانتقالية إلى اتخاذ خطوات عاجلة لتأمين وحفظ الأدلة المادية التي ستكون أساسية في المحاكمات الجنائية ضد أعضاء النظام السابق.

back to top