مؤشر داو جونز يتكبد أطول سلسلة خسائر منذ عام 1978
بين انفجار الفقاعة والسوق الصاعد... ماذا ينتظر الأسهم الأميركية في 2025؟
تراجع مؤشر داو جونز للأسهم الأميركية للجلسة التاسعة على التوالي، في أطول سلسلة خسائر منذ عام 1978، وتأتي هذه الخسائر قبل قرار الاحتياطي الفدرالي مع تسعير الأسواق لاحتمالية بنسبة 95% أن يخفض أسعار الفائدة بربع نقطة مئوية.
وانخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 عند الإغلاق أمس الثلاثاء 23.53 نقطة أي 0.39% إلى 6050.55 نقطة، وهبط مؤشر ناسداك المجمع 66.54 نقطة، أي 0.33%، إلى 20107.35 نقاط، وتراجع مؤشر داو جونز الصناعي 272.77 نقطة، أي 0.62% إلى 43445.23 نقطة.
وذكر بنك أوف أميركا أن انهيار السوق أصبح أمراً لا مفر منه، مبينا أن أسهم عمالقة التكنولوجيا المعروفة باسم «السبعة الكبار» ستستمر في تحقيق التفوق خلال عام 2025، وأضاف أن تخفيض الفائدة وازدهار الذكاء الاصطناعي سيواصلان دعم ارتفاع أسهم التكنولوجيا العام المقبل، ولا يزال بإمكان المستثمرين تحقيق مكاسب بالاستثمار في أسهم «السبعة الكبار» عام 2025.
وارتفعت الأسهم الأميركية هذا العام مدعومة بطفرة غير مسبوقة في تقنية الذكاء الاصطناعي، كما تراجع التضخم بعد عامين من ضغوط الأسعار المستمرة، ما سمح لمجلس الاحتياطي الفدرالي بالبدء في خفض أسعار الفائدة. وقدمت نتائج الانتخابات الرئاسية دعما إضافيا للأسواق بعد فوز الجمهوري دونالد ترامب، ما دفع المؤشرات الرئيسية للسوق الأميركي إلى مستويات قياسية مرتفعة.
والآن يحوم مؤشر «إس آند بي 500» حول 6 آلاف نقطة، ويتوقع محللو بنكي «مورغان ستانلي» و«غولدمان ساكس» أن يصل المؤشر إلى 6500 نقطة في عام 2025، لكن لم يكن أي من ذلك في الحسبان مطلع العام الجاري، حيث استحوذت مخاوف الركود الاقتصادي على المستثمرين، في ظل دورة التشديد النقدي التي انتهجها «الفدرالي»، مع تنامي التوترات الجيوسياسية، وعدم اليقين بشأن مسار التضخم.
لذلك، تقف الأسواق حاليا في مفترق طرق التوقعات، بحثا عن إجابة السؤال: هل تكون 2025 استكمالا للموجة الصعودية في الأسواق المالية للعام الثالث على التوالي، ويتمسك المستثمرون بأصولهم، أم تنفجر الفقاعة مع جني الأرباح، لتمحو مكاسب العامين الحالي والسابق؟
بين الذكاء الاصطناعي وإلغاء القيود التنظيمية
ويتوقع جون ستولتزفوس، كبير استراتيجيي الاستثمار في وحدة «أوبنهايمر» لإدارة الأصول، ارتفاع مؤشر الأسهم الأميركية القياسي إلى 7100 نقطة في عام 2025، بسبب طفرة الذكاء الاصطناعي، فيما يتوقع مانيش كابرا، رئيس استراتيجي الأسهم الأميركية لدى «سوسيتيه جنرال»، أن تكون القطاعات المالية والتصنيع والطاقة محور جهود إزالة القيود التنظيمية التي سيبذلها ترامب.
ويرى المحلل أن تقليل القيود التنظيمية قد يساعد قطاع التصنيع في الولايات المتحدة على إنهاء ركود الإنتاجية الذي غرق فيه على مدى السنوات الـ15 الماضية، فيما قد تنتعش أرباح شركات النفط إذا ألغى ترامب القواعد المفروضة على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، كما فعل خلال فترة ولايته الأولى.
