مليارات إيران... تحترق!
هل تدرك «الجمهورية الإسلامية الإيرانية» الآن بعمق مغزى الأحداث الجسام التي مرت بها وبالمنطقة خلال هذه الفترة القصيرة العاصفة، والتي خسر نظام إيران خلالها «حماس» و«حزب الله» و«نظام الأسد» والكثير من ماء الوجه؟! بل أدارت حماس ظهرها لإيران وبشار كي تؤيد الثورة التي أطاحت بنظام «الأسدين»؟
هل تتفهم إيران ما جرى لها؟ وأن ما حدث لم يكن شيئاً يمكنها تجاهله بعد الآن، والعودة إلى ما قبل سقوط بشار وكأن شيئاً لم يكن، فانهيار نظام الأسد و«فرار بشار» ودعم تركيا للنظام الجديد في سورية وتردد حتى العراق وحماس في الوقوف إلى جانب إيران أو التدخل لقمع الثورة في سورية ضد بشار ونظامه، كما كانت ستفعل جماعة «حزب الله اللبناني»، ووقوع الكثير من المفاجآت الأخرى التي لا تزال إيران لا تصدقها! كل هذا بحاجة إلى إدراك واقعي من قبل القيادة الإيرانية وأن تجري جملة تحولات داخلية في أعماق نظام إيران، وأن تتخلى عن السياسات التي تبنتها منذ عام 1979، حيث تصور «الوليان الفقيهان» أن إيران سقطت في أيديهما وأنصارهما إلى الأبد، وأن لا شيء يستطيع أن يتحدى نفوذ المليشيات، و«الحرس الثوري» و«الباسيج» وغير ذلك؟
لقد أثبتت أحداث سورية أن قمع الحريات السياسية لا يوفر الأمن والضمان، للنظام السوري ولا الإيراني، وأن البرلمانات الشكلية وأجهزة الإعلام المخادعة المقموعة والخنفشارية التي تلاعبت بمصير سورية ولا تزال تتحكم بإيران، لا تخدع الشعب، وأن سكوت الناس لا يعني على الإطلاق رضاهم بل تحينهم الفرص، والآن كيف سيشرح ويبرر «الولي الفقيه» إنفاق نحو خمسين أو سبعين مليار دولار من أموال الشعب الإيراني على «حزب الله اللبناني» والنظام السوري وحماس وغيرهم؟ وكيف سيبرر عسكرة النظام، وكيف سيتحدث عن السلاح الذي وُهب لبشار الأسد والنفط المجاني ورواتب الميليشيات التي ساندت بشار؟ وكيف يشرح قبل ذلك تراجع التنمية في إيران على مدى نصف قرن؟ ولماذا تعيش الدول الخليجية كلها والعديد من دول النفط في رفاهية وتتمتع باقتصادات متينة وعملات قوية ورواتب شهرية وتقاعدية ذات ثقل ومعنى، في حين يعاني الموظف والموظفة والعامل والعاملة في إيران كل ما نرى من ضغوط ومحدودية دخل، وانحدار مستوى حياة؟
وفي حين نرى الحياة المستقرة، بل الحريات الملحوظة للمرأة في العديد من الدول الإسلامية مثل تركيا وماليزيا وإندونيسيا والعديد من الدول العربية، نجد «شرطة الأخلاق» الإيرانية وأجهزة القمع النسائية تطارد نساء إيران البائسات وتقمع كل امرأة لا تطيع أوامرها وتحشرهن داخل سيارات ما تسميه «الشرطة الأخلاقية»؟
المتوقع من ظاهر الثروة الإيرانية، ألا تقل إيران ثراء عن الدول الخليجية والعراق ودول أخرى، كما أن إيران لا تمتلك الثروة الزراعية والصناعية والسياحية وغيرها فحسب، بل هي فوق ذلك وبعكس تركيا مثلاً، وكما قلنا مراراً، تملك ثروة بترولية تدر عليها المليارات، فأين ذهبت وتذهب تلك الملايين والمليارات منذ أكثر من أربعين سنة؟ ولماذا يجبر النظام الشعب الإيراني وحده على الشقاء والعسكرة ومحاولة بناء الأسلحة الذرية وشراء الطائرات المقاتلة والصواريخ والدبابات وغيرها؟ ولماذا تتظاهر بتبني هذا الموقف الدرامي المبالغ فيه في القضية الفلسطينية التي تزايد فيه على موقف الفلسطينيين أنفسهم ومنظمة التحرير الفلسطينية؟
ثم لماذا لا يتحدث الإعلام الإيراني ليل نهار إلا عن الحرب والصواريخ والثورات؟ ولماذا اتبعت إيران سياسات تهجمية منفرة وعدائية تجاه العالم كله؟ ولماذا خلقت لنفسها كل هذه العداوات حتى شوهت صورة إيران وحطمت فرص الإيرانيين في تحسين ظروفهم المعيشية، وأحالت حياة الرجال والنساء الإيرانيين داخل ايران وخارجها إلى سلسلة من المشاكل والمتاعب والموانع في الإقامة في أي دولة والشكوك، بل أحياناً الحرمان من الدخول والخروج والإقامة؟!
لماذا لا تراجع إيران مسيرتها وتتحول إلى دولة تخدم مصالح وسعادة الشعب الإيراني بدلا من الزعم أنها رأس حربة العالم الإسلامي، وأن مرشد ثورتها على رأس فقهاء العالم الإسلامي وقائد «الأمة الإسلامية» برمتها؟ إلى متى يتحمل الإيرانيون والخليجيون والعالم كل هذا الوضع وهذه المزاعم؟ وإلى متى يقف الشعب الإيراني متفرجاً على ملياراته تهدر على كل دكتاتور وإرهابي؟