البروفيسور رضا الحسن... خمسة عقود من العطاء

نشر في 06-01-2025
آخر تحديث 05-01-2025 | 18:48
 د. حمد محمد علي ياسين

بعد مسيرة تتجاوز الخمسين عاماً من العطاء العلمي والأكاديمي والتربوي، يتقاعد البروفيسور رضا الحسن أستاذ علوم الأحياء البحرية تاركاً إرثاً علميا مميزا في جامعة الكويت، التي ارتبط اسمه بها ارتباطاً وثيقاً، فقد شكّل البروفيسور رضا قدوة ومثالاً يُحتذى به في الإخلاص والتفاني لخدمة التعليم والبحث العلمي، ليبقى علامة فارقة في تاريخ الجامعة والمجتمع العلمي في الكويت.

بدأت مسيرة البروفيسور رضا الحسن في أواخر الستينيات عندما التحق بجامعة الكويت كطالب طموح، حيث حصل في عام 1970 على شهادة البكالوريوس في تخصص علم النبات والكيمياء، بعد ذلك كان من أوائل الطلبة الذين ابتُعثوا إلى الخارج للدراسات العليا، حيث نال درجة الدكتوراه في علوم الأحياء البحرية عام 1976، وهو تخصص نادر ومهم في ذلك الوقت، عاد إلى الكويت ليبدأ مسيرته الأكاديمية كعضو هيئة تدريس في كلية العلوم بجامعة الكويت، حيث لم يدخر جهداً في تعزيز مستوى التعليم والبحث العلمي، وطوال حياته المهنية تقلد البروفيسور رضا العديد من المناصب القيادية التي كان لها دور محوري في بناء جامعة الكويت، وشغل رئاسة قسم علوم الزراعة والمايكروبيولوجي لعدة فترات، وخصوصاً بعد التحرير، حيث عمل جاهداً على إعادة بناء القسم ومختبراته، كما شغل منصب مساعد نائب مدير الجامعة للأبحاث وعميداً لكلية العلوم لأكثر من ثمانية أعوام، ترك خلالها إرثاً من التطوير والتجديد، مما ساهم في تعزيز مكانة الكلية.

البروفيسور رضا الحسن كان رمزاً للعطاء في قاعات التدريس والمختبرات، حيث غرس في طلبته حب العلم وشغف البحث، وتتلمذ على يديه آلاف الطلبة، من البكالوريوس إلى الدراسات العليا، وأشرف على العديد ممن أصبحوا زملاء له لاحقاً، فعطاؤه لم يكن مجرد وظيفة، بل رسالة حملها بإخلاص، وأسهم في تخريج أجيال من العلماء الذين يمثلون اليوم ثروة الوطن وينقلون إرثه العلمي والقيمي.

بحثياً، يُعد البروفيسور رضا الحسن من القامات العلمية البارزة التي تركت أثراً كبيراً في مجال الأحياء البحرية، وهو مجال علمي حيوي ونادر ساهم من خلاله في إثراء المعرفة وتعزيز الفهم البيئي والبيولوجي في الكويت والمنطقة، ونشر البروفيسور رضا أكثر من 70 مؤلفاً علمياً بين أبحاث وكتب، تناولت مواضيع دقيقة وشاملة في علوم الأحياء البحرية، مما أضاف إلى المكتبة العلمية قيمة علمية مميزة، وأسهم في وضع الكويت على خريطة البحث العلمي الدولي في هذا المجال، وتضمنت أبحاثه دراسات معمقة حول النظم البيئية البحرية والتنوع البيولوجي والتغيرات البيئية التي تؤثر على السواحل والمياه الإقليمية في الكويت، مما جعل أعماله مرجعاً للباحثين والمهتمين بهذا المجال.

حصل البروفيسور رضا الحسن على العديد من الجوائز الرفيعة تكريماً لإسهاماته العلمية والأكاديمية، وكان من أبرزها جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي للإنتاج البحثي، التي تعكس قيمة إنجازاته ودوره الرائد في تطوير البحث العلمي، ولم يكن التقاعد بعد أكثر من خمسين عاماً من العطاء الأكاديمي في جامعة الكويت نهاية لرسالته العلمية، بل محطة جديدة لمواصلة الإسهام في خدمة المجتمع العلمي، إذ يقود البروفيسور رضا حالياً مجلس إدارة المركز العلمي، حيث يتولى مسؤولية مشروع توسعة المركز الذي سيعزز رسالة المركز ومكانته كمنارة لنشر الثقافة العلمية بالمجتمع.

في الختام، لا أعتقد أن أي مقال يمكن أن يفي البروفيسور رضا الحسن حقه الكامل، فقد كانت مسيرته نموذجاً للعطاء الذي لا يعرف حدوداً، ورحلة مميزة مليئة بالإنجازات التي تركت أثراً عميقاً في العلم والمجتمع، فهو رجل بدأ رحلة سيكملها من بعده طلبته وزملاؤه وكل من تأثر بعلمه وإخلاصه، ليظل إرثه العلمي والتربوي منارة تهتدي بها الأجيال القادمة في خدمة الوطن.

back to top