كشف مصدر في مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي لـ «الجريدة» أن الأخير تلقى من مستشاره علي لاريجاني تقريراً شاملاً وضعته جهات مختلفة عن وضع إيران داخلياً وخارجياً من النواحي العسكرية والأمنية والاقتصادية، وذلك بعد الضربات التي تلقاها محور المقاومة الذي تقوده إيران، وكان آخرها سقوط نظام بشار الأسد في سورية.

وقال المصدر إن التقرير يتحدث عن صورة قاتمة للوضع الاقتصادي، وعجز كبير في ميزانية الدولة، وينصح بالدخول في مفاوضات مع الولايات المتحدة لرفع العقوبات، حتى لو احتاج الأمر إلى تقديم تنازلات كبيرة، مبيناً أن التقرير يتحدث عن الخسارة القاسية التي تلقتها إيران في سورية، ويشدد على أن تدخُّل طهران هذه المرة لم يكن مناسباً، خصوصاً لأن الأسد كان قد بدأ يبتعد عنها.

Ad

وأشار إلى أن إيران لديها اتصالات مع بعض مجموعات المعارضة السورية ومع الأكراد، وأن طهران تعوّل على تباين بين تركيا والدول العربية في سورية، فضلاً عن وجود دول أخرى في المنطقة منزعجة من وصول الإسلاميين في سورية إلى السلطة.

وعن الخسارة الكبيرة التي تلقاها حزب الله في لبنان بقبوله اتفاق وقف إطلاق نار ليس لمصلحته، لفت إلى أن التقرير يزعم أن الخطأ الاستراتيجي كان عدم سماح طهران للحزب باستخدام أسلحة نوعية واستراتيجية كانت لديه.

ويذكر التقرير، وفقاً للمصدر، أن حزب الله يحتاج حالياً إلى نحو عشرة مليارات دولار بمنزلة تعويضات أولية على الأقل، يتم دفعها لأنصاره الذين تضرروا من الهجمات الإسرائيلية، ويجب على إيران المساهمة في تأمين هذا المبلغ، معتبراً أن عدم رد طهران حتى الآن على آخر هجوم إسرائيلي يتسبب في ضرر كبير بقوة الردع الإيرانية ويؤثر في سمعة ومصداقية طهران بين حلفائها وخصومها على حد سواء.

ويرى التقرير أن الشيء الإيجابي الوحيد هو حصول الحوثيين في اليمن على أسلحة نوعية، مبدياً تخوفاً من الضغوط على الحكومة العراقية لحل الحشد الشعبي، مع حثه على ضرورة وضع طهران ثقلها لمنع تمرير هذا الأمر.

ووسط ترقب دولي وإقليمي حذر بشأن منحى التطورات التي ستشهدها دمشق بعد نحو أسبوعين من سقوط نظام بشار الأسد وسيطرة المعارضة المسلحة عليها، تمخض اجتماع، أمس، ضم قادة عدة فصائل مسلحة مع قائد إدارة العمليات العسكرية بالإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع المعروف بـ«الجولاني»، عن اتفاق على حل جميع التشكيلات العسكرية ودمجها تحت مظلة وزارة الدفاع.

وفي تفاصيل الخبر:

وسط ترقب دولي وإقليمي حذر بشأن منحى التطورات التي ستشهدها دمشق بعد نحو أسبوعين من سقوط نظام بشار الأسد وسيطرة المعارضة المسلحة عليها، تمخض اجتماع، أمس، ضم قادة عدة فصائل مسلحة مع قائد إدارة العمليات العسكرية بالإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع المعروف بـ«الجولاني»، عن اتفاق على حل جميع التشكيلات العسكرية ودمجها تحت مظلة وزارة الدفاع.

وذكرت إدارة العمليات العسكرية في بيان أنه «تم الاتفاق خلال الاجتماع على توحيد الفصائل تحت إدارة العمليات العسكرية وضبط الأمن في المنطقة».

وأوضحت أنه سيتم «البدء بسحب السلاح الثقيل من قبل الإدارة»، مضيفة انه «سيتم تجهيز أماكن مخصصة للبدء بعملية سحب السلاح الذي كان بحوزة النظام السابق».

وسبق للشرع أن قال، خلال مؤتمر مشترك مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان: «لن نسمح أبدا بوجود سلاح خارج يد الدولة».

وأضاف الشرع أن «الفصائل المسلحة ستحل نفسها تباعا، وهذا سينطبق على المسلحين في مناطق سيطرة قوات قسد»، في إشارة إلى قوات سورية الديموقراطية المؤلفة من الأكراد، والتي تعتمد عليها القوات الأميركية الموجودة في سورية بمحاربة تنظيم «داعش».

حملة وتخريب

وجاء إعلان الاتفاق على سحب السلاح الثقيل وحل الفصائل والشروع في تشكيل جيش موحد للبلاد، في وقت توعّد وزير الداخلية في الحكومة المؤقتة محمد عبدالرحمن، بأن الجهات المختصة ستتخذ إجراءات قانونية رادعة ضد كل من يمتنع عن تسليم أسلحته، سواء من عناصر النظام السابق، أو الأهالي.

وأعلن الوزير أن الأجهزة الأمنية نجحت في القضاء على أحد القياديين التابعين للنظام المخلوع خلال كمين محكم نُفذ في دمشق، مشددا على أهمية التعاون بين المواطنين والجهات المختصة لضمان استقرار المجتمع ومنع أي مظاهر فوضى أو عنف.

