من صيد الخاطر: طرفة فلسفية
خرج فيلسوف وصديقه المهندس إلى غابة في رحلة ترفيهية، وبعد أن اختارا لهما بقعة مناسبة وجميلة، نصبا خيمتهما ثم تناولا عشاءهما، وبعد ذلك أخذا يتسامران في الهواء الطلق، إلى أن بدأ النوم يداعب جفونهما، فذهب كلٌّ إلى مخدعه، ليأخذا قسطاً من الراحة، وليغرقا في نوم عميق.
فجأة، أيقظ المهندس صديقه الفيلسوف، وسأله:
انظر إلى الأعلى، وقل لي ماذا ترى؟
فتح الفيلسوف عينيه وقال، وهو بين اليقظة والنوم: أرى ملايين النجوم.
فسأله: وماذا تكتشف من هذا؟
فكّر الفيلسوف ملياً، ثم رد قائلاً: لو نظرنا إلى السماء من وجهة نظري الفلسفية البحتة، فإن رؤيتي لملايين النجوم والكواكب لهيَ دلالة على وجود مجرات تستوعبها، وإن رؤيتي لبرج العقرب وهو واقع في منتصف المسافة من «زحل»، لهي دلالة على حظ سعيد لمواليد برج الأسد، أما بالنسبة للوقت الآن فإنني أتوقعه أن يكون قبيل الثالثة صباحاً بدقائق، أما توقعاتي للطقس فأظن أن السماء ستبقى صحواً وسنتمتع بنهار جميلٍ.
وختم فلسفته قائلاً: إن هذا المشهد المتكامل دلالة على قدرة الله في خلقه، وكم نحن ضعفاء وتافهون بالنسبة لهذا الكون العظيم... لكن، قل لي أنت أيها المهندس العبقري: علامَ يدلك هذا المنظر الأخاذ؟
رد عليه صديقه المهندس بانزعاج: من وجهة نظر هندسية بحتة، فإنني أخشى أن يكون هناك من سرق خيمتنا، وتركنا نتناظر في هذا العراء.
قصة طريفة جداً، وتبين تعقيد العقل البشري، وكيف يتم تقييم وفهم ما حولنا اعتماداً على طريقة تفكيرنا وعلى خلفيات معارفنا.