إيران تتوجس من وصول «الموجة التركية» إلى عقر دارها

تصريحات فيدان عن «الدرس السوري» وفرع فارسي لـ «آر تي» يثيران قلق طهران

نشر في 19-12-2024
آخر تحديث 18-12-2024 | 18:40
مناورات للحرس الثوري في أذربيجان الشرقية
مناورات للحرس الثوري في أذربيجان الشرقية

أثارت التطورات في سورية، توتراً ملحوظاً بين إيران وتركيا، وصل الى ذروته بتصريح لوزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، قال فيه إنه على إيران تعلُّم الدرس مما جرى في دمشق، وهو ما ردت عليه الصحافة الإيرانية بعنف.

لكن ما أثار قلق طهران بشكل خاص، كان افتتاح مؤسسة آر تي الإعلامية التركية، محطة تلفزيونية ناطقة باللغة الفارسية، بعد أسبوع فقط من فرار بشار الأسد من سورية وسقوط نظامه المتحالف مع إيران على يد معارضة مقرّبة من أنقرة.

وأكد مصدر في «الخارجية» الإيرانية لـ «الجريدة» أن السفير الإيراني في تركيا ودبلوماسيين إيرانيين رفضوا تلبية دعوات وجّهت اليهم لحضور حفل افتتاح المحطة الناطقة بالفارسية، خصوصاً بسبب تصريح لمدير عام شبكة تي آر تي الحكومية التركية، محمد زاهد سواتشي، أطلقها خلال افتتاح القسم الفارسي لمحطة الشبكة على الإنترنت قبل شهرين تقريباً، قال فيها إن المحطة «تهدف الى قلب الأوضاع الداخلية في إيران».

وعلى الرغم من اعتراض طهران عبر قنوات رسمية وغير رسمية على كلام سواتشي، فإن الجهات التركية المعنية رفضت تقديم أي اعتذار.

وانتقل التوتر التقليدي بين إيران وتركيا بوصفهما قوتين إقليميتين، الى مستوى آخر، بعد الدعم الكبير الذي قدّمته أنقرة لأذربيجان في حرب استعادة إقليم قره باغ من أرمينيا في 2023 والمخاوف التي أثارتها الحرب من تغيير في الحدود الإيرانية ـ الأرمينية من شأنه أن يقطع طريقاً إيرانياً حيوياً الى أوروبا.

وكان لحرب قره باغ انعكاسات داخل إيران، فقد دعا الكثير من الأذريين الإيرانيين الذين يبلغ عددهم بين 15 و20 مليون نسمة (16 الى 24 بالمئة من الإيرانيين) الى دعم باكو، فيما طالب آخرون بضرورة دعم إيرفان، الصديق التاريخي لإيران. وفي حاثة معروفة، قطع شبان إيرانيون أذريون الطريق بين إيران وأرمينيا، فيما نادى رجال دين أذريون بضرورة دعم باكو لأسباب دينية وقومية، في تحركات قالت إيران إنها مدعومة من جهات أذربيجانية.

وخلال احتفال بالانتصار على أرمينيا في باكو، تسبب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعاصفة من الانتقادات، إذ تغنى في الاحتفال بقصيدة تضمّنت دلالات على أن المناطق الشمالية الغربية الإيرانية جزء من أذربيجان ومن حضارتها التركية. وتقول القصيدة، وهي من التراث الأذري: «لقد فرَّقوا آراس وأغرقوه بالرمال، أما أنا فلم أكن أريد، لقد فرقونا ظلمًا»، وهي تتحدث عن تقسيم «أرض أذربيجان» بين روسيا وإيران في القرن 19.

ومنذ ذلك الوقت، تصاعدت حساسية طهران لأي تحركات من قبل أذربيجان وتركيا، قد تكون لها أبعاد أو ارتدادات داخلية. وتسببت حادثة الهجوم على السفارة الأذربيجانية في طهران وسقوط طائرة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي قرب الحدود الأذربيجانية في مايو 2024، مما تسبب في مقتله مع وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان، بموجة جديدة من عدم الاستقرار في العلاقات، إذ اتهم نواب إيرانيون وشخصيات أصولية أذربيجان وتركيا وإسرائيل بالتواطؤ فيما قالوا انه «إسقاط طائرة الرئيس»، متهمين السلطات الإيرانية بالتكتم لأسباب سياسية وأمنية. وقبل أيام، قال وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي، الذي شارك في اجتماع إقليمي عُقد في الدوحة قبل يوم واحد من فرار الأسد صباح 8 الجاري الى موسكو، إن إيران وتركيا وروسيا اتفقوا على ضرورة إنهاء حكم الأسد بشكل سلمي، لكنّ نظيره التركي هاكان فيدان قال إن تركيا حذّرت إيران وروسيا من مغبة التدخل لوقف هجوم المعارضة. وتسبب هذه التصريحات بانتقادات لاذعة لعراقجي وحكومة الرئيس مسعود بزشكيان بشأن الضربة التي تلقّتها إيران في سورية والسياسات الإيرانية المقبلة في المنطقة.

وتتخوف أوساط إيرانية، خصوصا في صفوف الأصوليين، من أن يكون في جعبة أردوغان خطط أخرى للعراق أو حتى لإيران نفسها، وذلك من خلال المناطق الأذرية الإيرانية، ويطالبون الحكومة باتخاذ إجراءات احترازية، وصولا الى دعم المعارضين الأكراد ضد أنقرة وزيادة الدعم لأرمينيا.

في هذا السياق، أفاد مصدر إيراني مقرّب من الرئاسة «الجريدة» بأن الرئيس بزشكيان الذي توجه الى القاهرة لحضور قمة الدول النامية الثماني (D8)، سيسعى الى إقناع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بزيادة التعاون بين طهران ومصر والدول العربية الخليجية لمواجهة «المد والتهديد التركي»، وهو يسعى الى إيجاد صيغة تعاون مع دول عربية لمواجهة ما تطلق عليه بعض الأوساط الإيرانية «التحالف التركي ـ الإسرائيلي».

back to top