الشرع يستبعد «أفغنة» سورية... وهيئة التفاوض تدعوه لحوار
تواصل غير مباشر بين «تحرير الشام» وإسرائيل ومقدمات لمعركة بين «قسد» وتركيا في «كوباني»
نفى القائد العام للإدارة السورية الجديدة، زعيم هيئة تحرير الشام أحمد الشرع المعروف بـ «الجولاني» أنه يسعى إلى تحويل بلده إلى نسخة من أفغانستان، حيث تحكم حركة طالبان المتشددة البلد الواقع في وسط آسيا منذ قيامها بالاستيلاء على السلطة عقب انسحاب القوات الأميركية من كابول في مايو 2021.
وقال الجولاني، في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، أمس، إن البلدين مختلفان جداً ولديهما تقاليد مختلفة، باعتبار أن أفغانستان مجتمع قبلي.
وادعى القائد الشاب الذي بدا أنه هادئ الأعصاب طوال مقابلة أجرتها معه «بي بي سي» في دمشق أن «سورية لديها عقلية مختلفة»، مشيراً إلى أنه يؤمن بتعليم النساء.
وحاول طمأنة كل الأطراف التي تعتقد أن مجموعته المتشددة لم تنفصل عن ماضيها، قائلا، إن «سورية منهكة من الحرب ولا تشكل تهديداً لجيرانها أو للغرب»، داعياً إلى رفع العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على دمشق منذ عهد «البعث».
ورأى الجولاني أنه يجب شطب «تحرير الشام» من قائمة المنظمات الدولية الإرهابية، بحسب تصنيف الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.
وأكد أن «تحرير الشام» التي أعلنت قطع علاقتها بتنظيم القاعدة، عام 2016، ليست جماعة إرهابية، لافتاً إلى قطع العلاقات مع التنظيم الدولي المتشدد، ومؤكداً أنه يعمل حالياً «وفقاً للمصالح السورية العليا».
وشدد على أن عناصر الجماعة السورية التي قادت زحف الفصائل باتجاه دمشق أواخر نوفمبر الماضي، لم يستهدفوا المدنيين أو المناطق المدنية، بل هم يعتبرون أنفسهم ضحايا لجرائم نظام «البعث» والرئيس المخلوع بشار الأسد.
واعتبر أن الضحايا ينبغي ألا يعاملوا بنفس طريقة التعامل مع الظالمين.
وأمس الأول، دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، «تحرير الشام» إلى «الوفاء بوعودها بالاعتدال» وبتشكيل حكومة انتقالية تحمي جميع السوريين إذا كانت تريد تجنب عزلة مثل تلك المفروضة على «طالبان» التي اتهمها بـ «التراجع عن تعهداتها بالاعتدال واظهار وجهها الحقيقي».
هيئة التفاوض
وبينما تحاول الحكومة المؤقتة التي شكلتها «تحرير الشام» والفصائل المسلحة المتحالفة معها ترتيب صفوفها داخلياً واعطاء الأولوية لاستعادة الأمن وفرضه، جددت «هيئة التفاوض»، التي تُمثّل أوسع نطاق من قوى الثورة والمعارضة السياسية، دعوتها لتشكيل حكومة جامعة وإطلاق حوار وطني شامل.
وذكر رئيس الهيئة، بدر جاموس، أن إدارة العمليات العسكرية بقيادة الشرع لم تتجاوب مع دعوة الهيئة حتى الآن.
ورأى أن من حق السوريين أن يجتمعوا ويقرروا مستقبلهم، لافتاً إلى أن كل الأطراف تريد أن تعمل يداً بيد من دون تهميش لأي طرف.
أردوغان: نتطلع لبناء سورية خالية من الإرهاب تعيش فيها جميع الأديان والإثنيات بسلام
وقال إن النظام غير موجود، ولا أحد تحدث عن إشراكه بتطبيق القرار الدولي رقم 2254 المعني بحل الأزمة السورية، لكن هناك رفاق درب يجب أن يشاركوا في وطن يستوعب الجميع.
كما أشار إلى أن المعركة لم تكن عسكرية فقط، إذ كانت هناك مفاوضات سياسية وإجراءات قانونية.
الأزمة الكردية
وفي وقت يخيم الهدوء الحذر على أغلب المناطق التي سيطرت عليها الفصائل منذ 8 ديسمبر الجاري بما في ذلك دمشق، تعهدت قوات سورية الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد، أمس، بقتال تركيا، والجماعات السورية التي تدعمها في مدينة كوباني (عين العرب).
وعلى الرغم من تأكيد واشنطن قبل أيام أنه تم تمديد اتفاق وقف إطلاق النار بين أنقرة والفصائل السورية المدعومة من قبلها و»قسد»، التي تعتمد عليها بمحاربة «داعش» حول مدينة منبج وكوباني حتى نهاية الأسبوع الجاري، نفت أنقرة الأمر أمس.
وقال مسؤول بوزارة الدفاع التركية، إن «الفصائل المسلحة المدعومة من قبل أنقرة «ستسيطر على المناطق التي يحتلها مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردية» التي تشكل العمود الفقري لـ «قسد» التي تعتبرها تركيا امتداداً لحزب العمال الكردستاني المتمرد على أراضيها.
وأضاف أن بلاده «ستواصل استعداداتها العسكرية حتى تتخلى الميليشيات الكردية عن أسلحتها ويغادر المقاتلون الأجانب سورية».
وأكد أن أنقرة ستتعاون مع الإدارة السورية الجديدة في «مكافحة التنظيمات الإرهابية». كما طالب إسرائيل بوقف ممارساتها «غير القانونية» في سورية واحتلالها للأراضي السورية بالجنوب.
رسائل إسرائيلية
على جانب آخر من الحدود، ذكر مسؤول إسرائيلي أن تل أبيب لا تتواصل بشكل مباشر مع «تحرير الشام»، لكنه أشار إلى نقل رسائل عبر جهات مختلفة، موضحاً أن الدولة العبرية تتشاور مع واشنطن بشأن تطورات سورية، وأن من مصلحتها «أن يكون الأكراد أقوياء ومستقلين».
من جهة ثانية، كشفت تقارير أن السلطات العراقية تجري تحضيرات لإعادة نحو 2400 من قوات النظام السوري السابق، عبر مدينة البوكمال، كانوا قد فروا عبر الحدود خلال تقدم الفصائل المعارضة الخاطف من الشمال باتجاه دمشق.
في غضون ذلك، حذر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في كلمته خلال افتتاح القمة الحادية عشرة لمنظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي بالقاهرة، من أن سورية تشهد اعتداءات على سيادتها ووحدة أراضيها، فيما قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده «تتطلع بصدق إلى بناء سورية خالية من الإرهاب، تعيش فيها جميع الأديان والمذاهب والإثنيات بسلام وجنباً إلى جنب».