حراك خليجي ــ عربي باتجاه دمشق

الشرع يدعو تميم لزيارة سورية ويتطلع لاستثمارات الدوحة
• وزير الخارجية الأردني: مستعدون لمساعدة السوريين في إعادة البناء وكتابة الدستور وتشكيل حكومة شاملة

نشر في 24-12-2024
آخر تحديث 23-12-2024 | 22:06

دشن نائب رئيس الوزراء الأردني وزير الخارجية أيمن الصفدي ووفد قطري برئاسة وزير الدولة بوزارة الخارجية محمد الخليفي أرفع خطوة عربية تجاه دمشق عقب سقوط نظام بشار الأسد، بعدما التقيا بشكل منفصل قائد الإدارة الجديدة زعيم «تحرير الشام» أحمد الشرع في قصر الشعب بالعاصمة السورية أمس.

وأكد الصفدي أنه أعرب خلال مباحثات موسعة مع الشرع عن استعداد الأردن لمساعدة الشعب السوري في تجاوز التحديات الأمنية وبناء قدرات مؤسسات الدولة، مشيراً إلى أن «ما سمعناه كان كلاماً واضحاً. يريدون عملية انتقالية»، مبيناً أن الشرع تحدث عن مؤتمر وطني من أجل إيجاد الآليات التي تأخذ بلاده «باتجاه صياغة دستور جديد ونظام سياسي جديد يحفظ حقوق الشعب السوري برمته».

وبينما تحدث الصفدي عن عودة اللاجئين السوريين الطوعية والآمنة لبلادهم عندما تتهيأ الظروف، لافتاً إلى ضرورة أن تأخذ الإدارة الجديدة فرصتها لوضع خططها وإعادة بناء البلاد، شدد على أهمية التعاون الثنائي في محاربة الإرهاب الذي يضر الجميع.

وبينما وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، زيارة وفد بلاده الذي وصل على متن أول طائرة مدنية تهبط بمطار دمشق منذ سقوط الأسد، بأنها تجسد دعم الدوحة للشعب السوري، قال الشرع عقب لقاء الخليفي إنه دعا أمير قطر تميم بن حمد إلى زيارة دمشق، لافتاً إلى أن الدوحة أبدت اهتمامها بالاستثمار في مجال الطاقة بسورية مستقبلاً.

وجاء الحراك الدبلوماسي العربي غداة زيارة وفد سعودي رفيع للعاصمة السورية ولقاء الأسد، في وقت اتفق رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، خلال مباحثات هاتفية مع رئيس الإمارات محمد بن زايد على «ضرورة توحيد مسارات العمل العربي والتنسيق المشترك، ودعم الشعب السوري في هذه المرحلة الدقيقة».

وأمس الأول، قالت وزارة الخارجية المصرية، الأحد، إن الوزير بدر عبدالعاطي بحث في اتصالات مع نظرائه في الإمارات والأردن والعراق والجزائر ضرورة تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لاستعادة الاستقرار بكل الأراضي السورية، ودعا إلى حشد الدعم الإقليمي والدولي لسورية خلال مرحلة انتقالية تدشن عملية سياسية شاملة تضم كل الأطياف دون تدخلات خارجية.

وفي تفاصيل الخبر:

في أبرز خطوة عربية باتجاه دمشق منذ سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، وسيطرة الفصائل المسلحة عليها، أجرى نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي مباحثات موسعة مع القائد العام للإدارة الجديدة في سورية زعيم هيئة تحرير الشام أحمد الشرع أمس. والتقى الصفدي الشرع ورئيس الحكومة المؤقتة محمد البشير وعدداً من المسؤولين في قصر الشعب بدمشق.

وقال الصفدي إنه بحث مع الشرع سبل تجاوز التحديات الأمنية، مؤكدا أنه «يجب أن تأخد الإدارة الجديدة فرصتها لوضع خططها وإعادة بناء البلاد والأمن والاستقرار»، مضيفا أنه ناقش كذلك سبل دعم الشعب السوري وشؤون التجارة والمساعدات والربط الكهربائي وبناء قدرات المؤسسات.

وتابع: «ما سمعناه كلام واضح. يريدون عملية انتقالية، تحدث الشرع عن المؤتمر الوطني من أجل إيجاد الآليات التي تأخذهم باتجاه صياغة دستور جديد ونظام سياسي جديد يحفظ حقوق الشعب السوري برمته»، وأوضح أن بلاده تؤيد عملية سياسية شاملة وتشكيل حكومة تشمل جميع الأطراف بسورية، معربا عن استعداد عمان لدعم جهود بناء الدولة وإعادة الإعمار، «وسنقف دائما إلى جانب الشعب السوري».

وأفاد بأن المملكة تطلب من الأمم المتحدة مساعدة سورية، مشيرا إلى أن تعميق إسرائيل توغلها في سورية يخلق صراعاً بالمنطقة، كما أشار إلى أن النقاشات تناولت «موضوع الإرهاب وسنقف معاً في مواجهته لأنه خطر يهددنا جميعاً».

دعم قطري

وتزامنت مباحثات الصفدي، الذي يعد أرفع مسؤول عربي يزور دمشق تحت قيادة الفصائل، مع قيام وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي بزيارة للعاصمة السورية، على رأس وفد رسمي رفيع المستوى، لإجراء مباحثات مع المسؤولين الجدد.

