«التمييز»: محكمة أسواق المال تختص بمنازعات كل الشركات
أكدت اختصاصها بالنزاعات الداخلية والخارجية أياً كانت صورتها
• المبدأ يمنع دوائر التمييز من نظر قضايا أسواق المال كلياً مهما كان نوعها
أكدت هيئة توحيد المبادئ في محكمة التمييز، برئاسة المستشار د. عادل بورسلي، أمس، اختصاص محكمة أسواق المال بكل القضايا المعروضة أمامها، بما يمنع محكمة التمييز نهائيا من نظر قضايا أسواق المال أمام دوائرها، ويجعل الاختصاص فقط لدوائر أسواق المال أمام المحكمة الكلية أو الاستئناف فقط.
وشددت المحكمة، في حكمها الذي أصدرته أمس الأول، بمناسبة عرض إحالة لها من الدائرة التجارية الرابعة في محكمة التمييز، على أنها تقرر المبدأ الذي تبنّته الأحكام والقرارات التي انتهت إلى أن محكمة أسواق المال المنصوص عليها بالمادة 108 من القانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية وتعديلاته تختص وحدها، دون غيرها، بالفصل نوعياً في الدعاوى غير الجزائية المتعلقة بالمنازعات التجارية والمدنية والإدارية، سواء بالنسبة إلى الأشخاص الطبيعية أو الاعتبارية من المخاطبين أو المتعاملين أو المرخص لهم من الهيئة بمزاولة أي نشاط من أنشطة التعامل في الأوراق المالية، أو تعتبرها الهيئة تعاملاً في الأوراق المالية أياً كانت صورتها أو مسماها، مدرجة أو غير مدرجة، كويتية أو غير كويتية، وبالمنازعات الداخلية والخارجية أياً كانت صورتها، سواء طبّق على المنازعة أحكام القانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية وتعديلاته، أو تساند الحكم في قضائه إلى أحكام قوانين أخرى، والعدول عن المبدأ الذي تبنّته الأحكام والقرارات المخالفة في هذا الشأن.
وكانت الدائرة التجارية في محكمة التمييز، برئاسة المستشار خالد المزيني، أحالت القضية إلى دائرة توحيد المبادئ للوقوف على اعتماد مبدأ بشأن نظر القضايا التي تتصل بقانون أسواق المال، لكن أطرافها غير كويتيين أو أنها أبرمت قبل قانون أسواق المال، ولكن آثارها تمت بعد القانون.
وأكدت «التمييز التجارية الرابعة»، في حكمها بطلب توحيد المبادئ أن المنازعة تدور حول عقود شراء الأسهم وإدارتها في محفظة استثمارية لا تقتصر على شراء أسهم شركة تعمل في مجال الاستثمار المالي ومدرجة بسوق الكويت للأوراق المالية، وإنما أيضاً بصدد إدارة محفظة أوراق مالية (محفظة استثمار) لمصلحة المشتري، فإذا كانت الشركة المشترى أسهمها تمارس نشاطها المالي في إحدى دول مجلس التعاون الخليجي، فإن التعامل في هذه الأسهم وإدارة المحفظة يجب أن يكون وفقاً لآليات التعامل البيني في الأوراق المالية بين دول «التعاون» السالف ذكرها في اللائحة التنفيذية، ومن ثم فإن طلب فسخ العقد أو إبطاله يُعد من المنازعات التجارية الناشئة عن تطبيق أحكام القانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن إنشاء الهيئة والأنظمة واللوائح التنفيذية الخاصة بسوق الأوراق المالية، ومن ثم تدخل في اختصاص الدائرة غير الجزائية محكمة أسواق المال، ولا ينال من ذلك القول بعدم إدراج الأسهم أو عدم تداولها في السوق الكويتي أو الدولة الأخرى، ذلك أن المشرّع قد عُني بتنظيم التجارة البينية في الأوراق المالية بين الدول الخليجية، وأفرد لها باباً خاصاً بها هو الباب الثامن عشر من اللائحة، وأخضع الأسهم غير المدرجة بسوق الأسهم الكويتي لأحكام القانون، وفق ما نص عليه في المادة 34/2 من القانون رقم 7/ 2010، كما أن عدم اتخاذ الشركة البائعة الإجراءات القانونية المنصوص عليها، والواجب عليها اتخاذها قبل إدارة محفظة استثمار لأسهم غير كويتية، يجب ألا يكون سبباً لعدم خضوع نشاط الشركة الطاعنة لأحكام وقواعد هيئة سوق المال، إذ إن ذلك مما يتنافر والغاية التي تغيّاها المشرع وفق المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور من إحكام الهيمنة على سوق الأوراق المالية وحماية المستثمرين فيه، ولكان ذلك سبباً لتمكين الشركات من التلاعب بمقدرات المستثمرين، وذلك بإجراء التعامل في الأوراق المالية خارج النظام المالي للدول وإنشاء سوق موازٍ لسوق الأوراق المالية لا يخضع لرقابة هيئة سوق المال، وإذ خالفت الأحكام الصادرة وفقاً للاتجاه الثاني هذا النظر، وقضت بعدم اختصاص محكمة أسواق المال، فإنه يكون حريّاً العدول عن المبدأ الذي قررته تلك الأحكام والأخذ بالاتجاه الأول، وهو ما يرتب الحكم بعدم جواز نظر الطعن بالتمييز المرفوع عن الأحكام الصادرة من محكمة سوق المال في هذا النوع من الدعاوى.
