الطعون الانتخابية في مرمى «الدستورية»
• المحكمة ستعيد المجلس السابق في حال قبولها طعون بطلان مرسوم الحل
• معروض عليها بطلان الانتخابات لعدم دستورية مراسيم «المدنية والمناطق»
في 26 و28 الجاري ستكون المحكمة الدستورية على موعد لاستكمال نظر الطعون الانتخابية المقامة على نتائج انتخابات مجلس الأمة، التي أجريت في 29 من سبتمبر الماضي، بعد أن مكنت المحكمة الطاعنين والمرشحين من الاطلاع على محاضر الفرز والتجميع الواردة إليها من إدارة الانتخابات التابعة لوزارة الداخلية.
وبحسب الاطلاع على الأوراق من الطاعنين ووكلائهم أمام «الدستورية» فإن جميع النتائج الانتخابية المعلنة لم تتغير من حيث مراكز الفائزين العشرة، وكل ما تمت الاشارة اليه من بعض المرشحين ممن فقدوا عضويتهم أو لم يُكتب لهم النجاح هو مجرد تكهنات كشفت المحاضر المعلنة من إدارة الانتخابات عن عدم دقتها، بل أثبتت دقة النتائج المعلنة من اللجان القضائية المشرفة على سلامة العملية الانتخابية.
لا تفاوت
ورغم تطابق النتائج المعلنة من قبل اللجان الانتخابية مع المحاضر المرسلة من وزارة الداخلية التي تكشف عن عدم وجود تفاوت في مراكز الفائزين العشرة، فإن هناك أرقاما بسيطة كشفت المحاضر عن حصول بعض المرشحين عليها، وإن كانت لا تؤثر على مراكز الفائزين.
وكشفت المشاهدة العملية للمحاضر المرسلة الى «الدستورية» عن وجود العديد من الملاحظات عليها تُظهر عدم التزام بعض رؤساء اللجان المشرفة على العملية الانتخابية، وعدم وجود تواقيع على بعض المحاضر او وجود كشط وتعديل على البعض منها، مع وجود تطابق تام بين عدد المقترعين وبين من يحق لهم التصويت في العملية الانتخابية، وعدم اظهار الاوراق الباطلة في بعض المحاضر، وهي ملاحظات وان كانت لا تبطل العملية الا أنها تثير أمر الالتزام بضوابط الاشراف عليها بما يعكس الاطمئنان في نفوس المشاركين فيها من الناخبين والمرشحين.
إذا رأت «الدستورية» عدم توافر حالة الضرورة بمراسيم تعديل قانون الانتخاب وقانون الدوائر فستقضي بعدم دستوريتها وبطلان العملية
وبعيدا عن تلك الملاحظات التي شابت بعض المحاضر فإن الطاعنين على سلامة الانتخابات ووكلاءهم سيسعون في الجلسات المقبلة الى المطالبة باعادة فرز الاصوات وفتح الصناديق ومطابقة الاعداد الموجودة، وهي مسائل لم يكتب لـ «الدستورية» القيام بها، رغم انها محكمة طعون انتخابية تملك القيام بذلك، وكانت السوابق القضائية لـ «الدستورية» اقتصرت على بطلان العملية الانتخابية برمتها لما شابها من عيوب اجرائية او بطلان النتيجة الحاصل عليها احد الفائزين واعلان الفائز فيها بعد اتمام عملية الجمع من قبل «الدستورية» او من خلال اعادة الانتخاب بين الطاعنين وبين اصحاب المراكز الفائزة وفق أسباب يوردها الطاعن لها اهمتيها.
ومن هذه الأسباب تقديم الطاعن كشفا يتضمن تصويت عدد من فاقدي «الاهلية» او الصادر بحقهم احكام مخلة بالشرف والامانة ولا يحق لهم التصويت، او بوجود عسكريين، ويكون مجموع عدد الممنوعين من التصويت يمثل الفارق بين الطاعنين وبين اصحاب المراكز الفائزة، فعندئذ تتم اعادة الانتخاب بينهم خاصة اذا كان عدد المحرومين من الانتخابات ثبت تصويتهم ومشاركتهم في العملية الانتخابية.
