مفهوم حماية البيئة واستدامة كفاءة أنظمتها أضحى هاجس دول العالم، وذلك بسبب ارتفاع وتيرة الانبعاثات والملوثات التي قد تقود كوكب الأرض إلى كوارث لا يمكن تجاوزها إذا ما استمرت حالة التدهور المناخي بالوتيرة ذاتها، خاصةً على البيئات ذات الطبيعة الهشة، ومنها دولة الكويت، لذلك لا بد من تكاتف الجهود الدولية والإقليمية والمحلية لإيجاد الحلول اللازمة لمواجهة هذا المتغيرات، والعمل على تعزيز أهداف التنمية المستدامة.
المسلمات العلمية تؤكد أن أي نشاط اقتصادي يقوم به الإنسان ينتج عنه تلوث بعضه تستطيع البيئة التكيف معه ما دام في الحدود المقبولة، وبخلاف ذلك لا بد من تدخل الإنسان لمعالجة آثاره باستخدام مجموعة من التدابير والإجراءات العلمية الرصينة.
بالمجمل الأوضاع البيئية أصبحت الشغل الشاغل لدول العالم، لذلك تنعقد المؤتمرات الدولية والعلمية من أجل وضع التدابير اللازمة لمواجهة هذه المتغيرات التي تهدد البشرية إن لم تقم كل دولة بمتطلبات حماية البيئة واستدامتها.
هذا المقال الهدف منه لفت الحكومة والهيئة العامة للبيئة إلى ضرورة حماية البيئة الكويتية بمفهومها الشامل من خلال توجيه الطاقات البشرية والإمكانات المادية والتكنولوجية نحو تحقيق الأمن والاستدامة البيئية، فالقيادة السياسية تولي اهتمامًا خاصاً بالقضايا البيئية من خلال مشاركتها وتمثيلها على مستوى سمو الأمير وسمو ولي العهد وسمو رئيس مجلس الوزراء، مما يؤكد دعمها للجهود الدولية الرامية لتحقيق المتطلبات الأساسية لحماية وديمومة البيئة، في حين في المقابل يشهد القطاع البيئي تراجعا ملحوظاً على مستوى مؤشرات جودة الأداء البيئي خصوصاً في العامين الماضيين.
لقد طرحت في السابق أهمية رفع كفاءة أداء الهيئة العامة للبيئة من خلال مجموعة من الاقتراحات ومن ضمنها إدخال وظيفة الجوال البيئي إلى منظومة العمل في الهيئة، وتعظيم دور الهيئة في حماية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية والتنوع الإحيائي، ومراقبة المحميات الطبيعية والمتنزهات الوطنية والمناطق البيئية الحساسة، إلى جانب أهمية توعية وتثقيف المجتمع بأهمية البيئة واستدامتها.
الجوال البيئي يمكنه القيام بمجموعة من المهام التي يمكن تلخيص معظمها بالتالي:
1- رصد مصادر التلوث، ومراقبة الحياة البحرية البرية والنباتات في المناطق الطبيعية، والتأكد من عدم حدوث أي نشاط يضر بالبيئة أو يشكل تعديًا عليها.
2- جمع البيانات وتوثيق وتسجيل الملاحظات حول التغيرات البيئية المرتبطة بجودة الهواء والتربة والمياه.
3- إعداد تقارير دورية حول حالة البيئة في المنطقة والإقليم.
4- تنفيذ القوانين البيئية ومراقبة الامتثال لها وفرض العقوبات عند الضرورة.
5- تفعيل الشراكات العلمية بالتنسيق مع الجهات البحثية والأكاديمية والمنظمات البيئية لتنفيذ مشاريع الاستدامة وحفظ الطبيعة.
6- نشر الثقافة البيئية من خلال التالي:
- عمل جولات تعريفية لتثقيف الطلبة والمواطنين والمقيمين حول أهمية الحفاظ على البيئة.
- توجيه القطاع الحكومي والخاص بالتحديات البيئية وطرق معالجتها.
- التعاون مع الجهات الحكومية والخاصة ودعم المبادرات الخاصة لحماية البيئة.
الشهادات والمؤهلات المطلوبة لشغل هذه الوظيفة:
من اللافت أن دولة الكويت كانت وما زالت سباقة في توفير حاجة الكويت من التخصصات العلمية في المجال البيئي، حيث تقوم كلية العلوم الصحية بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب وكذلك جامعة الكويت والتعليم العالي بتأهيل الكوادر الوطنية من حملة شهادة البكالوريوس.
ومن اللافت أيضاً خلال متابعتنا لسياسة التوظف التي تتبعها الهيئة العامة للبيئة لا سيما في السنتين الأخيرتين أن هناك إقصاء لخريجي العلوم البيئية بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي مما يعد هدرًا للطاقات الشبابية التي يمكن أن تكون إضافة للعمل الميداني في مجال حماية البيئة.
مناشدة أخيرة:
كلي أمل أن يلتفت سمو رئيس الحكومة والوزير المعني نحو توجيه الهيئة العامة للبيئة إلى ضرورة تعيين خريجي قسم صحة البيئة بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب والاستفادة منهم، فهم مهيؤون علميًا ومهنياً لأداء المهام الرقابية والتفتيشية والتثقيفية وحماية البيئة بمفهومها الذي يتماثل وقانون إنشاء الهيئة العامة للبيئة.
ودمتم سالمين.