المفروض بعد أن تحرَّرنا من مجلس الأمة، ومن القيود والشروط التي كانت تفرضها المجاميع المتخلفة فيه على الحكومة، المفروض بعد أن أصبحت الحكومة حُرة في الشأن العام، المفروض أن تبدأ خطوات التنمية والنهضة والعودة بالكويت إلى سابق عهدها المتنور والمنفتح. لكن مع الأسف، أثبتت الحكومة أن العيب الأساسي فيها، وليس في المجلس، وأن مَنْ يجرنا إلى الوراء هي العقلية الحكومية البدائية، لا متخلفو المجلس، كما كنا نظن.
التعديلات الأخيرة على قانون الجنسية أثبتت ذلك، فإضافة إلى مواصلة التمييز والتفرقة غير الدستورية وغير الحضارية بين المواطنين، فإن التعديلات الأخيرة تضمَّنت توجهاً نحو المزيد من التضييق على الحُريات، وإمعاناً قوياً في الاستسلام للتيارات الدينية، والانجراف خلف طروحاتها الرجعية والمتخلفة.
التعديل الأخير على المادة 13 من قانون الجنسية تضمَّن أنه تُسحب الجنسية لمن مُنحت له إذا «حُكم عليه بحُكم بات في جريمة المساس بالذات الإلهية أو الأنبياء أو الذات الأميرية».
طيب أميرنا، ولا يسعنا إلا أن نشد على من يحمي ويصون ذاته من التجريح والتهوين، لكن الذات الإلهية نعتقد أن هناك بعض المبالغة... لكن ربما نحن المخطئون، فالذات الإلهية محل تقديس عند الكثيرين إن لم يكن عند كل الكويتيين، لكن ما علاقتنا بأنبياء بني إسرائيل؟! التعديل يتضمن المساس بـ «الأنبياء» وأبناء إسرائيل من إسحاق إلى يعقوب... مروراً بيوسف وموسى وانتهاء بزكريا ويحيى وعيسى عليه السلام كلهم أنبياء. حتى نتنياهو هناك احتمال أن تصون ذاته المادة 13 من قانون الجنسية، لأنه قد يكون من سلالة إسحاق. لماذا نُعرِّض المواطن الكويتي إلى فقد هويته حرصاً على صون ذوات أنبياء بني إسرائيل؟
لقد تحرَّرنا منذ أكثر من ستين عاماً من الوصاية البريطانية، لكن للأسف، منذ حل مجلس 1976 وحتى الآن لا نزال نرزح تحت وصاية وهيمنة وحُكم الإخوان المسلمين. فإلى متى تبقى الحكومة هنا أسيرة للدروشة والتدين، ورهينة لطروحات وأحداث مضى عليها 1400 عام، كما قال «الجولاني»، الذي تحرر منها، لكن لا تزال تخضع لها حكومة دولة الكويت؟