أوكرانيا لملء الفراغ الروسي في سورية ولافروف يبرر سقوط الأسد
المؤتمر الوطني يحضّر لدعوة 1200 من الداخل والخارج ويمهد لتشكيل هيئة استشارية لـ«الرئيس المؤقت»
في خطوة تظهر وجهة التغيير المحتمل لدفة الأمور بسورية ما بعد سقوط نظام «حزب البعث» الذي تحالف على مدار أكثر من نصف قرن مع روسيا، حصل قائد الإدارة الجديدة في دمشق أحمد الشرع، أمس، على دعم لافت من وزير الخارجية الأوكراني آندريه سيبيغا الذي أجرى زيارة مهمة للعاصمة السورية، أمس، حيث أكد استعداد كييف لتقديم المزيد من المساعدات وملء أي فراغ قد تتركه موسكو إضافة إلى مطالبته بإخراج القوات الروسية من اللاذقية وطرطوس.
وأوردت وكالة الأنباء السورية «سانا» أن الشرع عقد اجتماعاً مع سيبيغا والوفد المرافق له، أمس.
وعقد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مؤتمراً صحافياً مع سيبيغا شدد خلاله على أن بلده تسعى لإقامة «شراكة استراتيجية» مع أوكرانيا على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
من جانبه، قال سيبيغا، إن كييف سترسل مزيداً من شحنات المساعدات الغذائية إلى دمشق، إضافة إلى وصول 20 شحنة من الدقيق إلى دمشق، التي كانت تعتمد خلال حقبة الرئيس المخلوع بشار الأسد على موسكو لإمدادها باحتياجاتها منه.
المؤتمر الوطني للقوى السورية سيُعقد في الرابع والخامس من يناير المقبل وسيشهد إعلان حل مجلس الشعب وجميع الفصائل المسلحة
وبعد يوم من حديث الشرع عن عدم رغبته في وجود قطيعة مع روسيا وإيران رغم كونهما أبرز حليفين للنظام السابق، حضّ سيبيغا من دمشق على «إنهاء» الوجود الروسي في سورية. وقال سيبيغا: «نحن مقتنعون أنه من منظور استراتيجي، فإن إنهاء الوجود الروسي في اللاذقية وطرطوس سوف يسهم بمزيد من الاستقرار ليس فقط للدولة السورية الجديدة، لكن أيضاً في الشرق الأوسط وإفريقيا».
وأضاف: «خلال السنوات السابقة، عانى شعبانا كثيراً من النظامين الإجراميين الروسي والإيراني»، آملاً «في أن تكون سورية الجديدة دولة تحترم القانون الدولي، وبالتالي وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها».
ورأى أن مطالبة بلده للسلطات الجديدة بالعدول عن الاعتراف السابق بضم موسكو لشبه جزيرة القرم «سيفتح الطريق أمام استئناف العلاقات الدبلوماسية والحوار السياسي وعمل البعثات الدبلوماسية» بين البلدين.
وفد ودعم
ومع توالي وصول الوفود العربية والغربية إلى العاصمة السورية لبحث المساعدة في إرساء مرحلة انتقالية جامعة لإعادة الاستقرار إلى البلد المنهك جراء الحرب الأهلية، التقى وزير الخارجيّة أسعد الشيباني، وفداً حكوميّاً برئاسة نائب وزير الخارجيّة الأذربيجانيّة يارجين رفيعيف، حيث شدد الأخير على «أهميّة تنمية العلاقات بين البلدين، وإعادة افتتاح السّفارة بعد 12 عاماً من الانقطاع».
وجاء ذلك بالتزامن مع وصول طائرة مساعدات قطرية إلى مطار دمشق الدولي، في حين أكد وفد تركي زار دمشق استعداد أنقرة للمساعدة في تأمين الطاقة الكهربائية بأسرع وقت ممكن للتغلب على أزمة الانقطاعات الطويلة والمتواصلة التي تشهدها أغلب المناطق السورية، أعيد فتح معبر كسب الحدودي بين تركيا وسورية، الذي كان مغلقاً منذ 11 عاماً، مما أثار آمالاً كبيرة بين السوريين، الذين نزحوا إلى تركيا في العودة إلى بلادهم لإعادة الإعمار ولمّ شمل العائلات.
