خريطة طريق الحفاظ على الهوية الوطنية
لا شك في أن الهوية الوطنية قد تعرّضت للفساد والعبث والقرصنة والتسلل والانتحال والادعاء، وكل ذلك يتطلب الانطلاق من قاعدة مرجعية لتنقيتها.
وأجد أن مدخل تلك النظرة الاستراتيجية المرجعية خطابات القيادة السياسية لتنقية وتصحيح ما شاب الهوية الوطنية، لإحداث نقلة للحفاظ عليها وترميمها.
ولو رجعنا إلى خطاب سمو الأمير في 10 مايو 2024 لوجدناه مباشراً وصريحاً ومحدداً بأنه يقصد ويعني أنماطاً محددة، وهي كما وردت بالخطاب «كما لا بُد أن أوضّح بشكل لا لبس فيه أو غموض أن الأمن مسألة في غاية الأهمية، وسوف نولي جُلّ اهتمامنا لتحقيق هذه الغاية، فنعيد النظر في قوانين الأمن الاجتماعي أولاً، فمن دخل البلاد على حين غفلة وتدثّر في عباءة جنسيتها بغير حق ومن انتحل نسباً غير نسبه، أو من يحمل ازدواجاً في الجنسية، أو وسوست له نفسه أن يسلك طريق التزوير للحصول عليها، واستفاد من خيرات البلاد دون حق وحرم من يستحقها من أهل الكويت...».
وكما أورد سموه في خطاب سابق في 1 أبريل 2024 ما يلي «لقد ثبت للجميع مدى الضرر الفادح الجسيم الذي لحق بالهوية الوطنية من خلال العبث بالجنسية الكويتية، ونظراً لما تمثله الهوية الوطنية من بقاء ووجود وقضية حكم ومصير بلد، فإن الاعتداء عليها هو اعتداء على كيان الدولة ومقوماتها الأساسية، ولا يمكن السكوت عنه، لهذا فإننا نشيد بكافة الجهود والإجراءات الهادفة إلى الحفاظ على الهوية الوطنية وندعمها».
وفي ضوء هذا التوجه، فقد تمت إجراءات تنقية ملفات الجنسية، ليتم تصحيح ما لحقها من عبث وفوضى بقرارات الفقد والإسقاط والسحب للجنسية الكويتية، وهو نهج قويم نشيد به وندعمه، خصوصاً بالنسبة إلى المزور والمزدوج ومن دخل البلاد على حين غفلة وتدثّر بعباءة جنسيتها بغير حق، ومن انتحل نسباً غير نسبه، ومن غيّر بياناته.
ويصح الأمر كذلك بشأن مراجعة سلامة إجراءات منح الجنسية المكتسبة، والتي يجب أن تصدر بمرسوم في جميع الأحوال، ومنها اكتسابها وفقاً للمادة الثامنة من القانون (بالنسبة لزوجة الكويتي)، ومن ثم يتم سحبها من هؤلاء الزوجات لعدم تحقق مركزهن القانوني لكسبها بسبب تعذّر ولادته قانوناً من دون مرسوم.
وفي رأينا، أن هذا الأمر بالنسبة لزوجات الكويتيين فيه تفاوت وتباين في المركز الفعلي والواقعي لهن، ومن ثم ينبغي عدم التعامل مع جميع حالاته بمسطرة واحدة، للاختلاف بينها بالوقائع والمعطيات الواقعية، وربما القانونية، فلئن كان السحب لعدم صدور قرار المنح بمرسوم صحيح، فإن إعادة النظر بآلية التظلم لإنصاف المستحقة منهن مسألة عادلة، وفيها تحقيق لغاية حفظ الهوية الوطنية بلا ضرر ولا ضرار.
والسبيل المناسب لذلك، وكما جاء في المؤتمر الصحافي للنائب الأول لرئيس الوزراء وزير الداخلية، هو فتح باب التظلم من خلال لجنة خاصة تتولى ذلك، وعليه أرى أن هذا هو السبيل المناسب لمعالجة وضع المستحقات منهن للحفاظ على الأسر القائمة والمستقرة، ومن ثم إمكان تصحيح وضعهن «بمرسوم» لإعادة جنسياتهن الكويتية، أو بأي معالجة بديلة أخرى تحقق الإنصاف والعدالة، (كما ناقشت ذلك مع العديد من الأزواج)، وهذا يتوقف على أن تتحقق جملة من الأمور التي تبرهن على استمرار الزوجية وجديتها أو وجود الأولاد، إضافة إلى التواجد والإقامة المستقرة بالكويت، ووجود تنازل نهائي سابق عن الجنسية الأخرى، وأن يكون إعلان رغبتها صحيحاً وأمضت مدة الحصول على الجنسية وقتذاك، وألّا تكون قد خلعت نفسها من زوجها الكويتي، ولم تتزوج من غير كويتي، وكذلك خلوّ ملفها من التجاوزات القانونية.