إسرائيل تسعى لتمديد اتفاق وقف النار في لبنان شهراً إضافياً
تل أبيب وحزب الله يتبادلان التهديدات ورفع السقوف عشية زيارة هوكشتاين لبيروت
• ضغوط دولية لانتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية في جلسة الخميس وسط «ممانعات» محلية
تصاعدت التهديدات بين إسرائيل و»حزب الله» بشأن اتفاق وقف إطلاق النار الذي أوقف الحرب التي استمرت بينهما نحو عام، في وقت يتطلع اللبنانيون لجلسة مجلس النواب المقررة الخميس المقبل لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وإنهاء حالة الشغور في منصب الرئيس المستمرة منذ انتهاء ولاية ميشال عون في 2022.
وينص الاتفاق الذي رعته الولايات المتحدة وفرنسا، على تراجع عناصر حزب الله إلى شمال نهر الليطاني (نحو 30 كلم شمال الحدود)، وتفكيك بنيته العسكرية في جنوب النهر وانتشار الجيش اللبناني في جنوب البلاد، حيث تعمل أيضاً قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل)، وانسحاب القوات الإسرائيلية خلال 60 يوماً.
وعشية وصول المبعوث الاميركي الرئاسي آموس هوكشتاين الى بيروت، اتهم وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، حزب الله بعدم التزام شروط الاتفاق الذي بدأ سريانه أواخر نوفمبر الماضي، محذراً من أن بلاده «ستضطر للتحرك» في حال تواصل ذلك.
وقال كاتس إن حزب الله لم ينسحب بعد إلى «أبعد من نهر الليطاني» في جنوب لبنان، أي الى منطقة شمال النهر، والابتعاد بالتالي عن حدود إسرائيل. وأضاف «في حال لم يتم تنفيذ هذا الشرط، فلن يكون ثمة اتفاق، وستضطر إسرائيل إلى التحرك بمفردها لضمان العودة الآمنة لسكان الشمال إلى منازلهم».
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعا لمناقشة أمنية عاجلة حول لبنان.
وأعلن الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، أمس الأول، أن حزبه قد يرد على «خروقات» إسرائيل لوقف إطلاق النار «قبل أو بعد» انتهاء مهلة الـ 60 يوماً، مضيفاً أن «الدولة اللبنانية مسؤولة عن أن تتابع مع الرعاة لتكف يد إسرائيل وتطبيق الاتفاق».
ورداً على سؤال حول تقارير عن إبلاغ تل أبيب واشنطن بأنها لن تنسحب من لبنان بعد انتهاء مهلة الـ 60 يوماً، قال مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله وفيق صفا، الذي نجا من غارة إسرائيلية خلال الحرب، في كلمة من موقع اغتيال الأمين العام السابق للحزب حسن نصرالله في ضاحية بيروت الجنوبية، «الجيش اللبناني ولجنة المراقبة لم تتبلغ هذا الأمر، لكن بعد انقضاء الـ 60 يوماً، فالأمر متروك لقرار حزب الله والمقاومة ماذا ستفعل، وكما قال الشيخ نعيم قاسم هذه مسؤولية الدولة التي وقّعت الاتفاق، وهي التي ستتابع إجراءات وقف إطلاق النار أو الخروقات».
والولايات المتحدة وفرنسا عضوان في اللجنة الخماسية التي تضم أيضاً لبنان وإسرائيل و»يونيفيل» والمكلفة الحفاظ على الحوار بين الأطراف مع تسجيل انتهاكات وقف إطلاق النار ومعالجتها.
وأشارت مصادر رفيعة لـ «الجريدة» بأن إسرائيل ترغب في تمديد الاتفاق شهراً إضافياً، لافتة إلى أن تل أبيب تعتبر أن الجيش اللبناني لا يستطيع تنفيذ الاتفاق بالشكل المناسب وبغطاء سياسي كامل قبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وأنه في حال فشلت جلسة البرلمان اللبناني المقررة الخميس في انتخاب رئيس، فإن الأمور ستكون مفتوحة على مخاطر، بالتالي من الأفضل تمديد الاتفاق بدل العودة إلى نقطة الصفر.