مؤتمر وجدل
إلى ذلك، أفادت أوساط مطلعة بأن «المؤتمر الوطني للقوى السورية، سيُعقد في الرابع والخامس من يناير المقبل»، وقالت إنه سيشهد «إعلان حل مجلس الشعب وجميع الفصائل المسلحة، ومن بينها هيئة تحرير الشام» التي يقودها الشرع والتي قادت تحالف الفصائل المسلحة التي أطاحت بنظام الأسد مطلع ديسمبر الجاري. وأوضحت المصادر أنه «من المقرر دعوة 1200 شخصية سورية من الداخل والخارج على مستوى الأفراد وليس الكيانات، بجانب ما بين 70 إلى 100 شخص من كل محافظة، من كل الشرائح».
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن المؤتمر «سينبثق عنه تشكيل لجنة لصياغة الدستور الجديد، بجانب أفكار لتشكيل حكومة جديدة خلال شهر من المؤتمر»، فيما أكدت الإدارة الجديدة أنها تجري مفاوضات مع قوات سورية الديمقراطية «قسد» الكردية للمشاركة في المؤتمر. وأضافت أن «من المتوقع تشكيل هيئة استشارية للرئيس المؤقت، من مختلف الأطياف على أساس الكفاءة».
في غضون ذلك، أعلنت الحكومة المؤقتة برئاسة محمد البشير تكليف ميساء صابرين برئاسة البنك المركزي السوري، لتصبح أول امرأة تتولى هذا المنصب الرفيع في البلد، في وقت أوردت تقارير أردنية أن سلطات دمشق قامت بترفيعات في قيادات الجيش المزمع تشكيله شملت مواطناً أردنياً من أصل فلسطيني يدعى عبدالرحمن حسين الخطيب حيث تم ترقيته إلى رتبة عميد من بين 5 آخرين.
وفي حادث منفصل، تداول ناشطون فيديو يظهر عناصر أمن «تحرير الشام»، يمنعون السياسي البارز هيثم المالح من اعتلاء منبر الجامع الأموي في دمشق لإلقاء كلمة ما أثار جدلاً واسعاً.
من جهة أخرى، توسعت المعارك المتواصلة بين فصائل مسلحة مدعومة من تركيا والمقاتلين الأكراد في شمال سورية ووصلت إلى منطقة تل تمر بعد أن أسفرت عن سقوط 31 مقاتلاً من الطرفين منذ الأحد.
تبرير وتنسيق
على صعيد ردود الفعل الدولية بشأن مستجدات سورية، برر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، سقوط الأسد بـ «عجزه عن تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان، وحل المشاكل الاجتماعية وسط الحرب الأهلية الممتدة»، في انتقاد واضح من الحليف المهم للنظام السابق.
وألقى لافروف باللوم على العقوبات الأميركية والغربية التي فرضت ضد نظام الأسد وأدت إلى عدم قدرته على تحسين الأوضاع المعيشية بعد النجاحات التي حققها بمساعدة القوات الجوية الروسية في «مكافحة الإرهاب».
وفي أنقرة، شدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال اتصال هاتفي مع نظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد على أهمية إقامة سورية تعيش فيها المجموعات العرقية والدينية المختلفة، جنباً إلى جنب في سلام، وضمان الوحدة في البلاد مع عدم السماح للمنظمات الكردية الانفصالية بالعمل في سورية أو لإسرائيل بعرقلة العملية الجديدة في دمشق.
وفي طهران، رأى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بعد لقاء مع نظيره العُماني بدر البوسعيدي أن مواقف بلده مشترك مع سلطنة عمان بشأن تشكيل حكومة شاملة في سورية، مؤكداً ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرضي السورية.
في المقابل، هاجم وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الإدارة السورية الجديدة ووصفها بـ «العصابة الإجرامية» لترجيحها إجراء الانتخابات بعد 4 سنوات.
وتزامن ذلك مع توغل قوات الاحتلال داخل مدينة البعث في القنيطرة جنوبي سورية وسط تقارير عن قيام عناصرها بطرد وإخلاء موظفي عدة مبان ومؤسسات حكومية داخل المدينة.