بعد مرور 10 أيام على فرار الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد وسقوط نظامه وسيطرة الفصائل المسلحة بزعامة هيئة تحرير الشام على دمشق، ظهرت ملامح تريث أميركي تجاه التعامل مع الفصائل السورية التي تسيطر على دمشق، والتي تعتبر بمثابة سلطات أمر واقع بعد تشكيلها حكومة لتسيير أعمال مؤسسات الدولة.
وفي حين أكد المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، أن المكافأة الأميركية بقيمة 10 ملايين دولار «لا تزال قائمة» لمَن يُدلي بأي معلومات عن قائد «تحرير الشام» أحمد الشرع المعروف باسم أبومحمد الجولاني، والذي يعرف عن نفسه حالياً بأنه قائد الإدارة السياسية والعسكرية التي تتولى زمام الأمور في سورية، قالت مصادر أميركية لـ «سكاي نيوز عربية»، إن فريق الرئيس المنتخب دونالد ترامب حثّ إدارة الرئيس جو بايدن على التريث في إزالة اسم الهيئة وقائدها من قوائم الإرهاب، إضافة إلى إبقاء عقوبات «قانون قيصر»، الذي كان يستهدف النظام السابق، والذي يحتاج إلى تمديد خلال أيام.
وأشارت المصادر نفسها إلى أن إدارة ترامب ترغب في التحقق من دقّة القرار، بعد تلقيها إشارات متضاربة من دول إقليمية بين مَن يعتبر القرار مفيداً وضرورياً، وبين مَن يحذر من أنه قد يؤدي إلى زعزعة استقرار الأوضاع في المنطقة.
وبينما دعا مجلس الأمن الدولي لتنفيذ عملية سياسية «شاملة يقودها السوريون، مع وجوب تمكين الشعب السوري من أن يحدد مستقبله»، أثار تصريح أدلى به المتحدث الرسمي باسم الإدارة السياسية التابعة لإدارة العمليات العسكرية، عبيدة أرناؤوط، موجة من الانتقادات الحادة على مواقع التواصل، بعدما وصف طبيعة المرأة البيولوجية والنفسية بأنها «غير مناسبة لبعض المناصب، مثل وزارة الدفاع».
وفي تفاصيل الخبر:
بعد مرور 10 أيام على فرار الرئيس المخلوع بشار الأسد وسقوط نظامه وسيطرة الفصائل المسلحة بزعامة هيئة تحرير الشام على دمشق، دعا مجلس الأمن الدولي إلى تنفيذ عملية سياسية «شاملة يقودها السوريون، مع وجوب تمكين الشعب السوري من أن يحدد مستقبله».
وقال المجلس، في بيان صدر بإجماع أعضائه الـ 15، ومن بينهم روسيا، حليفة الأسد، والولايات المتحدة، ليل الثلاثاء ـ الأربعاء، إن «العملية السياسية ينبغي أن تلبّي التطلعات المشروعة لجميع السوريين، وأن تحميهم أجمعين، وتمكنهم من أن يحددوا مستقبلهم بطريقة سلمية ومستقلة وديموقراطية».
وإذ شدد أعضاء المجلس في بيانهم على «التزامهم القوي بسيادة سورية واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها»، دعوا جميع الدول إلى احترام هذه المبادئ.
كما أكد مجلس الأمن الدولي في بيانه «ضرورة أن تمتنع سورية وجيرانها بشكل متبادل عن أي عمل أو تدخّل من شأنه تقويض أمن بعضهم البعض»، أو تعرّض الأمن الإقليمي للخطر.
وأصدر المجلس بيانه بعدما حذّر المبعوث الأممي غير بيدرسون، خلال الجلسة نفسها، من أنه رغم إطاحة الأسد، فإن «الصراع لم ينتهِ بعد»، في إشارة إلى المواجهات الدائرة بشمال سورية بين الفصائل السورية المدعومة من تركيا والمقاتلين الأكراد بـ «سورية الديموقراطية» المعروفة اختصارا بـ «قسد»، والتي تعتمد عليها القوات الأميركية الموجودة في سورية بمحاربة «داعش».
وطالب بيدرسون إسرائيل بـ «وقف جميع الأنشطة الاستيطانية في الجولان السوري المحتل»، مشيراً إلى أن رفع العقوبات المفروضة على دمشق أساسي لمساعدة البلد المنكوب جراء الصراع الذي استمر أكثر من 13 عاماً.
وفي تصريحات منفصلة، دعا بيدرسون، الموجود في دمشق، إلى تنظيم انتخابات «حرة وعادلة» مع انتهاء المرحلة الانتقالية في البلاد بعد نحو 3 أشهر، آملا في الوقت نفسه بـ «حلّ سياسي» مع الإدارة الذاتية الكردية.
الجولاني والمكافأة الأميركية
في موازاة ذلك، صرحت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون ديرلاين، بأن الاتحاد الأوروبي سيكثف المحادثات مع «تحرير الشام» والفصائل الأخرى، مشددة على ضرورة إعادة النظر في العقوبات المفروضة على سورية من أجل تيسير إعادة الإعمار.
لكن ديرلاين اشترطت رؤية تقدّم حقيقي في اتجاه عملية سياسية شاملة من أجل إتمام إعادة النظر بالعقوبات المفروضة على بعض القطاعات لتسهيل إعادة الإعمار، مؤكدة أن الأحداث في سورية «سيتردد صداها خارج الشرق الأوسط»، ومعتبرة أن سقوط الأسد أظهر «حدود القوة الروسية».
