الاهتمام بقصص النجاح على مستوى الأفراد والمؤسسات لاستخلاص العبر والدروس المستفادة له أهمية في عالم تنمية وتحفيز الذات، وتحليل السلوكيات والتنبؤات، وتطوير المؤسسات والمنشآت، لذا أبحث دائماً عنها بعيداً عن القصص المستقاة من مصادر أجنبية التي تركز عادةً على أرقام الربحية والتحولات التجارية، ولها طابع دعائي بعيد عن الواقع بحيث لا يغطي محتواه جوانب النجاح والتميز الشخصي والمؤسسي كافة، فمهمة البحث عن قصص واقعية ملهمة تتسم بالموضوعية والمصداقية في مجتمعاتنا العربية والمحلية هو تحدّ كبير وهدف صعب المنال، والتحدي الأكبر هو أن تجدها في مؤسسة ذات طابع حكومي وغير ربحي، وفي بلد عربي وخليجي مثل الكويت الذي كان يواجه تضخماً في أجهزته الحكومية، وتعطلاً في دورته المستندية، وتأخراً في خططه التنموية.

فكيف لنا في هذه الأجواء المليئة بالمخاطر والتحديات أن نبحث عن قصص نجاح نستمد منها طاقة إيجابية وتبعث في نفوسنا إحساساً بالتفاؤل بأن القادم أفضل، خصوصاً إذا كنت ممن يتطلع إليه العامة أحياناً في الرأي والمشورة، فوضعت على عاتقي مسؤولية البحث عن قصة نجاح مؤثرة وغير مألوفة على الأسماع والأنظار، وقررت أن أربط بحثي بالمؤسسات الحكومية التي نجحت في الإصلاح والتطوير المؤسسي على مدى سنوات وفق خطط استراتيجية وتشغيلية متكاملة ومترابطة، قابلة للتنفيذ والمتابعة والتقييم والمراجعة، ولكي تكتمل قصة النجاح المؤسسي، يجب التعرف على تفاصيل هذا التحول الممنهج، والقائد الذي بدأ هذه المسيرة ووضع الرؤية وخريطة الطريق للوصول إليها في فترة زمنية محددة.

Ad

ولكن هذه التفاصيل تتطلب معلومات موثقة وشفافية عالية من المؤسسة التي سيتم اختيارها، وهي مهمة شبه مستحيلة في ظل غياب رقمنة البيانات والمعلومات، وتحت ظل استمرار الأرشفة الورقية للسجلات والملفات، فشارفت على الاستسلام، وبدأت أردد في اليقظة والمنام: «أنّى لي بقصة نجاح مكتملة الأركان أُسعد بها أبناء بلدي وأبث فيهم روح التفاؤل؟»، فظللت فترة على هذا الحال، حتى وجدت ما أتطلع إليه في مؤسسة وطنية، أنتجت كتاباً أسمته: (بصمات قائد) يوثق مسيرة نجاحها في التحول إلى ما هي عليه الآن مع إرجاعها الفضل لمن قاد التحول الشامل في مختلف قطاعاتها بثبات وعبر سنوات وسنوات، حتى جعلها مضرباً للمثل في القيادة والحوكمة، وملتقى في التخطيط والإدارة، وقدوةً في التنفيذ والمتابعة، وقمةً في الإسناد والاستدامة، وتزامنت انطلاقة المؤسسة نحو التميز مع بداية توليه قيادتها، فرؤيته المستقبلية الثاقبة تُرجمت إلى أوامر وقرارات، يتابع تنفيذها بنفسه محفزاً بذلك فرق العمل والإنجاز، فحين كنت عضواً في اللجنة العليا لجائزة جابر للجودة في 2009، تقدمت مؤسسته للتنافس على الجائزة مع مؤسسات عريقة من القطاع الخاص، فكانت لها الغلبة والتفوق بعد أن حققت أعلى النتائج في التقييم الميداني للجائزة آنذاك، لأنها كانت منطلقة نحو التكامل وعازمة على التميز المؤسسي، فلم أكن متفاجئا من هذا التحول الكبير بالمؤسسة والتحسن المستمر في أدائها، وذلك لوجود ثلاثة عوامل رئيسة: القيادة الفاعلة، والخطة المُحكمة، وفريق عمل تنفيذي محترف ذو كفاءة عالية في تنفيذ وإدارة ومتابعة الخطط والمشاريع، فوجود قيادي لديه رؤية طموحة وخطة مستدامة قابلة للتطبيق، مؤكد أنه سينجح في الارتقاء بالمؤسسة وبجميع العاملين فيها، وهذا ما جرى في مؤسسة الحرس الوطني التي استجاب رجالها لنداء قائدها الذي ميزّها عن غيرها من المؤسسات في أنظمة تقييمها وآليات اختيارها لمنتسبيها، وفي إطلاق العنان للإبداع والبحث العلمي، وفي تحديث أنظمتها الآلية وأجهزتها، وفي تجديد آلياتها وعتادها، وفي دعمها لمؤسسات الدولة وإسنادها، حتى باتت تقود مؤسسات الدولة في تميزها الذي استقته من توجيهات قائدها.

إننا أمام مؤسسة ثابتة بخطواتها، متميزة بمنتسبيها، متفوقة بأدائها، منفذة لخططها، متابعة لمراحلها، محققة لأهدافها، مولعة بإنجازاتها، متمسكة بقيمها المؤسسية التي انطلقت منها نحو أعلى مراتب التميز بفضل قائد مسيرتها، المستمر في دعمه اللامحدود، ومتابعته الحثيثة، إننا أمام ظاهرة تستحق الدراسة والتحليل من قبل المختصين في مجال القيادة والإدارة والتخطيط والتنمية، على أن توثق نتائج هذه الحالة الدراسية مع مؤسسات بحثية عالمية، وتُنشر توصياتها في مجلات علمية عريقة، وتعمّم قصص نجاحها على مؤسسات الدولة كافة، وقد بدأنا نلمس بوادر التغيير منذ أن تولى دفة القيادة حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح (حفظه الله ورعاه)، الذي يشير بتوجيهاته السامية دائماً إلى أهمية تحقيق المصلحة العليا للبلاد، واستخدام مصادر الثروة الوطنية في خدمة الاقتصاد الوطني وضمن إطار خطة التنمية.

إننا نؤمن بأن القائد الذي ترك بصمات خالدة في مؤسسة الحرس الوطني ووجهها نحو التميز والنجاح منذ 2004 إلى يومنا هذا، حتماً سيقود البلد إلى التميز في مختلف الميادين والصعد وبخطوات ثابتة فيها بصمات قائد المسيرة.