ويتوقع كابرا وصول مؤشر «إس آند بي 500» إلى 7500 نقطة بحلول نهاية العام المقبل، قبل تسجيله 8 آلاف نقطة بحلول 4 يوليو 2026، عندما تحتفل الولايات المتحدة بالذكرى السنوية الـ250 لتأسيسها، ويرى استراتيجيو الأسهم لدى «ويلز فارجو» أن «إس آند بي 500» سينهي العام المقبل بارتفاع يتجاوز 26%، عند 7007 نقاط، مع التفاؤل ببيئة كلية مواتية للأسهم تحت إدارة البيت الأبيض الجديدة.
الوجه الآخر لرئاسة ترامب
ويخشى المحللون أن تؤدي الرسوم الجمركية المرتفعة، والمتوقعة خلال ولاية ترامب الثانية، مع سياسات الهجرة المتشددة، إلى محو المكاسب المحتملة من خفض الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية.
وأشار بيتر بيريزين، كبير الاستراتيجيين لدى شركة «بي سي إيه ريسيرش»، إلى أن خفض الضرائب لم يؤد إلى زيادة الإنفاق الرأسمالي خلال ولاية ترامب الأولى، وتابع: «نحن على طريق الركود، وفوز ترامب يزيد من المخاطر التي تهدد الاقتصاد».
وقالت باولا مورفي، مديرة إدارة المحافظ لدى بنك «روكلاند تراست»، إن الضغوط التضخمية الناجمة عن الحرب التجارية مع الصين، قد ترفع من التقلبات في القطاعات التي تعتمد على سلاسل التوريد العالمية، متوقعة تقلص المعروض من العمالة في الولايات المتحدة حال تطبيق ترامب خططه للهجرة، ما يؤدي إلى ارتفاع الأجور، وبالتبعية، انخفاض هوامش الربح، وخاصة في القطاعات كثيفة العمالة مثل الزراعة والتصنيع.
إن أي صدمة لتوقعات أسعار الفائدة في عام 2025 قد تؤدي إلى إرباك المحللين، ووضع ضغوط هبوطية على أسعار الأسهم، حيث استشهدت كبرى بنوك وول ستريت بالتيسير النقدي كداعم لتوقعات ارتفاع سوق الأوراق المالية العام المقبل. ويعتقد باري بانيستر، كبير استراتيجيي الاستثمار لدى «ستيفل»، أن «الفدرالي» سيخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في كل من اجتماعيه المقبلين (اليوم والشهر المقبل)، ويتوقع وقف دورة التيسير النقدي بسبب التضخم وعدم اليقين، ومع ضعف النمو الاقتصادي، يتوقع أن ينهي «إس آند بي 500» العام المقبل عند حوالي 5500 نقطة.
ويحتاج المستثمرون إلى رؤية نمو كبير في الإيرادات والأرباح من الشركات التي تستثمر بكثافة في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، فإذا لم يجنوا ثمار إنفاقهم أو لم يحدث ازدهار في الإنتاجية من تبني التقنية الناشئة، فقد يصل قطار الضجيج حول الذكاء الاصطناعي إلى محطته الأخيرة العام المقبل.
هل تعود فقاعة دوت كوم؟
وحقق مؤشر «إس آند بي 500» مكاسب بنسبة 10% أو أكثر خلال 51 عاما من الأعوام الـ97 الماضية، ولكنه لم يرتفع بنسبة 20% أو أكثر في أعوام متتالية، إلا 3 مرات فقط في تاريخه، وارتفع المؤشر بهذه الوتيرة خلال عامي 1935 و1936، ولكن السوق هبط بنسبة 39% عام 1937 عندما أدت زيادة «الفدرالي» أسعار الفائدة في غير توقيتها وخفض الإنفاق الحكومي إلى إطالة أمد الكساد العظيم.
وفي المرة الثانية، صعد المؤشر بأكثر من 20% خلال عامي 1954 و1955، قبل أن يرتفع بنسبة 2.6% عام 1956، وبدأت موجة من المكاسب الضخمة في منتصف تسعينيات القرن العشرين، حيث ارتفعت الأسهم بنسبة 20% أو أكثر في أعوام 1995 و1996 و1997 و1998، ونحو 20% في عام 1999.
وأنهى انفجار فقاعة الدوت كوم عام 2000 سلسلة المكاسب السابقة، وبحلول عام 2002، حين بلغ السوق أدنى مستوياته، كان مؤشر «إس آند بي 500» خسر ما يقرب من نصف قيمته، وبعد تحقيق «إس آند بي 500» مكاسب بنسبة 24% خلال عام 2023، يتجه لينهي تداولات هذا العام مضيفا نحو 30%.
(أرقام)