السياحة... حجر الأساس لمستقبل اقتصاد أوزبكستان
تعد أوزبكستان، بما تمتلكه من ثروة ثقافية وطبيعية فريدة، واحدة من الدول التي تبرز بقوة في قطاع السياحة العالمي. وقد أولت الحكومة الأوزبكية اهتماماً كبيراً للسياحة باعتبارها ركيزة أساسية لاستراتيجيتها الاقتصادية، حيث تسعى لاستثمار تراثها الغني وتنفيذ خطة شاملة لتحويل هذا القطاع إلى محرك رئيسي للنمو الاقتصادي.
وأصدرت أوزبكستان منذ عام 2017 أكثر من 30 قانوناً وقراراً لدعم السياحة في مبادرات تركز على تطوير البنية التحتية، وتسهيل إجراءات التأشيرات، وجذب الاستثمارات الأجنبية. كما تشدد استراتيجية «أوزبكستان 2030» على أهمية زيادة تدفق السياح الدوليين، وتحسين تجربتهم السياحية، وزيادة إنفاقهم. ولتحقيق هذه الأهداف، تعمل الحكومة على إنشاء مرافق إقامة حديثة، وتوسيع المنتجات السياحية، وتبسيط إجراءات التأشيرات.
وتضم أوزبكستان حالياً أكثر من 5.250 منشأة إقامة، تشمل الفنادق والنزل والمنازل العائلية بطاقة استيعابية تناهز 155 ألف سرير. كما حددت الحكومة 135 مجتمعاً محلياً في 28 منطقة كمناطق ذات إمكانات سياحية عالية، حيث يتم تنفيذ خطط لتطويرها من خلال توفير الموارد المالية وتحسين البنية التحتية وتقديم مزايا ضريبية.
وتسعى أوزبكستان إلى تعزيز السياحة على مدار العام من خلال مبادرات تشمل السياحة الشتوية والمغامرات. وقد تم إنشاء في هذا الصدد مناطق ترفيهية سياحية مثل «تشرباك» و«زومين»، مع مشاريع قيد التطوير في مناطق أخرى مثل «شهرسبز» و«مايدانك»، فيما يتم إعداد خطط رئيسية لضمان تجهيز هذه المناطق ببنية تحتية حديثة.
ولتشجيع الاستثمار الأجنبي، تقدم أوزبكستان إعفاءات ضريبية كبيرة للشركات التي تستثمر في القطاع السياحي، إضافة إلى تعويض جزء من تكاليف بناء وتجهيز الفنادق لتحفيز إنشاء مرافق إقامة عالية الجودة.
وتعمل أوزبكستان أيضاً على توسيع شبكات النقل، بما في ذلك زيادة عدد الرحلات الجوية إلى أكثر من 1.100 رحلة سنوياً بمشاركة 40 شركة طيران وطنية ودولية. كما تم توسيع شبكة القطارات عالية السرعة «أفروسياب» لتشمل مدناً رئيسية مثل بخارى وشهرسبز، مع خطط لتمديدها إلى خيوة، فضلاً عن إنشاء طرق سريعة حديثة لربط المدن الرئيسية.
ولخدمة هذه الأهداف أطلقت أوزبكستان تعاوناً مع شركات استشارية دولية مثل «ماكينزي» و«ديلويت» لتحديث قطاع السياحة، من خلال إدخال معايير إدارة وخدمات عالمية ووضع استراتيجيات لرفع مكانتها الدولية كوجهة سياحية منافسة.
وأدركت أوزبكستان أهمية الكوادر المؤهلة في قطاع السياحة، ولذلك أنشأت جامعة طريق الحرير الدولية للسياحة والتراث الثقافي، إلى جانب 10 مدارس تقنية مهنية تتعاون كلها مع أكثر من 80 مؤسسة تعليمية دولية لتقديم تدريب متقدم في إدارة السياحة والخدمات.
وتتيح ثروات أوزبكستان الطبيعية والتراثية تطوير قطاعات سياحية متنوعة، منها السياحة البيئية والزراعية، حيث تجذب جبال تيان شان والصحاري والواحات عشاق الطبيعة، والسياحة العلاجية، إذ توفر مناطق مثل طشقند وفيرغانة علاجات صحية ومنتجعات علاجية.
كما تركز أوزبكستان على السياحة الغذائية وتقدم تجارب طهي مميزة تشمل مهرجانات ثقافية ووصفات تقليدية والسياحة الدينية، لاسيما أنها تضم أكثر من 1.200 مزار ديني يعكس تأثيرات البوذية والمسيحية والإسلام، إضافة إلى سياحة الأعمال، حيث تتحول مدن كطشقند وسمرقند إلى مراكز للمؤتمرات والمعارض الدولية.
وتشهد صناعة السياحة في أوزبكستان نمواً مستمراً، فقد استقبلت في عام 2023 نحو 6.7 ملايين سائح دولي، مقارنة بـ 5.2 ملايين في 2022. وبحلول أغسطس 2024، تجاوزت إيرادات قطاع السياحة في أوزبكستان ملياري دولار، بينما ارتفع متوسط مدة إقامة السياح إلى 7 - 8 أيام، مما يعكس تحسناً في مستوى التجربة السياحية.
وقد حازت أوزبكستان اعترافاً دولياً باستراتيجيتها السياحية، حيث حصلت على جوائز مثل «أفضل وجهة سياحية لعام 2024» من Lonely Planet و«الوجهة الناشئة الأكثر رغبة لعام 2024» من Wanderlust Reader Travel Awards.
ومع استمرار الدعم الحكومي والشراكات الدولية، تمتلك أوزبكستان جميع المقومات لتصبح واحدة من أبرز الوجهات السياحية العالمية، مما يدعم النمو الاقتصادي المستدام ويعزز التبادل الثقافي.