وقالت المحكمة: ولا يغيّر من ذلك ما قد يثار بشأن عدم سريان القانون 7 لسنة 2010 على عقود شراء الأسهم واستثمارها المبرمة قبل العمل به، ذلك أن مفاد نص المادة الثالثة من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الأصل هو أن يطبّق القانون فور العمل به على المراكز القانونية السابقة التي تتكون بعد نفاذه، سواء في نشأتها أو في إنتاجها لآثارها أو في انقضائها، كما يطبّق منذ نفاذه مباشرة على الآثار المستقبلية التي تترتب على المراكز القانونية السابقة، ولا يستثنى من ذلك إلا آثار التصرفات المبرمة تحت سلطان القانون القديم، إذ تبقى خاضعة له ما لم تكن أحكام القانون الجديد متعلقة بالنظام العام، فتسرى على ما يترتب منها بعد نفاذه، وأنه يجوز إثارة أي مسألة تتعلق بالنظام العام ولو لم ترد في صحيفة الطعن، ولمحكمة التمييز أن تبحثها من تلقاء نفسها، وأن مسألة سريان القانون من حيث الزمان تعد من مسائل النظام العام، ومن ثم تتعرّض لها المحكمة من تلقاء نفسها، ولو لم ترد في صحيفة الطعن.
وبينت أنه لما كان الثابت أن المشرّع قد حرص على إفراد قانون خاص بشأن تنظيم نشاط الأوراق المالية، مما يكفل حماية المستثمرين، سواء كانوا أشخاص طبيعيين أو اعتباريين لاستقرار النظام الاقتصادي في البلاد، مما مؤداه اعتبار هذا التنظيم متعلقاً بالنظام العام، وهو ما يستتبع بطلان التصرفات التي تتم بالمخالفة له، كما هو مقرر من أن جزاء مخالفة القاعدة الآمرة هو البطلان المطلق، ويؤكد هذا ما عمد اليه المشرّع في الفصل الحادي عشر من القانون رقم 7 لسنة 2010 تحت بند «ثانياً: الجرائم والعقوبات على تجريم التصرفات المخالفة والأفعال المؤثمة بموجب هذا القانون بالعقوبات المنصوص عليها من المادة 118 حتى 130، ومفاد ذلك انه ما دام التصرف يكون جريمة، فإنه يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً.
وذكرت أنه: كما لا يغيّر منه ما استند إليه الاتجاه الثاني من أن الاختصاص بنظر المنازعات الناشئة عن هذا النوع من العقود ينعقد للمحاكم التجارية متى كان الفصل فيها يقتضي تطبيق قانون آخر، كالقانون المدني أو المرافعات أو الإثبات، ولا يستوجب تطبيق أحكام قانون أسواق المال رقم 7 لسنة 2010، إذ هذا القول مردود بأن الاختصاص النوعي للمحاكم يتحدد حسب نوع الدعوى لا القانون الواجب التطبيق على النزاع، وقد جرت أحكام محكمة التمييز على أنه من المقرر أن المنازعة تضحى ناشئة عن تطبيق هذا القانون حتى وإن تسانَدَ الحكم المطعون فيه الى قاعدة في قانون آخر، إذ العبرة بحقيقة المنازعة ومدى خضوعها لقانون إنشاء أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية رقم 7 لسنة 2010 من عدمه، سواء طبّقت الأحكام عند فصلها في تلك المنازعة إحدى قواعده أو تأسست على قواعد في قانون مغاير، إذ لا تلازم بين تطبيق الدائرة لقواعد قانون مغاير وبين خروج النزاع من الخضوع لأحكام قانون أسواق المال، أي أن المنازعة الناشئة عن تطبيق ذلك القانون قد تُحسم بإحدى قواعد قانون المرافعات أو قانون الإثبات أو القانون المدني، أو غيرها من القوانين.