وأيضاً يجب تحصين الجنسية
منذ سنوات كتبت مرات عديدة عن ضرورة تحصين الجنسية الكويتية أو منع إسقاطها بعد مُضي سنوات معينة على التحصُّل عليها. كتبت لأكثر من مرة، وكأنني كنت على علم بما نمرُّ به اليوم، وهو الإسقاط أو السحب المتواصل لجنسيات مَنْ حُسب أو اعتُبر لدينا مواطناً كويتياً.
ليس هناك مشكلة في أن تُراجع الحكومة ظروف التحصُّل على الجنسية الكويتية، وأن تدقق في شرعية وقانونية عملية التجنيس، خصوصاً أننا نعلم تماماً أن التجنيس في الكويت خضع لتلاعب واسع قامت به أطراف كثيرة، ولأسباب ودوافع مختلفة. لهذا نتفهم ضرورة التوقف والتمحيص وإعادة النظر في الأمر.
لكن إذا كان ضرورياً إعادة فحص وتمحيص ما مُنح من جنسيات في أوقات ضياع الدولة وهيمنة مجاميع التخلف والفساد على القرار السياسي والإداري للحكومة، فإنه من الضروري أيضاً التذكير بأن سحب أو إسقاط الجنسية له تبعات وأضرار جسيمة تطول المتجنس، كما تطول مَنْ هم حوله وقُربه. لهذا من الحكمة والتحوط التأني في هذه المسألة، والنظر بجدية وتعمُّق في أخطار ومخلفات ما تتركه من آثار.
لذا أعتقد أن الحكومة، التي هي معنية حالياً بالنظر في قانون الجنسية والتدقيق فيما مُنح من جنسيات، يجب أن تمنح معالجتها لظاهرة أو ظواهر التجنيس والتجنس التي تفشت في السنوات السابقة الوقت الكافي والتدقيق الوافي، بحيث يتم تجنب ظلم أو الإضرار بمَنْ تجنَّس وفقاً للقانون وتماشياً مع اللوائح والقرارات.
كما أعتقد أن قانون الجنسية الجديد، أو التعديل المزمع له، يجب أن يتضمَّن، كما طالبت مراراً وتكراراً، «تحصين الجنسية الكويتية»، أي وضع فترة زمنية يُصبح فيها المجنَّس مواطناً محرَّم التشكيك فيه أو العبث بهويته.
إن هذا التحصين سيوفر الطمأنينة والأمان للكثير من المواطنين الذين يعتقدون أنهم مهدَّدون في أي وقت بالتخلي عنهم ونفيهم خارج الوطن.
إن إسقاط أو سحب أو فقد جنسية مواطن، حتى في حالة حفظ حقوقه وكفالة مستحقاته، يبقى طعنة من الصعب التشافي منها، لا للمعني بالقرار فقط، لكن لكل مَنْ حوله من أقارب أو حتى من رفاق ومعرفة.