وكشفت المصادر أن الجانب الإسرائيلي يرغب في تمديد وقف النار بالاتفاق وليس من جانب واحد، مضيفة أن الجيش اللبناني يطلب في اللقاءات المغلقة مدة إضافية لتطبيق الاتفاق.
وعلى وقع الضغط الدبلوماسي القائم في سبيل انتخاب قائد الجيش جوزيف عون رئيساً للجمهورية، يتساءل البعض اذا كان انتخاب رئيس يحظى بموافقة إقليمية دولية هو الدافع الوحيد لتثبيت اتفاق وقف النار وتطبيقه وتوفير ظروف انسحاب الجيش الإسرائيلي من الجنوب، خصوصاً بعد زيارة الموفد السعودي يزيد بن فرحان إلى لبنان ولقائه مع مختلف المسؤولين وطرح معهم اسم قائد الجيش كمرشح يحظى بثقة المجتمع الدولي. في لبنان هناك من يراهن على المزيد من الضغط في سبيل إقناع القوى اللبنانية بانتخابه، كما أن هناك رهاناً على زيارة هوكشتاين الذي سيترأس اجتماع لجنة تطبيق اتفاق وقف النار، وسيتناول الملف الرئاسي. كذلك تشير مصادر متابعة إلى أن زيارة ثانية لوفد سعودي يتم التحضير لها خلال الأيام المقبلة.
حراك دبلوماسي ساهم في خلط الأوراق على الساحة اللبنانية، وهو ما تجلى في تكثيف ظهور مسؤولي حزب الله، وآخرهم صفا، الذي قال إن حزب الله ليس لديه أي «فيتو» على اسم قائد الجيش لرئاسة الجمهورية. ويأتي هذا الموقف في وقت تتسرب فيه الكثير من المعلومات عن رفض الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر لانتخاب قائد الجيش، ومن غير المعروف إذا كان موقف صفا يمثّل تحولاً يسري على حركة أمل أم لا، لا سيما أن حزب الله يؤكد الثبات على موقف موحد في التصويت مع رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وكان بن فرحان واضحاً في موقفه إزاء الاستحقاق خلال لقائه بري في عين التينة، تحدث بوضوح باسم قائد الجيش كمرشح أساسي لرئاسة الجمهورية، بناء على المواصفات التي جرى التوافق عليها بين الدول الخمس المعنية بلبنان. ليرد برّي بوضوح: «جوزيف عون لا يحظى بالتوافق بين مختلف الفرقاء، والمملكة جزء من الخماسية، وعندما زارني سفراء الدول الخمس أنا من طلبت منهم مساعدتنا في إنجاز الاستحقاق حول من نتوافق عليه، وقد وُعدت بأن تتم مساعدتنا في انتخاب الرئيس الذي يحظى بالتوافق، وقائد الجيش لا يتمتع بذلك».
في هذا السياق، ينتظر الكثير من اللبنانيين زيارة هوكشتاين ويعتبرون أنه سيتحدث بوضوح حول دعم قائد الجيش، ويؤكدون أن الضغط الأميركي سيتجلى في مسألة ربط الموافقة على انتخاب عون بإعادة الإعمار، وبتثبيت وقف النار في الجنوب، وأنه من دون انتخاب الرئيس القادر على الالتزام بتطبيق الاتفاق، فإن إسرائيل لن تنسحب وقد يرتفع منسوب التصعيد العسكري. وهذا ما يراد له أن يكون له عنصر الضغط الأساسي على بري والحزب، علماً بأن كليهما يؤكدان عدم الخضوع للضغوط. ساعات مفصلية يعيشها لبنان تتصل بانتخاب الرئيس وبتطبيق اتفاق وقف النار، وسط معلومات تفيد بأن هوكشتاين سيتحدث بوضوح حول ضرورة التزام حزب الله بالاتفاق والانسحاب الى شمال نهر الليطاني، لأنه من دون ذلك فإن إسرائيل لن تنسحب وستمدد بقاءها وستواصل عملياتها العسكرية.