سورية تبدأ دمج الفصائل... ولغط يكتنف «المؤتمر الوطني»
الشيباني يقوم بجولة تشمل قطر والإمارات والأردن... وحديث إيراني عن انتقال دمشق إلى الجانب العربي
• معارك «قسد» وفصائل تركيا تحتدم... و«البنتاغون» تنفي إقامة قاعدة أميركية جديدة قرب كوباني
في خطوة تهدف إلى تطبيق تعهّد قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع بحلّ كل الفصائل المسلحة وإعادة بناء مؤسسات الدولة وتوحيدها عقب سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد وانهيار الجيش، بدأت وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة، أمس، عقد جلسات تنظيمية مع قيادات الفصائل العسكرية التي ساهمت في السيطرة على دمشق للبدء بعملية ضم كياناتهم في الوزارة.
وأشارت وكالة الأنباء السورية (سانا) إلى أن الجلسات التي ترأسها وزير الدفاع، مرهف أبوقصرة، ضمّت العشرات من القيادات العسكرية للفصائل، بمن في ذلك ممثل عن قوات سورية الحرة (قسد)، التي يهيمن عليها الأكراد، والمدعومة من الولايات المتحدة، للبدء بعملية انخراط الفصائل.
ووسط حديث عن تمسّك كردي بضرورة الانضمام للجيش كـ «كيان خاص» لإدارة مناطق ذاتية الحكم بشمال البلاد، حذّرت أصوات كردية سورية من ضم الكيانات التي تحارب «قسد» إلى وزارة الدفاع، التي تهيمن عليها هيئة تحرير الشام، وقالت إن العديد من الفصائل السورية ترفض تسليم سلاحها والاندماج بالجيش الجديد قبل كتابة دستور «يضمن حقوق كل الأقليات».
المؤتمر والمساعدات
وجاء ذلك في وقت ثار لغط بشأن التحضيرات الجارية لعقد «المؤتمر الوطني» الرامي لجمع ممثلين عن مكونات الشعب السوري، إذ أفيد بأنه سيُعقد في 20 الجاري، بعد أن ذكرت تقارير سابقة أنه سيعقد بحلول اليوم، بهدف إرساء خطوات كتابة دستور جديد وإجراء انتخابات.
وأبدى أعضاء من جماعات المعارضة السياسية، التي خاضت مواجهة الأسد خلال الحرب الأهلية التي استمرت 13 عاماً، تحفظاتهم بشأن ما قالوا إنه افتقار للشفافية في كيفية إعداد المؤتمر.
وأتى ذلك فيما أكد مروان رزق، أحد مشايخ «الحراك الثوري» في السويداء التي تسكنها الأقلية الدرزية، أن اللامركزية تمثّل الحل الأمثل، وهي لا تعني الانفصال عن دمشق، معتبراً أن العودة إلى المركزية تعني العودة إلى الاستبداد.
من جانب آخر، كشف وزير الخارجية أسعد الشيباني أنه سيجري زيارات رسمية خارجية لكل من قطر والإمارات والأردن، الأسبوع الجاري.
وقال الشيباني عقب زيارته للسعودية، أمس الأول: «نتطلع إلى مساهمة هذه الزيارات بدعم الاستقرار والأمن والانتعاش الاقتصادي وبناء شراكات متميزة».
مطار دمشق يستأنف الرحلات بعد غد... والقاهرة ترسل مساعدات والرياض تُسيّر جسر إغاثة
وزيارة الشيباني بصحبة الوزير أبوقصرة للرياض هي الأولى خارجياً لممثلي الإدارة الجديدة، في وقت تسعى قوى غربية وإقليمية إلى استكشاف هل ستفرض هذه الإدارة حكماً إسلامياً متشدداً، أم ستتبنى حكماً يشمل الجميع.
في السياق، أعلن رئيس الهيئة العامة للطيران المدني السوري، أشهد الصليبي، أن مطار دمشق الدولي سيبدأ تشغيل الرحلات الدولية اعتباراً من بعد غد الثلاثاء، لافتاً إلى أن مطار العاصمة ومطار حلب يتم إعادة تأهيلهما بالمشاركة مع الحلفاء الإقليميين.
