حذرت البنوك المركزية الكبرى من أن التضخم يُظهر عنادًا أكثر مما كان متوقعًا، وأنها ستخفض تكاليف الاقتراض تدريجيًا فقط في عام 2025، ما أثّر على أسواق السندات على جانبي الأطلسي.

ففي اليوم التالي لتقليل مسؤولي الاحتياطي الفدرالي توقعاتهم بشأن خفض أسعار الفائدة، ارتفع العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات، والتي تُعتبر من الركائز الأساسية للتمويل العالمي، إلى أعلى مستوى له منذ مايو عند 4.59%.

Ad

وقفز العائد بمقدار 0.2% خلال يومين فقط، حيث سارع المستثمرون لإعادة تقييم توقعاتهم لسياسة الاحتياطي الفدرالي خلال الأشهر الـ12 المقبلة، بحسب ما نقلته «فايننشال تايمز» واطلعت عليه «العربية Business».

وفي المملكة المتحدة، وصلت العوائد إلى 4.66%، وهو أعلى مستوى لها منذ أكثر من عام، حيث حذّر مسؤولو بنك إنجلترا الخميس من زيادة خطر «استمرار التضخم»، مع إبقاء معدلات الفائدة الرئيسية دون تغيير.

وبدأ التضخم في الارتفاع مجددًا في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بينما تضيف حالة عدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب غموضًا إلى التوقعات الاقتصادية العالمية.

السوق يترقب

وقال أندرو بيس، كبير استراتيجيي الاستثمار في «راسل إنفستمنتس»، إن المستثمرين قلقون من أن «وتيرة التيسير النقدي ستكون أبطأ بكثير حتى ينخفض التضخم».

القلق من أن التضخم العنيد سيبطئ وتيرة خفض أسعار الفائدة دفع إلى موجة بيع في أسواق السندات الأميركية والبريطانية خلال الأسابيع الأخيرة، إلى جانب المخاوف من أن السياسات المالية التوسعية قد تزيد المشكلة سوءًا.

وتباينت لهجة الاحتياطي الفدرالي وبنك انجلترا الحذرة مع رسالة البنك المركزي الأوروبي، الذي أصر الأسبوع الماضي على أن «أسوأ أيام التضخم قد ولّت»، مما يفتح المجال لخفض جديد في أسعار الفائدة.

وفي الأسابيع الأخيرة، خفّض المستثمرون توقعاتهم بشأن تخفيف السياسة النقدية، فقد قام المتداولون بتسعير خفضين بمقدار 0.25% لبنك إنكلترا العام المقبل، مقارنة بأربع مرات للخفض كانت متوقعة في أكتوبر.

أما بالنسبة للاحتياطي الفدرالي، فتم تسعير خفض واحد فقط العام المقبل، مع احتمال بنسبة 50% لخفض ثانٍ، في حين كان المتوقع قبل شهر خفض الفائدة في اجتماعين.

وجاءت قراءات التضخم الأميركية في سبتمبر وأكتوبر أعلى من المتوقع، مما عزز الحجج الداعية للحذر. وفي يوم الأربعاء، رفع مسؤولو الاحتياطي الفدرالي توقعاتهم للتضخم في عام 2025، مما يعكس هذه المخاوف.

ارتفاع مخاطر التضخم

أما بنك انجلترا، فأبقى سعر الفائدة الرئيسي عند 4.75% الخميس، مع إشارة معظم المسؤولين إلى ارتفاع مخاطر التضخم، رغم أن البنك توقع نموًا صفريًا في الربع الأخير من العام.

وأشار البنك إلى أن حالة عدم اليقين بشأن السياسة التجارية «زادت بشكل كبير»، في إشارة إلى خطط التعريفات الجمركية لترامب، مع التأكيد على أن تأثير ذلك على التضخم في المملكة المتحدة لن يتضح في الوقت القريب.

وفي اجتماع لجنة السياسة النقدية المكونة من تسعة أعضاء، دعا ثلاثة أعضاء إلى خفض فوري للفائدة، بينما فضّلت الأغلبية الإبقاء على المعدلات دون تغيير بسبب زيادة «مخاطر استمرار التضخم».

وقال أندرو بيلي، محافظ بنك انجلترا، في بيان: مع زيادة حالة عدم اليقين في الاقتصاد، لا يمكننا الالتزام بتوقيت أو حجم خفض الفائدة خلال العام المقبل.