عودة الروح إلى الكويت

نشر في 06-01-2025
آخر تحديث 05-01-2025 | 21:12
No Image Caption

بتنظيمهم المشرف وإخراجهم المتقن لبطولة كأس الخليج السادسة والعشرين لدول مجلس التعاون العربية أثبت أبناء الكويت أنهم على مقدار الحدث وأن بإمكانهم إنجاز المهام الصعبة مهما بدت بعيدة، وأن باستطاعتهم أن يعودوا ببلادهم كي تحلق عالياً في سماء الإنجازات الفعلية بعيداً عن الاكتفاء بالشعارات واجترار إنجازات الماضي ليفاخروا بها.

اليوم بعدما نجحنا في تنظيم البطولة الخليجية بشكل فاق تصورنا ولقي إشادة أشقاء سبقونا على درب الحداثة وبناء المستقبل، يحق لنا أن نتحسر على ضياع فرصة مشاركة الكويت في تنظيم كأس العالم الأسطورية التي استضافتها الشقيقة قطر في عام 2022 فكانت بشهادة أكبر الرياضيين العالميين من أفضل النسخ المونديالية عبر التاريخ، إن لم تكن أفضلها بالفعل، فسامح الله من ضيع على الكويت هذه الفرصة!

لقد أثبت أبناء الكويت على مدار أيام «خليجي زين 26» أن بإمكانهم صنع الفرحة الجماهيرية التي كان أول من وضع يده عليها صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد في كلمات شكر مستحقة من سموه إلى اللجنة المنظمة والكوادر الوطنية التي تستحق منا كذلك كل شكر على ما بذلته من جهد، بل تستحق مع الشكر مكافأة قيمة تليق بجهودها التي أبرزت صورة مشرقة للبلاد، ورفعت رأسها عالياً بشهادة الجماهير الخليجية الشقيقة المشاركة في الفعالية.

غير أن تلك الصورة وهذه الروح الوثابة وهاتيك الفرحة التي غمرت الكويتيين وسائر ضيوفنا الكرام من جماهير دول مجلس التعاون ما كانت لتتحقق لولا بصيص من سياسة الانفتاح ورحابة الصدر وبشاشة الوجه مع زوار الكويت، فها هي البطولة قد سارت بكل أريحية بدون أن تشهد ما يعكر صفوها، مع صورة ناصعة رسمت في أذهان كل من جاء إلى بلادنا ليشجع ويحتفل ويتفقد معالم الكويت التي كانت مغطاة بغبار الانغلاق والآراء القاتمة الجوفاء بسبب سيطرة فكرة الهاجس الأمني... فماذا لو فتحنا هذا الباب قليلاً لاسيما ونحن نرى آثاره في السعودية التي يتدفق إليها خلق الله من كل حدب وصوب، من كل جنس ولون، من كل طائفة ودين، وقبلها دبي التي صارت مركزاً عالمياً وعاصمة يتقاطر عليها الزوار تقاطرَهم على العواصم الأوروبية، إن لم يكن أكثر، بل إن الأوروبيين أنفسهم وغيرهم باتوا يتجهون إليها مفضلين إياها على وجهات عالمية خلابة، كل ذلك دون أن يكون هناك هاجس أمني يدفع الشقيقتين المملكة والإمارات إلى غلق الأبواب وصد الزوار عن القدوم إليهما، لتضع كلتاهما قدمين لا قدماً واحدة في قطار العالمية المتسارع نحو المستقبل... ماذا على الكويت لو حذت حذوهما وفتحت أبوابها لكل راغب في المجيء إليها وزيارتها والاختلاط بأهلها؟!

ماذا علينا ـ نحن الكويتيين ـ لو أزلنا الحواجز التي صنعتها عقليات عفا عليها الدهر وأكل وشرب وتمضمض، مع حقنا في أخذ احتياطاتنا الأمنية المعقولة، على ألا تغدو تلك الاحتياطات هواجس أمنية معقدة كأسوار عالية خانقة، يتلو بعضها بعضاً، فتفصلنا عن دنيا الناس ومسرح الحداثة وقطار المستقبل؟!

ومن يدري فربما تكون تلك الدورة الخليجية التي كنا نتخوف من إقامتها خشية القصور وتخوفاً من ندرة الكفاءات، ربما تكون هدية القدر إلى بلادنا لتضعها على بداية طريق حقيقية لعودة الروح إلى مسيرتها وعودة الحياة إلى ترجمة أحلام تراود أفئدة أبنائها منذ سنوات لتغسل عن أثوابهم أدران الانعزال عن العالم والاحتماء بسراديب الخوف التي لا تخلف إلا ريبة وتراجعاً وخوفاً.

back to top