عبارة بليغة سطَّرها سمو أمير البلاد، حفظه الله وأطال في عُمره، في نطقه السامي في 20/ 12/ 2023، «بالتالي لم نلمس أي تغيير أو تصحيح للمسار، بل وصل الأمر إلى أبعد من ذلك عندما تعاونت السُّلطتان التشريعية والتنفيذية واجتمعت كلمتهما على الإضرار بمصالح البلاد والعباد».

نعم، عبارة جامعة مانعة تلخِّص الفساد الذي انحرفت إليه السُّلطتان، عبر مجالس وحكومات لعقود طويلة أرهقت الدولة، وضيَّعت ملفات تُعد أساس قوة الدولة ومنعتها، ومنه:

Ad

أ- تعطيل مشروعات البنية التحتية للدولة، مثل: محطات الكهرباء، ورصف الطرقات، وتنظيف البحيرات النفطية، بسبب الابتزاز السياسي.

ب- التعيين السياسي والعشوائي في الوظائف القيادية والإشرافية، بل والتوظيف العشوائي دون منافسة ولا معايير على حساب تكافؤ الفرص، بتهديد الاستجوابات والرضوخ لها.

ج- تضخم ملف العلاج بالخارج و«عافية»، وملف مرتبات ربات البيوت، ودعم العمالة، والعبث بملف الإعاقة، من بوابة الابتزاز والرهبة من الاستجوابات.

د- وأخطر الملفات العبث المستمر والمبرمج بالهوية الوطنية بتعديلات قانون الجنسية، وما صاحبه من تجنيس سياسي وعبثي من السُّلطتين.

فقد تم تعديل المواد 4 و5 و7 من القانون لأغراض جعل ملف الجنسية في مهب الريح، وجعلها سلعة للمساومة السياسية والابتزاز النيابي، وقد وافقتهم حكومات فاسدة. فقد تم إسقاط العديد من الضوابط والقيود التي كانت سداً منيعاً ودرعاً واقية من ذلك العبث السياسي والعشوائي المريب في ملف الجنسية.

وتعقُّب تعديلات قانون الجنسية يكشف، وبشكل مخيف، جسامة الضرر الذي خلفته تسعة تعديلات عبر مجلس الأمة.

فالتعديلات التي امتدت لعام 2004 تبعث بالحزن والألم، لتوسعها في منح الجنسية، والتخفف أو حذف الشروط والضوابط بصورة مخيفة، وتكشف انحرافاً تشريعياً وسياسياً واضحاً، وتفريطاً في الهوية الوطنية، بتواطؤ السُّلطتين، وانحراف برلماني، بضغوط وابتزاز سياسي.

1- ففي 1966 عُدِّل القانون ليحذف شرط الكفاءة فيمن سيتم تجنيسه، وحذف منه أيضاً قيد العدد، وهو خمسون شخصاً في السنة!

2- واستحدث تعديل 1982 فكرة شاذة لا تستقيم وفكرة التجنيس التي تقوم على اعتبارات شخصية بحتة، حيث جعلت هذه المادة إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع!

3- أما المادة الخامسة، فقد كانت تشترط بالأعمال الجليلة أن «تعود على البلد بنفع كبير»، وشرط إقامته في البلاد قبل عام 1945 للعربي، وقبل عام 1930 للأجنبي، ثم عدلت لحذف عبارة (عادت على البلاد بنفع كبير) من شرط الخدمات الجليلة! كما حذف شرط الإقامة قبل عام 1945 للعربي وقبل عام 1930 للأجنبي، واستبدل بعام 1965!

4- استحدثت المادة (5) تجنيساً مريباً، هو تجنيس ابن الكويتية على إطلاقه! إذا كان أبوه الأجنبي طلقها أو توفي عنها!

5- أعاد المرسوم بقانون رقم 100 لسنة 1980 شرط الإقامة لمنح الجنسية وفقاً لهذه المادة، بعام 1945 بالنسبة للعربي، وقبل 1930 بالنسبة للأجنبي، ولكن في عام 2000 أصدر مجلس الأمة تعديلاً أحدث شرخاً كبيراً في إجراءات منح الجنسية، فحذف شرط الإقامة قبل عام 1945 للعربي، و1930 للأجنبي، ليجعل عام 1965 وما قبله أساساً لمنح الجنسية!

بل أعاد أيضاً أن إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع للتجنيس (بعد حذفها بمرسوم)، مشرعاً الباب لاعتبارات أبعد ما تكون عن المصلحة الوطنية!

6- وفي القانون رقم 11 لسنة 1998، حدث أكبر انحراف تشريعي بشأن الجنسية الكويتية، بجواز منح الجنسية الكويتية للأبناء الراشدين للمتجنس، وكذلك لأحفاده من أولاده الذكور المتوفين.

7- وفي عام 2004، بلغ الانحراف السياسي مداه، فمنح القانون أبناء المتجنس من الراشدين وكذلك أحفاده الراشدين من الذكور إمكانية الحصول على الجنسية الكويتية، وفتح الباب على مصراعيه لتجنيس ثلاثة أجيال من عائلة واحدة وكلهم بسن الرشد (فوق 21 سنة) بالتجنس بمجرَّد حصول جدهم على الجنسية.

وهذا اعتداء صارخ على الهوية الوطنية الكويتية وعلى سيادتها، وكل ذلك لغايات فاسدة، منها إدخال هذه الفئة ضمن الناخبين والمرشحين! بسبب قانون مشوَّه ولقيط (44 لسنة 1994)، والذي أهدر التكوين السيادي للمجتمع السياسي الكويتي!

لذا نناشد القيادة السياسية إعادة الأمور إلى نصابها، بتعديل قانون الجنسية وقانون الانتخابات.