إعمال الاختصاص
وهو ما يوجب على «الدستورية»، إعمالا لاختصاصها وصلاحيتها وسوابقها، النظر في طلب اعادة الانتخاب بين الطاعنين فقط وبين اصحاب المراكز الفائزة ليجرى الانتخاب فيما بينهم.
وسبق للمحكمة أن قررت اعادة الانتخاب بين العديد من النواب الفائزين والطاعنين، نظرا لثبوت تصويت عسكريين أو متوفين او من هم خارج البلاد، وكان الفارق بين الطاعن والفائز يمثل عدد الاصوات التي شارك بها المتوفى او العسكري او المسافر يوم الانتخاب.
المحاضر كشفت حصول بعض المرشحين على أرقام بسيطة لا تؤثر على المراكز الفائزة
ولذلك فان «الدستورية» سيكون امامها فرصة النظر في صحة الطعون المقامة امامها عن وجود تصويت ومشاركة بعض العسكريين في الانتخابات الماضية، وذلك من خلال الاطلاع على كشوف تحضير الناخبين ومطابقتها مع اسماء المسموح لهم بالتصويت، وفي حال ثبوت مشاركة عدد من العسكريين في العملية الانتخابية، وهم محرومون وفقا لاحكام قانون الانتخاب، فانه يتعين على «الدستورية» اعادة الانتخاب بين الطاعنين واصحاب المراكز الفائزة طالما كان الفرق بين ما حصل عليه الطاعن واصحاب المراكز الفائزة يمثل عدد أصوات المحرومين من المشاركة في التصويت.
أما الطعون الانتخابية المقامة على عدم سلامة العملية الانتخابية من الناحية الاجرائية فلم يُفصل فيها حتى الآن، والتي اقام عدد من الطاعنين فيها طلبات ببطلان الانتخابات لعدم سلامة مرسوم حل مجلس الامة.
طعون مشابهة
وعن طلب بطلان العملية الانتخابية لعدم سلامتها لمخالفة القانون الذي أجريت عليه لاحكام الدستور وتحديدا المادة 71 من الدستور، فقد سبق لـ «الدستورية» أن تصدت سابقا لطعون مشابهة لطلب بطلان مرسوم حل المجلس فقضت في يونيو 2012 ببطلان مرسوم الحل وبطلان مرسوم الدعوة للانتخابات وبطلان الانتخابات التي اجريت، وذلك لأن الحكومة التي رفعت مرسوم حل المجلس ذايلتها صفة الحكومة الدستورية بسبب ان اعضاءها مستقيلون وكلف الشيخ جابر المبارك رئيسا لها، ولذلك فهي حكومة ذايلتها الصفة الدستورية وفق حكم المادة 107 من الدستور.
وبعد البطلان السابق لمرسوم الحل من «الدستورية» عُرِض على الاخيرة طعون بطلب بطلان العملية الانتخابية لعدم سلامة مرسوم حل المجلس لعدم أداء اعضاء الحكومة اليمين امام البرلمان، وردت «الدستورية» على هذا السبب بأنه ليس سببا لصحة الحكومة بعدم أدائها لليمين امام المجلس، وانما لاداء اعمالها امام المجلس وعضوية الوزراء فيه لأنهم اعضاء فيه بحكم مناصبهم ويجب اداؤهم اليمين أمام المجلس.