وفي وقت تظهر واشنطن تمهّلا بخطواتها تجاه التعامل مع الفصائل السورية بدمشق، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، أن المكافأة التي أعلنتها الولايات المتحدة بقيمة 10 ملايين دولار لمن يُدلي بأي معلومات عن الجولاني الذي تصنفه واشنطن بأنه إرهابي عالمي «لا تزال قائمة»، بينما تحدثت أوساط سياسية عن أن الإدارة الأميركية المقبلة للرئيس دونالد ترامب حثّت إدارة البيت الأبيض الحالية على عدم إزالة اسم «تحرير الشام» وقائدها من سجلات الإرهاب، إضافة إلى إبقاء العقوبات المفروضة بـ «قانون قيصر لحماية المدنيين»، الذي كان يستهدف النظام السابق.
وأشارت المصادر نفسها إلى أن إدارة ترامب ترغب في التحقق من دقّة القرار قبل اتخاذه، خاصة أن بعض دول الشرق الأوسط اقترحت على الإدارة الحالية شطب اسم الفصيل وزعيمه من القائمة، بينما حذّرت دول أخرى من أن ذلك قد يؤدي إلى زعزعة استقرار الأوضاع في المنطقة.
جدل حول المرأة
إلى ذلك، شدد رئيس «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة»، هادي البحرة، على ضرورة أن تكون «الحكومة الانتقالية» ذات مصداقية ولا تُقصي أي طرف أو تقوم على أساس طائفي، فيما أثار تصريح أدلى به المتحدث الرسمي باسم الإدارة السياسية التابعة لإدارة العمليات العسكرية، عبيدة أرناؤوط، موجة من الانتقادات الحادة على مواقع التواصل، بعدما وصف طبيعة المرأة البيولوجية والنفسية بأنها «غير مناسبة لبعض المناصب، مثل وزارة الدفاع».
وسرعان ما قوبلت وجهة نظر أرناؤوط برفض واسع من قبل ناشطين ومنظمات حقوقية، اعتبروا أن تصريحاته تعكس رؤية تمييزية بحق النساء، وتقلل من قدراتهن في تقلّد المناصب العليا، بما في ذلك المناصب الحكومية الحساسة.
وفي وقت أثارت أنباء حول تعيين د. ماهر الشرع، شقيق الجولاني، وزيراً للصحة في الحكومة المؤقتة، ردود أفعال متضاربة، مع قيام مقربين من «تحرير الشام» بنفي تلك المعلومات، أوردت تقارير أن حكومة محمد البشير التي كانت تدير مناطق سيطرة «تحرير الشام» والمعارضة المسلحة في إدلب بدأت بإجراء حملة تعيينات واسعة للتمدّد في مفاصل وقطاعات جهاز الدولة.
وذكرت أن حكومة البشير التي يفترض أن تدير مرحلة مؤقتة حتى مارس المقبل بدأت بإجراء تعيينات تتوافق مع تركيبة «الهيئة» الإسلامية المتشددة، وتشمل معظم القطاعات، بما فيها المحافظون والمديرون العامون قبل أن تتم تشكيلها هي ذاتها.
ومع تواصل عودة مظاهر الحياة إلى سورية، استأنف مطار دمشق الدولي العمل بتسيير أولى رحلاته الداخلية إلى مطار حلب، وذلك منذ سقوط نظام «البعث» في 8 الجاري.
في موازاة ذلك، سمحت السلطات الأردنية للشاحنات الأردنية بالدخول إلى الأراضي السورية صباح أمس عبر معبر جابر الحدودي.
وعلى صعيد قريب، تداول ناشطون مقاطع فيديو لتظاهرة في صحراء الرطبة بالأنبار نظمها الجنود السوريون الفارّون إلى العراق للمطالبة بالعودة إلى بلادهم.
ووسط مخاوف من تأجّج التدخلات الإقليمية بالشأن السوري عقب التطورات التي تشهدها دمشق، تبادلت تركيا وإسرائيل الانتقادات أمس بشأن أنشطة أنقرة ضد الجماعات الكردية والانتهاكات التي ترتكبها سلطات الاحتلال بجنوب سورية.
وأمس الأول، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه أوعز للجيش بإبقاء احتلاله، حتى نهاية العام المقبل على الأقل، لمنطقة جبل الشيخ الاستراتيجية، المطلة على 4 دول هي سورية والأردن ولبنان وإسرائيل، إضافة إلى المنطقة العازلة مع سورية، حتى يتم التوصل إلى تسوية أخرى تضمن أمن الدولة العبرية بعد انهيار اتفاق فك الاشتباك الموقّع مع دمشق عام 1974.
ميدانيا، ذكر المرصد السوري المعارض أن القوات الإسرائيلية توغلت في محيط قرية صيدا على الحدود الإدارية بين القنيطرة ودرعا، مما يمثّل اختراقا جديدا في منطقة جنوب سورية قرب الحدود الأردنية، ووجهت تحذيرات للسكان المحليين بضرورة تسليم السلاح.
وعلى جبهة أخرى، اتهمت قوات «قسد» الكردية تركيا والقوات السورية المدعومة منها بخرق هدنة أعلنت واشنطن تمديدها في مناطق عديدة بمحيط كوباني وسد تشرين وعين عيسى ليل الثلاثاء - الأربعاء.
وكانت الولايات المتحدة أكدت أنها تسعى إلى إرساء تفاهم أوسع نطاقا بين القوات الكردية السورية المدعومة من قبلها وبين أنقرة التي تتهم الأخيرة بدعم التمرد الكردي على أراضيها.
قلق إيراني
وفي طهران، حذّر مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي للشؤون الخارجية، كمال خرازي، من انتقال حالة انعدام الأمن من سورية إلى العراق. كما أعرب عن قلق بلاده من «تقسيم سورية بسبب المصالح الأجنبية المتعددة»، معتبرا أن «تدمير سورية كدولة داعمة للمقاومة أجندة أميركية وصهيونية».