في ظل احتفاء العالم باليوم العالمي للغة العربية قرر الأستاذ في كلية القانون الكويتية العالمية د. محمد حسان الطيان، أن يجعل احتفاله هذا العام منصبًّا على ما قدمته الكويت للعالم العربي خصوصاً، وللعالم الإسلامي عموماً من منجزات في دنيا العربية، تخدم هذه اللغة الشريفة، وترفع رايتها وتسهم في نشرها وتعليمها وتعلمها، ونشر كنوزها وأوابدها.

وأكد د. الطيان في لقائه مع «الجريدة» أن الكويت قدمت في هذا الشأن منجزات كثيرة متنوعة، تتناول جوانب مختلفة من شؤون اللغة وقضاياها، بعضها مما يعمُّ نفعه، وبعضها مما يخصُّ شريحةً دون أخرى من شرائح المجتمع، وإن لم يخلُ من فائدة عامة، مضيفاً «وسأحاول هنا جعلها فيما أطفَّ لي منها من بنود، مع تقديم نبذة عن كل منه هذه المنجزات».

Ad

مجلة العربي

وقال د. الطيان إن مجلة العربي هي هدية الكويت إلى العالمين العربي والإسلامي تضم بين دَفتيها من كل بستانٍ زهرة، ومن كل قطر أغنية، ومن كل بحرٍ درَّة أو لؤلؤة، يتقلب فيها القارئ بين نُعْمَى الآداب والعلوم والفنون، وقد كانت من أهم الموارد التي رفدت ثقافة جيلنا والأجيال المتعاقبة بعده، إلى يوم الناس هذا، إذ تأسست عام 1958 وصدرت بشكل دوري منذ ذلك الوقت، ويقدر عدد النسخ التي تطبع منها في كل عدد ب 250 ألف نسخة وصلت إلى 320 ألف في ذروة انتشارها، مضيفاً أنها تقدم شهرياً أفانين المعارف والآداب والفنون بلسان عربي مبين، والقلم أحد اللسانين كما تقول العرب.

وأوضح أنه شارك في كتابة مقالاتها أبرز الأدباء والشعراء والعلماء والمفكرين العرب مثل طه حسين، وعباس محمود العقاد، ونجيب محفوظ، ونزار قباني، وعبدالهادي التازي، وإحسان عباس، وحسين مؤنس، ويوسف إدريس، وأحمد زكي، وخليفة التونسي، وصلاح عبدالصبور، وجابر عصفور، وفاروق شوشة وغيرهم.

سلاسل ودوريات علمية وثقافية

وأضاف أن الكويت أصدرت سلاسل ودوريات علمية وثقافية متعددة، لعل من أهمها سلسلة كتاب «عالم المعرفة» وهي واحدة من أهم السلاسل الثقافية العربية، التي تهتم بنشر علوم مختلفة بلغة مبسطة يفهمها القارئ العادي، «وحسبي أن أضرب مثلاً واحداً عليها، بكتاب العصر الجينومي الذي ألفه أ. د. موسى خلف الأستاذ بكلية الطب في جامعة الكويت، فقدم فيه أهم ما ينبغي معرفته عن الخريطة الوراثية وعلم الجينات بلسان عربي مبين، تعمَّدت أن أقبس منه نصّا لأجعله بين أيدي الطلاب يتدربون فيه على مهارات العربية المختلفة، ليعلموا أنها ليست عصيَّة أو عاجزةً عن التعبير عن أدق مصطلحات العلوم وأحدثها».

وتابع أن هناك العديد من السلاسل الأخرى المترجمة، كمجلة «الثقافة العالمية» التي تصدر كل شهرين وتقدم للقارئ العربي مختارات مترجمة من أحدث ما ينشر في الدوريات الأجنبية وسلسلة «إبداعات عالمية» «سلسلة من المسرح العالمي» التي تصدر مرة كل شهرين، وتهتم بالنصوص الإبداعية المترجمة والمؤلفة، فضلاً عن مجلة «عالم الفكر» التي تخاطب الدوائر الثقافية والأكاديمية، وتهتم بنشر الدراسات والبحوث الثقافية والعلمية الرفيعة المستوى.

نشر كنوز كتب التراث «المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب»

وقال: «حسبي هنا أن أشير إلى أعظم معجم في العربية، أعني تاج العروس في شرح القاموس، الذي نشرته الكويت في أربعين مجلدة، تشهد كل صفحة من صفحاتها بالجهود العظيمة المبذولة في إخراجه، إذ تضافر عليه نخبة من علماء العربية وباحثيها، وكنت في الشام أترقب صدور المجلد الجديد من مجلداته منذ أواخر الستينيات من القرن الفائت، وشاء المولى سبحانه أن أحضر الندوة التي أقيمت احتفالا بإنجازه، وأن أجتمع بالبقية الباقية من العلماء المشاركين في تحقيقه، من مثل د. عبد الصبور شاهين، ود. حسين نصار، ود. محمود فهمي حجازي وغيرهم».

وأشار إلى أنه مثال من أمثلة كتب التراث التي أخرجها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، مثل الأضداد لابن الأنباري، ومغني اللبيب لابن هشام، والفضة المضية في شرح الشذرة الذهبية لأحمد بن زيد العاتكي... وغيرها.

