لبنان: هوكشتاين لتثبيت «الاتفاق» وإنضاج الرئاسة
قائد الجيش في السعودية... وإسرائيل ماضية بخرق الهدنة
مساران متوازيان يستدعيان عودة أميركية للاهتمام المكثف بالملف اللبناني، أولهما اهتزاز اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب، والآخر الانتخابات الرئاسية، وكلاهما قد يأتيان بالمبعوث الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت مجدداً لبحث كيفية تثبيت الاتفاق، وإنجاز الاستحقاق الرئاسي.
غير أن إسرائيل ماضية في خرقها للاتفاق، فهي إلى جانب تكثيف عملياتها العسكرية في الجنوب وعمليات التفخيخ والتفجير، والدخول إلى أنفاق بحثاً عن أسلحة ومصادرتها، قد وسّعت ضرباتها وصولاً إلى البقاع، وهي المرة الأولى التي تستهدف فيها تلك المنطقة، التي تعتبر خارج نطاق عمل القرار 1701، وبذلك تريد تأكيد أنها معنية بإنهاء قدرات حزب الله العسكرية في شمال الليطاني.
يهتز الاتفاق ولا يقع، إذ تريد إسرائيل تكريس يدها العليا في تطبيقه، وهي ستواصل العمليات العسكرية، وسط توجيهها اتهامات لحزب الله بأن عدم التزامه بالاتفاق وعدم انسحابه سريعاً يدفعانها إلى مواصلة العمليات وتأجيل الانسحاب إلى ما بعد مهلة الستين يوماً، وهو ما سيضع أمام الحزب تحديات كبيرة، وسط مخاوف من احتمال تنفيذ ردود عسكرية تستدعي تصعيداً إسرائيلياً كبيراً، أو لجوء إسرائيل إلى تنفيذ ضربات واسعة في كل لبنان قبل انسحابها الكامل من الجنوب.
في السياق، تتسارع وتيرة الاجتماعات مع لجنة مراقبة تطبيق الاتفاق، التي رفع إليها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اعتراضاً على مواصلة الإسرائيليين الخروقات، من دون تقديم أي جواب شافٍ حتى الآن، لذا ينتظر لبنان زيارة المبعوث الأميركي، الذي كان قد أبلغ بعض المسؤولين بأنه سيزور لبنان «ما بين العيدين»، لممارسة المزيد من الضغوط في سبيل ضمان وقف إطلاق النار وتسريع تطبيق الاتفاق، إضافة إلى إنضاج التسوية الرئاسية، وسط انطباع بأن هوكشتاين وغيره من الأميركيين يؤيدون ترشيح قائد الجيش جوزيف عون. وستشهد الأيام المقبلة حراكاً رئاسياً مختلفاً بين القوى لأجل تقريب وجهات النظر.
تقدّم أسهم قائد الجيش رئاسياً، يشهد نقلة نوعية بزيارة يجريها إلى السعودية للقاء رئيس أركان الجيش السعودي، وربما وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان ومسؤولين آخرين.
هذه الزيارة ستعطي انطباعاً واضحاً حول حجم الدعم الذي يحظى به قائد الجيش، أولاً على مستوى دعم المؤسسة العسكرية كطرف أساسي ومعني بتطبيق اتفاق وقف النار والقرار 1701، وثانياً في مسألة ضبط الحدود بشكل كامل مع سورية. لكن الزيارة تحمل في طياتها مؤشرات رئاسية خصوصاً من حيث التوقيت، مما سيعطي دفعاً كبيراً لقائد الجيش، من دون إغفال مراقبة ردة فعل القوى الداخلية، لا سيما الثنائي الشيعي، الذي لا يزال حتى الآن يعارض انتخاب قائد الجيش، ولكن بعد الزيارة قد يتم فتح بازار تفاوضي جدّي حول اعتماد هذا الخيار، إذا ما رُبط بمسار إعادة الإعمار.