وتزامن ذلك مع وصول طائرة مساعدات من الهلال الأحمر المصري إلى دمشق، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ سقوط الأسد، في حين ذكر مركز الملك سلمان للإغاثة، أن المركز السعودي أطلق جسر مساعدات بري إلى سورية عبر الأردن أمس.
جدل المصافحة
إلى ذلك، خرجت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، عن صمتها بعد الجدل الذي أثير حول قضية المصافحة باليد مع مسؤولي الإدارة السورية في دمشق، وعلى رأسهم الشرع، حيث قالت إنه مع وصولها إلى دمشق كان واضحاً أن لقاءها بالمسؤولين الجدد سيخلو من مصافحات اليد المعتادة في مثل هذه اللقاءات الدبلوماسية، مشيرة إلى أنها ونظيرها الفرنسي جان نويل بارو أوضحا للقادة الجدد أن قضية حقوق المرأة تمثّل «مؤشراً على مدى حرية المجتمع».
وجاء تعليق الوزيرة الألمانية بعد الجدل الذي أثاره مقطع فيديو يوثّق لاستقبالها برفقة نظيرها الفرنسي، من قادة دمشق، حيث امتنع مسؤولون في الإدارة الجديدة والشرع عن مصافحتها باليد.
وخرجت تعليقات تنتقد تصرُّف مسؤولي الإدارة الجديدة، وتتهمهم بعدم مراعاة قواعد وبروتوكول المصافحة لدى السياسيين في العالم، واتهمهم البعض بمحاولة جر البلاد لنموذج يشبه أفغانستان التي تحكمها جماعة طالبان.
حذر إيراني
على صعيد آخر، أكد وزير خارجية إيران، عباس عراقجي، وجود «حسن نيّة كامل لتحقيق الاستقرار في سورية»، لكنّه أشار إلى أن التعامل يعتمد على سلوك الطرف الآخر. وأكد أن قرارات إيران بشأن سورية «لا تعتمد على الشعارات أو التغيرات الشكلية، بل تُبنى على الأفعال».
وشدد على «أهمية تعاون دول المنطقة لتحقيق هدف إنشاء حكومة شاملة تضم جميع المكونات والجماعات السورية، مع الحفاظ على وحدة الأراضي والسيادة الوطنية السورية».
ولفت المدير العام السابق لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية، قاسم محب، إلى أنه على طهران تعديل سياساتها بما يتناسب مع الظروف الجديدة، مشيراً إلى أن السلطات الإيرانية تعي أن «سورية بحلّة جديدة ظهرت، حيث السلطة ستكون بيد أهل السنّة، وستقترب بالتالي أكثر من الدول العربية».
وشدد على أن العلاقات بين دمشق وأنقرة باتت تحظى بأهمية استراتيجية، معتبراً أنه على ما يبدو، «لم تعد لروسيا اليد العليا، وربما تحتفظ بعلاقات جيدة مع دمشق، لكنها لن تملك النفوذ السابق».
توقيف ومعارك
ميدانياً، أعلنت وزارة الداخلية السورية ضبط مستودع ذخيرة خلال عملية تمشيط بحي الزهراء على أطراف الحي القديم بحمص، مشيرة إلى أنها تمكّنت من إلقاء القبض على أحد مسؤولي كاميرات المراقبة في سجن صيدنايا سيئ السمعة، وقائد ميداني شارك بالعديد من المجازر بحق الشعب.
وبالتزامن، اشتدت المعارك الدائرة بين الفصائل المدعومة من أنقرة و«قسد» المدعومة أميركياً. وتحدثت «قسد» عن ارتفاع عدد قتلى الفصائل شرق منبج وأرياف سد تشرين إلى 72، إضافة إلى عشرات الجرحى وتدمير عشرات الآليات.
في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع التركية مقتل 5 عناصر من «حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب» في منطقتي عملية «نبع السلام» ومنبج.
وأمس، نفت «البنتاغون» إقامة قاعدة أميركية جديدة قرب مدينة كوباني لمحاربة «داعش»، فيما أفاد المرصد السوري عن دخول تعزيزات أميركية من إقليم كردستان باتجاه قاعدتي تل بيدر وقسرك بريف الحسكة.