في الصميم: هل قَرُبَ احتلال الحديدة؟

نشر في 06-01-2025
آخر تحديث 05-01-2025 | 20:11
 طلال عبدالكريم العرب

الأذرع الإيرانية تسببت في تدمير غزة واحتلالها، وليس مستبعداً أبداً أن يتسبب هذا الاحتلال في البدء بتنفيذ حفر قناة بن غوريون، الرابطة بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط مخترقاً غزة، فهو المخطط القديم والحلم الدائم لإسرائيل والمملكة المتحدة وفرنسا، كقناة بديلة عن قناة السويس التي انتزعها منهم عبدالناصر سنة 1956.

الأذرع الإيرانية تسببت في تدمير كل الجنوب اللبناني، وفرض سيطرة إسرائيلية عليه، كما تسببت في عهد النظام السوري البائد في استباحة جميع التراب السوري، وتقسيمه بين عدة دول وميليشيات، كان النظام السوري ضامناً لمنع أي هجمات تقضّ مضجع إسرائيل، وما إن سقط هذا الضامن حتى سارعت إسرائيل إلى احتلال جبل الشيخ العَصي، وإلى تمددها في مناطق من الجنوب السوري، وإلى تدمير معظم الترسانة العسكرية لسورية.

الميليشيات الحوثية وبصفتها ذراع إيران في اليمن قامت هي الأخرى بهجمات من الحديدة لعرقلة الشحن البحري في البحر الأحمر، وبهجمات عبثية ضد إسرائيل وكأنها موكلة بإثارة عش الدبابير، وها هي إسرائيل، وكأنها تنتظر هذه الهجمات، تقوم بتدمير منشآت نفطية، وكهربائية، وبحرية.

ما تقوم به الذراع الحوثية كان يمكن تلافيه منذ سنوات لو لم تعرقل أميركا وبريطانيا تحديداً التحالف العربي في تحرير الحديدة، وكأنهم يريدون لاحقاً ذريعة لاحتلالها، ويبدو أن الحوثيين وفّروا لهم تلك الذريعة، فالآن العالم كله متذمر من أفعالهم، وإسرائيل لديها العذر الدولي للقيام بعمل ما ضدهم.

فهل يصبح ميناء الحديدة، هذا الجزء الاستراتيجي من اليمن، هدفاً للاحتلال الأجنبي بدلاً من السماح بتحريره عربياً؟ وهل هناك نية أبعد تتعدى ذلك إلى باب المندب؟ وهل لا تزال تلك الأذرع العربية لإيران بذلك الغباء لتواصل ما تريده إسرائيل وحلفاؤها من تحرشات عبثية أضرت باليمن دون غيره؟ الوضع في اليمن يوحي بأن الحوثيين يُدفعون دفعاً إلى استكمال المخطط الإسرائيلي ــ الغربي.

فميناء الحديدة، الواقع على البحر الأحمر، له أهمية استراتيجية واقتصادية كبيرة في اليمن، وهو يقع على خطوط الملاحة الرئيسية التي تربط بين أوروبا وآسيا وإفريقيا، وهو ثاني أكبر ميناء يمني، والبوابة الرئيسية المفروضة من الغرب لدخول المساعدات والبضائع إلى اليمن، وهو المعبر إلى جزر حنيش المهمة، كما أنه يبعد عن مضيق باب المندب بحوالي 150 كيلومتراً، الممر الاستراتيجي الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن والمحيط الهندي، فهو معبر دولي للسفن التجارية والعسكرية.

أما أهمية جزر حنيش، التي تسيطر عليها القوات الشرعية، فهي عسكرية، لأنها تتحكم في حركة الملاحة في جنوب البحر الأحمر، وتعتبر موقعاً استراتيجياً لأي قوة تريد السيطرة على المنطقة.

ما نراه أن كل الأفعال التي قامت بها الأذرع الموالية للنظام الإيراني كانت تنفيذاً لأجندة وتخطيط مسبقين متفق عليهما منذ الانقلاب الدموي على شاه إيران وحتى يومنا هذا، فهل هناك المزيد من جرائم لتلك الأذرع قبل أن يستكمل ضدنا ذلك المخطط الشيطاني؟ فالأذرع الإيرانية نشيطة في العراق الغني، ويبدو أن هناك مرحلة لاحقة لاستكمال تمدد إسرائيل الكبرى فيه.

back to top