وأكد متحدث «الخارجية» القطرية، ماجد الأنصاري، عبر منصة إكس، أن وصول الخليفي إلى دمشق يجسد الموقف القطري الثابت في تقديم كل الدعم للأشقاء في سورية، موضحا أن الوفد وصل «على متن أول طائرة للخطوط الجوية القطرية تحط في مطار العاصمة السورية منذ سقوط نظام الأسد» في 8 الجاري.

وبعد لقاء المسؤول القطري، دعا الشرع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد إلى زيارة سورية، مشيرا إلى أن الدوحة أبدت اهتمامها بالاستثمار في الطاقة بسورية بالمستقبل.

وأمس الأول، ذكرت قناة العربية أن وفداً سعودياً، برئاسة مستشار في الديوان الملكي، التقى الشرع في قصر الشعب، فيما أفادت منصات سورية بأن الوفد ضم وزير الدولة مساعد العيبان، والسفير السعودي في دمشق.

الأردن يطالب من الأمم المتحدة بمساعدة دمشق وإسرائيل تبحث مساعدة غير عسكرية للأكراد

غياب ونفي

في المقابل، أكد المتحدث باسم «الخارجية» الإيرانية إسماعيل بقائي أنه «ليس لدى إيران اتصال مباشر» مع القيادة الجديدة في سورية بعد سقوط الأسد الذي كان حليفاً كبيراً لطهران. وأوضح بقائي: «غادر دبلوماسيونا ومستشارونا العسكريون دمشق، ولا أعتقد أن هناك أي مواطنين إيرانيين في سورية بالوقت الحالي»، ولفت إلى أن موقف طهران، التي باتت أكبر الغائب عن الساحة السورية، واضح بشأن المحافظة على سيادة وسلامة أراضيها، مع ضرورة ألا تصبح «ملاذاً آمناً للإرهاب».

إلى ذلك، نفى المتحدث باسم الرئاسة الروسية (الكرملين)، دميتري بيسكوف، صحة التقارير التي تتحدث عن طلب زوجة الرئيس السوري المخلوع، أسماء الأسد، إذنا خاصا لمغادرة موسكو، وأنها ترغب في الطلاق، مشددا على أن هذا الأمر غير صحيح.

وكانت بعض وسائل الإعلام الغربية تناقلت أنباء عن رغبة زوجة الأسد في العودة إلى لندن، حيث ولدت ونشأت.

من جهة أخرى، نقلت إسرائيل رسالة تحذيرية إلى الحكومة الجديدة، التي تهيمن عليها «تحرير الشام»، مفادها أنها لن تقبل اقتراب المسلحين من جنوب سورية، مشيرة إلى أن «أعيننا مفتوحة تجاهكم».

وأفادت أوساط عبرية بأن تل أبيب قلقة من التطورات في سورية، وقالت إنها تبحث عن جهة مسؤولة في دمشق، وتخشى من تسلل المسلحين إلى مناطق إسرائيلية على غرار هجوم «طوفان الأقصى»، الذي نفذته «حماس» انطلاقا من غزة.

وأضافت أنه إذا ظهر طرف مسؤول في سورية، فإن إسرائيل ستفكر في نقل المنطقة العازلة التي احتلتها أخيراً إليه، لكن طالما لم يكن هناك أي شيء، فسوف تستمر في القلق بشأن أمنها.

من جهة ثانية، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤولين قولهم إن الدولة العبرية تبحث مساعدة الأكراد في سورية بطريقة «غير عسكرية». ووفق المسؤولين، فإن إسرائيل قلقة من نية تركيا شن عملية عسكرية واسعة ضد الأكراد في المناطق الحدودية الواقعة شمال سورية.

وجاءت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين بعد لقاء جمع الشرع، (المعروف بالجولاني)، ووزير الخارجية التركي هاكان فيدان في دمشق، أمس الأول، إذ شدد الأخير على أنه لا مجال لوجود الجماعات المسلحة الكردية في مستقبل سورية.

تسوية ومصير

إلى ذلك، قدر وزير الاقتصاد السابق في الحكومة السورية المؤقتة، المعلنة من قبل الائتلاف المعارض في شمال حلب، عبدالحكيم المصري، تكلفة إعادة إعمار سورية بنحو 500 مليار دولار، فيما أجرى اللواء طلال شفيق مخلوف، قائد «الحرس الجمهوري» السابق مدير مكتب القائد العام للجيش والقوات المسلحة في النظام السابق، تسوية في مركز تابع للحكومة المؤقتة، وسلم الأسلحة التي كانت بحوزته، في خطوة جاءت أسوة ببقية العسكريين والمدنيين.

ويعد مخلوف أحد أبرز الشخصيات العسكرية التي أدت دوراً محورياً في النظام السابق، حتى سقوط دمشق، وكان له دور بارز في قمع التظاهرات في مناطق عدة، بما في ذلك دوما وحرستا ودرعا. ووسط هدوء حذر على جبهات الاشتباك بين الفصائل السورية المدعومة من أنقرة وقوات سورية الديموقراطية (قسد)، التي يهيمن عليها الأكراد، رأى خبراء أن تراجع الدعم الأميركي المقدم لأكراد سورية في ظل الضغوط التركية سيضع «قسد» أمام مهمة مصيرية صعبة للحفاظ على الحكم الذاتي. ويشير الخبراء إلى أن التحركات التركية الأخيرة تهدف إلى إنهاء الحكم الذاتي الكردي شرق نهر الفرات، وسط رفض أنقرة أي مقترحات لوقف إطلاق النار دون انسحاب كامل للقوات الكردية.

back to top