وفي حين واصلت إدارة العمليات العسكرية تنفيذ حملة أمنية واسعة النطاق في مدن وبلدات وقرى الساحل، معقل النظام السابق، لليوم الثالث على التوالي، أشارت مصادر مطّلعة في دمشق إلى أن الإدارة العسكرية، بررت الحملة بـ«الرد على سلسلة من الهجمات التي تعرض لها مقاتلوها، والتي كان آخرها في منطقة تلكلخ بريف حمص بلا انتقام».

شجرة الميلاد

في غضون ذلك، خرجت مظاهرات عدّة في العديد من الأحياء المسيحيّة في العاصمة السّوريّة، احتجاجاً على إضرام النّار بشجرة عيد الميلاد في مدينة السقيلبية ذات الأغلبيّة المسيحيّة الأرثوذكسيّة في محافظة حماة.

وهتف المتظاهرون «نريد حقوق المسيحيّين»، بينما ساروا في شوارع دمشق باتجاه مقر بطريركيّة الرّوم الأرثوذكس في باب شرقي. وحمل بعض المتظاهرين صلباناً خشبيّةً، بينما رفع آخرون العلم الذي تبنّته السّلطات الجديدة.

وكان قد انتشر مقطع فيديو على شبكات التّواصل الاجتماعي، يظهر فيه مقاتلون ملثّمون وهم يضرمون النّار بشجرة عيد الميلاد في حماة.

«قسد» و«داعش»

من جانب آخر، شهدت محاور عدة في شمال سورية اشتباكات مسلحة عنيفة بعد منتصف ليل الاثنين – الثلاثاء بين قوات «قسد» والفصائل السورية المدعومة من تركيا.

وأحرزت «قسد» تقدما ميدانيا على عدة محاور في جنوب شرق حلب، واقتربت من مدينة منبج الاستراتيجية بريف حلب.

وفي وقت يرى خبراء أن التقدم الكردي العسكري يقوي موقف «قسد» في مفاوضات الوضع الجديد مع سلطات دمشق، أشار البعض إلى أنه قد يستفز تركيا للتدخل بشكل مباشر في المنطقة التي تقول إنها حيوية لمنع نشاط المتمردين الأكراد على أراضيها برغم التحذيرات الغربية.

وفي ظل غياب أي مؤشرات على إمكانية تماسك تهدئة تمت بين الجانبين بوساطة أميركية، حذرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك مما سمتها مخاطر نشوب حرب بين تركيا والقوات الكردية في سورية.

من جهة أخرى، أكدت القيادة الوسطى الأميركية «سنتكوم»، مقتل عنصرين من «داعش» وإصابة آخر في غارة جوية لقواتها استهدفت شاحنة كانت تنقل أسلحة في محافظة دير الزور شرقي سورية.

تعاون تركي

في هذه الأثناء، صرح وزير النقل والبنية التحتية التركي، عبدالقادر أوغلو، بأن بلاده تعتزم بدء مفاوضات مع سلطات دمشق لترسيم الحدود البحرية في البحر المتوسط.

ورأى أوغلو أن مثل هذه الصفقة ستسمح للبلدين بـ«زيادة منطقة نفوذهما» في استكشاف الطاقة. وفي محاولة لطمأنة مخاوف دول إقليمية في مقدمتها اليونان بشأن الخطوة، أكد الوزير التركي، الذي تعد بلده أكبر الرابحين بالتغييرات التي تشهدها دمشق، أن «أي اتفاق في المستقبل سيكون متوافقا مع القانون الدولي».

وأتى ذلك في وقت أفاد وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا بأن «أكثر من 25 ألف لاجئ سوري عبروا الحدود التركية إلى بلدهم خلال الأيام الـ15 الأخيرة».

مفقودو لبنان

إلى ذلك، سلّم وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، هنري خوري، رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أمس، أسماء المفقودين اللبنانيين في السجون السورية، والذين يتجاوز عددهم 6500 سجين، لمتابعة الملف بعد الإعلان عن إخراج كل المساجين من معتقلات سورية.

وفي سياق قريب، تحدثت تقارير عن فقد «حزب الله» اللبناني الاتصال بما بين 500 وألف عنصر، كانوا بسورية قبل سقوط الأسد، أغلبيتهم من مناطق والهرمل والبلدات القريبة من الحدود السورية.

وذكرت المصادر أن عائلات هؤلاء العناصر تحاول الاتصال مع مسؤولي الحزب لمعرفة مصير أبنائها دون تلقيها إجابات شافية، ما أدى إلى وقوع مواجهات كلامية وتدافع بين الأهالي ومسؤولي الحزب في بعض مناطق البقاع شرقي لبنان.

في غضون ذلك، أكدت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني أن «تشكيل حكومة يختارها الشعب السوري والحفاظ على وحدة الأراضي السورية، هو كل ما يهم طهران»، لافتة إلى «إيران تجري مباحثات دبلوماسية لإعادة فتح السفارات في دمشق وطهران»، ومؤكدة أن الطرفين مستعدان لذلك.

كما أعلنت السلطات الإيرانية أن الحكومة السورية المؤقتة قررت تعليق الرحلات الجوية القادمة من طهران حتى 22 يناير المقبل.

صدمة إسرائيلية

على جانب آخر من الحدود، كشفت أوساط عبرية أن واشنطن صدمت تل أبيب بمطالبتها بالتهدئة مع القائد العام للإدارة الجديدة في سورية، وفتح قنوات اتصال معه. وقالت المصادر إن إسرائيل ترفض الموقف الأميركي الذي يصف الشرع بأنه زعيم براغماتي يريد أن يطور علاقاته بشكل استراتيجي مع دول المنطقة، رغم الضغوط.