زواج الأقارب وضرورة فرض الفحوصات الجينية قبل الزواج

نشر في 30-12-2024
آخر تحديث 29-12-2024 | 18:43
 د. حمد محمد علي ياسين

أعلنت وزارة الصحة ووقاية المجتمع في دولة الإمارات بدء التطبيق الإلزامي للاختبار الجيني ضمن برنامج الفحوصات ما قبل الزواج لجميع المواطنين المقبلين على الزواج، اعتبارًا من يناير 2025، ويمثل هذا القرار استثمارًا في مستقبل الصحة العامة للدولة، ويعكس التزامًا واضحًا بتعزيز جودة الحياة والحد من التحديات الصحية الناتجة عن الأمراض الوراثية.

تتميز دول مجلس التعاون الخليجي بنسيج اجتماعي يرتفع فيه معدل زواج الأقارب، حيث تصل نسبته إلى نحو 40% من مجموع زيجات المواطنين، وتكرار هذه الزيجات عبر الأجيال داخل القبيلة أو العائلة الواحدة أدى إلى انتشار بعض المتغيرات الجينية المسببة للأمراض المتنحية، والتي تتطلب أن يرث الشخص نسختين متحورتين من الجين ليصاب بالمرض، زواج الأقارب يزيد احتمال وجود هذه الطفرات المشتركة بين الزوجين، مما يرفع خطر ولادة أطفال يعانون هذه الأمراض.

الأمراض الوراثية المتنحية تشمل مجموعة واسعة من الأمراض والصحية بعضها خطيرة وقد تؤدي إلى إعاقات وتشوهات خلقية تؤثر بشكل كبير على نوعية حياة الأفراد وأسرهم، وتفرض تحديات اقتصادية واجتماعية على المجتمع، وتطبيق الفحوصات الجينية الشاملة قبل الزواج يعد خطوة مهمة لتقليل انتشار الأمراض الوراثية، حيث يتمكن الأفراد المقبلون على الزواج من التعرف على المخاطر الجينية المحتملة واتخاذ قرارات مستنيرة حول مستقبلهم الأسري، وهذه الخطوة لا تحمي الأفراد والأسر من معاناة طويلة الأمد فقط، بل تسهم في بناء مجتمع صحي أكثر استدامة.

تؤدي مشاريع الجينوم الوطنية دورًا محوريًا في تعزيز فعالية برامج الوقاية الصحية، حيث تسهم في فهم المتغيرات الجينية المسببة للأمراض داخل المجتمعات المختلفة، وهذه المشاريع تقدم بيانات دقيقة حول الخريطة الجينية للسكان، مما يمكن الجهات الصحية من تطوير استراتيجيات مخصصة للكشف المبكر عن الأمراض الوراثية والوقاية منها، ففي الإمارات، أدى مشروع الجينوم الإماراتي دوراً كبيراً في تطوير الفحوصات الجينية للمقبلين على الزواج مما سيحقق نقلة نوعية على مستوى الصحة العامة وكذلك الأمر في قطر. ولكن قبل تطبيق الفحوصات الجينية الإلزامية، تبرز الحاجة إلى حملة توعية شاملة تستهدف تثقيف المجتمع حول مخاطر الأمراض الوراثية ودور زواج الأقارب في زيادتها، يجب أن تشمل هذه الحملة تسليط الضوء على أهمية الفحوصات الجينية كإجراء وقائي لحماية صحة الأجيال القادمة، مع التأكيد على ضرورة تغيير المفاهيم التقليدية المتعلقة بزواج الأقارب.

قرار الإمارات بتطبيق الفحوصات الجينية قبل الزواج يعكس رؤية استراتيجية تهدف إلى حماية الأفراد والمجتمع من التحديات الصحية المستقبلية، ويمثل هذا القرار نموذجًا رائدًا يمكن أن تستفيد منه دول المنطقة.

رسالة:

مركز الكويت للأمراض الوراثية في منطقة الصباح الصحية زاخر بالكفاءات الوطنية المتخصصة والقادرة على تطبيق برامج الفحوصات الجينية للمقبلين على الزواج متى تم إقرارها.

back to top