شابانا محمود ابنة مهاجرين باكستانيين مسلمين في بريطانيا، قضت طفولتها في السعودية ثم في بريطانيا، رشحت نفسها في البرلمان ونجحت، وتقلدت مناصب عديدة، آخرها هو تعيينها وزيرة للعدل، حيث أقسمت القسم الدستورية على القرآن الكريم، وتلت فيها الآية «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ».

المتأمل في قصة شابانا يجد فيها دلالات مهمة منها:

Ad

1. أن الأنظمة الديموقراطية العلمانية تختلف عن بعضها البعض، فلو كانت شابانا في فرنسا لما سُمح لها أن تقسم على القرآن الكريم ولا أن تتلوَ بعض آياته، لأن فرنسا منعت إظهار المشاعر والرموز الدينية في المؤسسات الرسمية، وفي الهند العلمانية يظلم رئيس الوزراء مودي 200 مليون مسلم ويحرمهم من الجنسية ومن حقوق أساسية باسم الديموقراطية أيضاً.

2. في معظم الدول الديموقراطية يستطيع المتجنس الوصول إلى معظم المناصب البرلمانية والوزارية مثل شابانا وهنري كيسنجر وغيرهما الكثير، وابن المتجنس يستطيع الوصول إلى منصب رئيس الجمهورية، مثل كامالا هاريس وأوباما، رغم أن والده غير أميركي، ولكنه ولد في أميركا لأم أميركية. وهذا يخالف الشحن والتحريض الذي يجري بيننا على أبناء المتجنسين ومحاولة حرمانهم من الجنسية الأصلية، مع أن الإسلام والدستور كفلا العدالة، وأنهم ولدوا لأب كويتي ولم يحملوا جنسية بلد آخر ولم يخالفوا القانون، ونصت المذكرة التفسيرية على صحة استحقاقهم لها.

3. معظم الدول الديموقراطية لا تنص دساتيرها على أن يكون التشريع من دين معيّن، ما عدا دساتير معظم الدول الإسلامية التي تنص على أن تكون الشريعة الإسلامية مصدراً رئيسياً أو مصدراً من مصادر التشريع، مع نصها على الديموقراطية، مثل دستور الكويت ومصر وغيرهما، ففي الكويت نص الدستور في المادة السادسة على أن نظام الحكم ديموقراطي، والسيادة فيه للأمة، إلا أنه نص في نفس المادة على أن تكون ممارسة السيادة على الوجه المبين في هذا الدستور، أي تكون ممارسة السيادة وفق ما جاء في جميع مواده المتعلقة بسلطات صاحب السمو الأمير وسلطات مجلس الأمة وسلطات القضاء، وكذلك وفق المادة الثانية ومذكرتها التفسيرية التي تنص على: «نص المادة الثانية من الدستور وقد قرر أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع إنما يحمّل المشرع أمانة الأخذ بأحكام الشريعة الإسلامية ما وسعه ذلك ويدعوه إلى هذا النهج دعوة صريحة واضحة، ومن ثم لا يمنع النص المذكور من الأخذ عاجلاً أو آجلاً بالأحكام الشرعية كاملة، وفي كل الأمور إذا رأى المشرع ذلك».

إذاً الديموقراطية تمارَس وتفسَّر بشكل مختلف من دولة إلى أخرى حسب دستورها وقوانينها، وفي الكويت تم بناءً على المادة الثانية إصدار الكثير من القوانين الشرعية مثل الميراث والأحوال الشخصية و«المدني» وهيئة القصّر والزكاة والأوقاف، وغيرها بفضل الله.