في حال ثبوت مشاركة عسكريين في الانتخابات وهم محرومون بحكم القانون يتعين على المحكمة إعادة الانتخاب بين الطاعنين وأصحاب المراكز الفائزة
ولذلك فإن الطعن ببطلان مرسوم الحل لعدم اداء الحكومة لليمين امام مجلس الامة الذي تم حله قد لا يؤدي الى بطلان المجلس وعودة المنحل ليكمل باقي مدته الدستورية، كما ان المحكمة سبق لها عند التصدي لبطلان مرسوم حل المجلس في حكمها الصادر يونيو 2012 في البطلان؛ الاول اكدت انها لا تراقب مضمون مراسيم الحل، وإنما التأكد أن الحل راعى الاجراءات التي نصت عليها احكام الدستور في حكم المادة 107 منه، ومنها ان يكون الحل صادرا عن حكومة سليمة والا يكون الحل لذات السبب للمرة الثانية، وهي ضمانات اشارت «الدستورية» الى انها تخضعها لمراقبتها دون مضمون الاسباب التي بني عليها مرسوم الحل عدا ان رقابتها على مضمون الاسباب بألا تكون ذات الاسباب التي تم حل المجلس السابق بسببها يكون أمرا نصت عنه المادة 107 من الدستور.
حالة الضرورة
بينما الأسباب الاخيرة المبنية على طلب بطلان المجلس لعدم دستورية القانون رقم 5 أو 6 لسنة 2012 بشأن تعديل قانون الانتخاب لكي يكون طعن الناخبين على البطاقة المدنية او بشأن الدوائر الانتخابية، فان «الدستورية» ستراقب مدى توافر حالة الضرورة بتلك المراسيم من عدمها، ولا يغير الحال إقرار مجلس الامة في جلساته السابقة لأمر تلك المراسيم، ولا يحصنها من البطلان؛ لأنها ولدت بالمخالفة لاحكام الدستور حال توصلت «الدستورية» في حكمها الى عدم دستوريتها ولمخالفتها للضوابط التي رسمتها المادة 71 من الدستور.
ويأتي في مقدمة ذلك أن يكون هناك حدث طرأ بعد غياب المجلس استدعى تدخل السلطة التنفيذية ممثلة بسمو الامير والحكومة باصدار مراسيم لها قوة القانون، وهي مراسيم الضرورة وهو ما حدث مع قانون الانتخاب بتعديل عدد من احكامه على سند ما طرأ بعد حل المجلس من وجود تقرير يفيد بعبث نال من عناوين الموطن الانتخابي للناخبين استدعى التعديل، لأن يكون العنوان الخاص بالناخب وفق البطاقة المدنية.
تطابق نتائج اللجان الانتخابية ومحاضر «الداخلية» يشير إلى عدم اختلاف مراكز الفائزين
كما أن حدثا طرأ بعد غياب مجلس الامة استدعى تعديل قانون الدوائر الانتخابية بما ادى الى اضافة مناطق جديدة لم تكن موجودة سابقا في قانون الدوائر، وهو ما ادى الى حرمان الناخبين من المشاركة والتصويت.
قوانين ما قبل التعديل
وفي حال رأت «الدستورية» عدم توافر حالة الضرورة بمراسيم تعديل قانون الانتخاب وقانون الدوائر الانتخابية فإنها ستقضي بعدم دستوريتها، وببطلان العملية الانتخابية التي اجريت، وبضرورة اجراء الانتخابات المعنية وفق القوانين السابقة قبل تعديلها وهي إجراؤها وفق قانون الانتخاب حسب الجداول السابقة وإلغاء الجداول الحديثة المعدلة وفق البطاقة المدنية، وكذلك الغاء اضافة المناطق، او أن تقضي «الدستورية» بإبقاء تعديل البطاقة المدنية لسلامته وتوافر حالة الضرورة، وتلغي قانون الدوائر باضافة المناطق لعدم توافر حالة الضرورة، وهو ايضا ما يؤدي الى بطلان العملية الانتخابية، أو ان تقضي اخيرا «الدستورية» برفض الطعون وتؤكد سلامة المراسيم بقوانين وتؤكد توافر حالة الضرورة التي اجريت على قانون الانتخاب وقانون الدوائر الانتخابية، وهو ما يؤدي إلى استمرار المجلس الحالي ورفض الطعون المقامة على سلامة استمراره.