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

وعن إنجازات مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، قال د. الطيان، إنها كثيرة متنوعة، ترمي في جملتها إلى ترجمة العلوم الحديثة وتوطينها، وجعلها بين يدي الناس على اختلاف ثقافاتهم، مع عناية خاصة واهتمام ملحوظ بشريحة الأطفال واليافعين لتعزيز الثقافة العربية في صفوفهم، وتشجيعهم على القراءة.

وذكر أن المؤسسة أصدرت جملة من المجلات العلمية، لعل أهمها مجلة العلوم التي تصدر في الكويت منذ عام 1986 عن المؤسسة، وهي في معظمها ترجمة لمجلة «سَيَنْتِفِك أمِرِكان» التي تعد إحدى أهم المجلات العلمية الموجهة إلى المهتمين غير المتخصصين، مضيفا «وكنت على صلة مباشرة برئيس تحريرها أ. د. عدنان الحموي، رحمه الله، وأتابع أحيانا تكليفه لكبار المتخصصين في العلوم المختلفة لترجمة المقالات العلمية المتخصصة بلسان عربي مبين. وكان بعضهم من زملائنا في مركز الدراسات والبحوث العلمية بدمشق، مثل د. حاتم النجدي، وأ. مروان البواب، وأ. سعيد الأسعد... وغيرهم»، .

وأضاف «هذا فضلا عن نشر كتب في تاريخ العلوم العربية كمؤلفات الطوسي د. رشدي الراشد، وكتابان في تاريخ الرياضيات د. مصطفى الموالدي، وتاريخ علم الصوت د. سائر بصمه جي، ناهيك عن إخراجها موسوعات ذات قيمة علمية عظيمة، كموسوعة القرآن الكريم، وموسوعة العلوم السياسية، والمعجم القانوني».

وأكد أنه «لا بد أن نذكر هنا جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، التي تأسّست في عام 1979 لتكريم إنجازات الحياة للعلماء العرب في جميع أنحاء العالم. وهي تشمل فيما تشمل: اللغة العربية وآدابها، وتاريخ العلوم عند العرب».

إصدارات وزارة الأوقاف الكويتية

وعن إصدارات وزارة الأوقاف الكويتية، أوضح د. الطيان أنها في جملتها «تعنى بعلوم الشريعة كالفقه والتفسير والحديث.. ولكن قسما كبيرا منها يختص بعلوم العربية المختلفة، مثل: ملامح من بيان العربية وجمالها، وكيف تغدو فصيحًا عفَّ اللسان، ومن أفانين الأدب «وهي لي» والإبانة في تفصيل ماءات القرآن وتخريجها على الوجوه التي ذكرها أرباب الصناعة، لجامع العلوم الأصبهاني، وقد قام بتحقيقه واستدراك ما فاته من الماءات وخرج ما فيه وشرحه وناقشه وكتب حواشيه وصنع فهارسه أخونا الأستاذ الدكتور محمد بن أحمد الدالي رحمه الله».

ولفت إلى أنه «لا بد أن ننوِّه بإصدارات مجلة الوعي الإسلامي التي تنوعت وشملت الكثير من علوم العربية وآدبها وفنونها، مثل: أسرار العربية لابن الأنباري، والأمالي اللغوية في المجالس الكويتية د. وليد المنيس، وعلماؤنا وتراث الأمم أ. د. محمد محمد أبو موسى، والقضايا الفنية والفكرية في أدب الرافعي، د. أحمد شاهين... وغيرها كثير».

جمعية الراسخون في العلم الخيرية

وبين أن جمعية الراسخون في العلم الخيرية أخذت على عاتقها نشر العلوم الشرعية وعلوم اللغة العربية، ولها نشاط واسع في هذا الميدان لا يقتصر على الكويت فحسب بل يعمُّ العالم العربي والإسلامي، إذ انتشرت دوراتها التي تعقدها على المواقع الرقْمية «الإلكترونية» وعلى منصات التواصل في أنحاء الدنيا، وتنوعت دوراتها اللغوية بين علوم العربية المختلفة، كالنحو، والصرف، والبلاغة، والعروض، والأدب، وعلوم القرآن... فضلا عن علوم الشريعة التي تنشرها بلسان عربي مبين.

وذكر أن الجمعية أعدت منهاجا علميا، يترقى فيه الطالب من بداية طلب العلم إلى الرسوخ في العلم، ونشرت في ذلك كتبا قام عليها علماء متخصصون، جمعت بين الأصالة والمعاصرة، وكان لي شرف المشاركة في كثير من دوراتها العلمية، وتسجيلاتها المرئية، وكتبها المؤلفة.

وعن شركة صخر للبرمجيات، أكد أنها من أقوى شركات البرمجيات العربية، وصاحبها رجل الأعمال الكويتي محمد عبدالرحمن الشارخ الذي أسسها في عام 1982، مشيرا إلى أنها عملت على تطوير الكثير من التقنيات المتقدمة التي تركت علامات بارزة في تاريخ صناعة تقنيات المعلومات، ولاسيما تلك المتعلقة باللغة العربية، ومن أبرز منجزاتها: