سورية تحذِّر إيران من نشر الفوضى وأردوغان يهدد بدفن الأكراد
إدارة الشرع تجهز لمطالبة طهران بـ 300 مليار دولار تعويضات
• أردوغان يخيّر الأكراد بين إلقاء السلاح أو الدفن معه
• روسيا تخلي قاعدة وإسرائيل تستهدف متظاهري القنيطرة
خرجت الأزمة المكتومة بين الإدارة السورية الجديدة، بقيادة زعيم هيئة تحرير الشام أحمد الشرع، والنظام الإيراني إلى العلن، مع توجيه وزير الخارجية الجديد أسعد الشيباني، أول تحذير مباشر إلى طهران طالبها فيه بـ «تجنب خلق الفوضى ونشرها في سورية»، في حين صعّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تهديداته لخصومه الأكراد وهدد بدفنهم مع سلاحهم في سورية.
وعشية استضافة الكويت اجتماعاً لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي لمناقشة التطورات في سورية وسبل مساعدتها وبناء مؤسساتها بعد فرار الرئيس السابق بشار الأسد، كتب الشيباني على منصة إكس: «على إيران احترام إرادة الشعب السوري وسيادة البلاد وسلامتها»، مضيفاً: «نحذرهم من بثّ الفوضى، ونحملهم كذلك تداعيات التصريحات الأخيرة»، في إشارة إلى خطاب المرشد الأعلى علي خامنئي الذي أعرب فيه عن اعتقاده بأن «فئة شريفة» ستظهر في سورية لمواجهة مخطط الفوضى الذي صممته ونفذته أميركا وإسرائيل وأطراف أخرى في دمشق.
في المقابل، اعتبر وزير خارجية إيران عباس عراقجي أن سورية تواجه مستقبلاً غامضاً بعد الإطاحة بالأسد، معتبراً أنه «من المبكر جداً الحكم على مستقبل سورية، حيث يمكن للعديد من العوامل أن تؤثر بشكل كبير على الوضع السياسي» فيها، مضيفاً: «على من يعتقدون حالياً بتحقيق انتصارات مؤكدة، ألا يفرحوا قبل الأوان».
في موازاة ذلك، تعمل إدارة الشرع الجديدة على إعداد مذكرة إلى المحاكم الدولية، تتضمن مطالبة طهران بدفع 300 مليار دولار، على هيئة تعويضات للشعب السوري.
وإذ أكد أردوغان وقوفه بكل قوة إلى جانب سورية داعياً العالم الإسلامي إلى دعمها وبناء مؤسساتها، هدّد المسلحين الأكراد في سورية «فإما أن يُلقوا أسلحتهم، أو يدفنوا هناك مع أسلحتهم»، مؤكداً أن بلاده ستتصدى لجميع التنظيمات الإرهابية التي تحاول استغلال الظروف.
إيرانياً، ومع استمرار الانهيار الاقتصادي بشكل غير مسبوق منذ وصول مسعود بزشكيان قبل 100 يوم إلى رئاسة البلاد، كشف عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى النائب الأصولي حسين صمصامي عن استشارات برلمانية سرية لاستجواب الوزراء الاقتصاديين في الحكومة وإسقاطهم، بسبب انهيار سعر الصرف وبلوغه نسبة 35%، بشكل غير مسبوق في تاريخ البلاد.
واتهم صمصامي حكومة بزشكيان بتأمين أكثر من 100 ألف مليون تومان خلال الشهرين الماضيين عبر التلاعب بسعر صرف العملة الصعبة في الأسواق، وأخذها من جيب الإيرانيين، مؤكداً أن الحكومة استدانت 5 مليارات دولار من صندوق التنمية الوطني لاستثمارها في بناء بنى تحتية، ولكنها تلاعبت بها في الأسواق مع المتبقي من الميزانية.
وذكر أن الحكومة تلاعبت أيضاً بالعملة المرصودة للبضائع الأساسية وقوت الشعب، إذ كان عليها أن تصرف هذه العملة بالتسعيرة التفضيلية (التي تتراوح بين 4200 تومان و28500 حسب نوع البضاعة مثل القمح والطحين والأرز والسكر والزيت النباتي وغيرها)، ولكنها قطعت صرف هذه العملة الصعبة، وصرفت العملة بأسعار بين 55 ألف تومان و64 ألفاً في الأسواق، مما يعني أن البضائع الجديدة ستصل إلى يد المواطنين بتسعيرة السوق السوداء (تعادل اليوم 79500 تومان) خلال الأشهر المقبلة، وبالتالي سيواجه الشعب غلاءً فاحشاً لن يمكنه تحمله قريباً.
وأكد أحد نواب هيئة رئاسة البرلمان أن الحكومة باعت، خلال الشهرين الأخيرين، كل ما يمكنها من نفط وغاز وحتى كهرباء، تحسباً من أنه عندما يتولى الرئيس الأميركي دونالد ترامب السلطة يمكن أن تواجه مشاكل في تأمين مداخيلها وبيع النفط، ولذا بدأت مواجهة تأمين حاجة الناس من الغاز والكهرباء.
وقال النائب إن معظم النواب متأكدون من أن الحكومة تقوم بهذا العمل لتزيد الضغوط الاقتصادية بشكل متعمد على الشارع، وتجبر النظام الإيراني على قبول مفاوضاتها مع واشنطن أو تواجه انهياراً اقتصادياً.
وأضاف أن وزير الاقتصاد عبدالناصر همتي مصرّ على تطبيق تعليمات البنك الدولي، وإجبار النظام على قبول شروط الـ FATF، وهذا ما كان يصبو إليه سابقاً حين كان رئيساً للمصرف المركزي، وحين كان مرشحاً للانتخابات الرئاسية السابقة.
وأشار إلى أن همتي يعلم جيداً أن إصرار الدول الغربية على عضوية إيران الكاملة في الـ FATF يرجع إلى رغبتها في كشف طرق عبور طهران للعقوبات الأميركية لإغلاق هذه الطرق، موضحاً أن إصراره على هذا الموضوع مشكوك في أمره، فضلاً عن ضغطه على بزشكيان الذي ليس لديه خبرة في المجال الاقتصادي، كي يقبل بشيء ليس من مصلحة البلاد خلال فترة العقوبات.
وفي تفاصيل الخبر:
عشية انعقاد اجتماع لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي تستضيفه الكويت اليوم لمناقشة التطورات في سورية ولبنان وسبل مساعدة سورية وبناء مؤسساتها الوطنية عقب سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، حذر وزير الخارجية في الحكومة السورية المؤقتة، أسعد الشيباني، أمس، إيران من «بث الفوضى» في بلده.
وقال وزير خارجية الإدارة الجديدة التي تهيمن عليها هيئة تحرير الشام بزعامة أحمد الشرع، عبر منصة إكس: «على إيران احترام إرادة الشعب السوري وسيادة البلاد وسلامتها»، مضيفا «نحذرهم من بث الفوضى ونحملهم كذلك تداعيات التصريحات الأخيرة» في إشارة إلى خطاب للمرشد الإيراني علي خامنئي أعرب فيه عن اعتقاده بأن «فئة شريفة» ستظهر في سورية لمواجهة مخطط الفوضى الذي صممته ونفذته أميركا وإسرائيل وأطراف أخرى في دمشق.
واعتبرت تصريحات المرشد الإيراني، الذي تعد بلاده أكبر الخاسرين جراء التطورات الأخيرة في دمشق، تحريضاً على التصدي للإدارة الجديدة، التي يقودها الشرع المعروف بـ«الجولاني».
في موازاة ذلك، كشفت وسائل إعلام مقربة من الإدارة الجديدة، أن السلطات تعمل على إعداد مذكرة ستقدمها للمحاكم الدولية، تتضمن مطالبة طهران بدفع مئات المليارات من الدولارات، على هيئة «تعويضات للشعب والدولة» السورية.
وأوضحت المصادر أن الإدارة الجديدة ستطالب إيران بدفع 300 مليار دولار «مقابل ما سببته من ضرر للسوريين والبنية التحتية خلال انحيازها عسكريا، مع فصائل تابعة لها، لمصلحة نظام الأسد» قبل الإطاحة به على يد الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا بعد حرب استمرت 13 عاما.
احتفاء أردوغان
إلى ذلك، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن أنقرة ستقف بكل قوة إلى جانب الشعب السوري لبناء دولته، داعيا العالم الإسلامي إلى دعم سورية المنهكة بعد سنوات الحرب، لأنه لا يمكنها النهوض بمفردها بعد أن خلّف النظام السابق أزمة إنسانية ودمارا يقدر بـ500 مليار دولار.
وقال أردوغان، في كلمة احتفاء بالتطورات التي شاركت أنقرة في إرسائها على نحو جلعها أحد أكبر الرابحين: «نحن رأينا علم سورية الحرة مع علم بلادنا الهلال والنجمة في حلب ودمشق وحمص وحماة وكل المناطق السورية، وهو ما يفرحنا ويُزهر قلوبنا».
وهنأ أردوغان الشعب السوري بـ«النصر العظيم والخلاص من طغيان نظام البعث»، مشيرا إلى أن بلاده تنظر نظرة الشفقة إلى من ينزعجون من انهيار نظام الأسد.
الرئيس الإماراتي يبحث مع وزير الخارجية التركي الملف السوري والتطورات الإقليمية
وأشار إلى أن أنقرة ستساعد من يريد العودة من اللاجئين السوريين في تركيا البالغ عددهم نحو 3.5 ملايين، إلى وطنهم، لكنها لن ترغم أحدا على المغادرة.
وقدم الرئيس التركي الشكر لقائد العمليات العسكرية أحمد الشرع، واعتبر أنه يقود المرحلة الحالية بشكل جيد، مشيراً إلى أن تركيا تستعد لفتح قنصليتها في حلب. وفي سياق حديثه عن الانفصاليين الأكراد المنتشرين في شمال سورية والمنضوين بقوات «قسد» المدعومة من القوات الأميركية الموجودة في سورية لمحاربة «داعش»، قال أردوغان: «إما أن يُلقي المسلحون الأكراد في سورية أسلحتهم، أو يدفنوا هناك مع أسلحتهم»، مؤكدا أن تركيا ستتصدى لجميع التنظيمات الإرهابية التي تحاول استغلال الظروف في سورية، حيث تتهم أنقرة التنظيمات الكردية السورية بدعم الانفصاليين بجنوب تركيا عبر الحدود المشتركة.
في السياق، بحث رئيس الإمارات محمد بن زايد آل نهيان، ووزير خارجية تركيا، هاكان فيدان، في أبوظبي أمس، تطورات الأوضاع في المنطقة والمستجدات في سورية، مؤكدين موقف بلديهما الثابت تجاه استقرار سورية وسيادتها ووحدة أراضيها، بجانب دعم كل ما يحقق تطلعات شعبها نحو الأمن والاستقرار والتنمية.
ميدانياً، أعلنت قوات سورية الديمقراطية (قسد) أنها قتلت 5 من أفراد الفصائل الموالية لتركيا في اشتباكات عنيفة في مدينة منبج التابعة لمحافظة حلب السورية، ضمن هجومها المضاد الذي أطلقته الاثنين الماضي لاستعادة مناطق خسرتها في محيط سد تشرين شمال البلاد.
وعلى جبهة أخرى، أُصيب عدة أشخاص، بينهم طفل، بجروح جراء إطلاق قوات إسرائيلية النار على مظاهرة شهدتها بلدة سويسة، في ريف القنيطرة جنوب سورية، احتجاجا على توغل جديد لقوات الاحتلال بعمق حوالي 7 كيلومترات داخل المنطقة العازلة في الجولان ومطالبتها لسكان قريتي أم العظام والعدنانية بمواعيد محددة للدخول والخروج من المنطقة. وتزامن ذلك مع تحذير السياسي السوري المعارض والأستاذ بـ«جامعة السوربون»، برهان غليون، من أن «ما يفعله الإسرائيليون في سورية تهديد للمشرق كله»، مشيراً إلى أن «سورية الجديدة ستتطور تحت السيطرة والهيمنة والتسلط واحتمال التدخل العسكري في أي لحظة من النظام الإسرائيلي».
من جهة أخرى، أتمت القوات الروسية، أمس، إخلاء قاعدتها العسكرية في بلدة عامودا بريف الحسكة، حيث نقلت معداتها وآلياتها العسكرية إلى مطار القامشلي، تمهيداً لنقلها إلى قاعدة حميميم في ريف اللاذقية على الساحل السوري.
وذكر المرصد السوري أن تلك التحركات تأتي ضمن سلسلة انسحابات للقوات الروسية من عدة مواقع، حيث سبق أن انسحبت في 13 الجاري من منطقة حسياء جنوب حمص باتجاه مدينة حمص، ومنها إلى «حميميم».
جدل ومطالبة
في شأن آخر، أثار ظهور اللواء طلال مخلوف، القائد السابق للحرس الجمهوري في جيش نظام الأسد، وهو يجري «تسوية» في أحد مراكز العاصمة دمشق، جدلاً واسعاً في الأوساط الحقوقية والسياسية، خصوصا أنه من المسؤولين الذين يُعتقد أنهم اقترفوا انتهاكات واسعة النطاق خلال سنوات الصراع الدامية التي امتدت أكثر من عقد، في حين أشار بطريرك الروم الارثوذكس يوحنا العاشر يازجي، خلال قداس عيد الميلاد في الكاتدرائية المريمية بدمشق، إلى أنه «في هذه الأيام التي يحكم بلادنا حكومة وقيادة جديدة نتمنى لها كل خير وتوفيق وأمام هذه المستجدات بعنوان الحرية والديموقراطية والمساواة، كل هذه الكلمات الطيبة تتلخص بالكرامة الإنسانية، وهذه الكرامة تكون بدولة مؤسسات مدنية يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات والوظائف والعمل السياسي، وهذا ما نصبو إليه وهذا ما نرجوه من الحكومة الآتية».
ولاحقاً، قتل أحد أفراد الأمن السوري وأصيب 5 في هجوم نسب إلى ميليشيات تابعة لفلول النظام في خربة المعزة بريف طرطوس، حيث خرجت احتجاجات لأبناء الطائفة العلوية بعد شائعات عن تعرض رموز دينية ومقامات لاعتداءات من قبل مسلحين.